أبو حفص عمروس بن فتح النفوسي المساكني
من أبناء جبل نفوسة، وُلد في طريق الحجِّ، ونشأ في قرية قطرس من أرض الرحيبات بجبل نفوسة.
عاصر الإمام أبا اليقظان محمد ابن أفلح، وتلقَّى علمه على مشايخ الجبل، إذ لم يشغله الجهاد في سبيل الله عن طلب العلوم والتفقُّه في الدين، حتى صار أعلم أهل زمانه، وعُرف بالحفظ والاجتهاد، والمعرفة والدراية.
تولَّى القضاء بجبل نفوسة في ولاية أبي منصور إلياس في أواخر أيام الدولة الرستمية – عهد الإمام أبي حاتم يوسف بن محمد بن أفلح – فكان مثالاً للقاضي العادل، جريئا في الحقِّ، شجاعاً بطلاً في ميدان النِّزال، حيث استدعاه أبو حاتم ليقضي على بدعة نفَّاث بن نصر صاحب الفرقة النفاثية، التي أخذت تفسد من ويغو إلى نفوسة، فقضى عليها وعلى نفَّاثها.
ذكر الدرجيني أَنـَّهُ همَّ أن يؤلِّف كتابا «في الفقه لَم يُسبق في طريقته، عزم أن يفرِّق العلم على ثلاثة أوجه: التنزيل، وَالسُّنـَّة، والرأي. وما يتعلَّق بِكُلِّ واحد منها من المسائل»، وعاجلته المنيـَّة قبل إنجاز هذا الكتاب.
يرجع إلى عمروس الفضل الكبير في إنقاذ مدوَّنة أبي غانم بشر ابن غانم الخراساني، حيث قام باستنساخها عندما ترك أبو غانم عنده نسخة أثناء توجُّهه إلى تيهرت، فاجتهد عمروس في تدوينها مستعينا بأخته التي كانت تملي عليه، ولولاه لأصبح فيِ عداد المفقودات.
ولعمروس عدَّة تصانيف في الفقه والعقيدة، فقد ألَّف كتابه المسمَّى بالعمروسي والمعنون بـ«الدينونة الصافية»، عندما أرسله إليه مشايخ من أهل فزان طالبين منه أن يؤلَّف كتابا في الأصول، والكتاب حاليا حقِّق وهو تحت الطبع.
كما أنَّ له «رسالة في الردِّ على الناكثة وأحمد بن الحسين»، (مخ).
ويذكر الدكتور عمرو خليفة النامي أنَّ أوَّل ذكر لمصطلح «الإباضية» في المغرب الإسلامي، جاء في الدينونة الصافية.
كان عمروس محظيا بقرب الشيخ محمد بن محبوب بالحجاز ولعلَّه أخذ عنه، وأخذت العلم عن عمروس أختـُه العالمة.
استشهد عمروس بواقعة مانو بين نفوسة وابن الأغلب سنة 283هـ/896م