بيانات المؤلف
محمد بن محمد بن محمد بن خليل القاهري أبي اليسر بدر الدين بن الغرس
| الديانة | مسلم |
| التوجه | سني |
| المذهب الفقهي | حنفي |
| المذهب العقدي | ماتريدي |
| العهد | متقدم |
| تاريخ الميلاد | 833 |
| تاريخ الوفاة | 894 |
مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن خَلِيل
بن عَليّ بن خَلِيل الْبَدْر أَبُو الْيُسْر القاهري الْحَنَفِيّ وَيعرف بِابْن
الْغَرْس / وَهُوَ لقب جده خَلِيل الْأَدْنَى. ولد فِي يَوْم الْجُمُعَة منتصف
الْمحرم سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِظَاهِر الْقَاهِرَة وَنَشَأ
فَقَرَأَ الْقُرْآن على الشهَاب بن المسدي وَقَالَ أَنه أكمل حفظه وَهُوَ ابْن تسع
وَصلى بِهِ إِمَّا فِي الْعَاشِرَة أَو الَّتِي تَلِيهَا وَحفظ الْمجمع والمنار
والتخليص وألفية النَّحْو وَعرض على شَيخنَا وَابْن الْهمام فِي آخَرين واشتغل فِي
الْفِقْه على ابْن الديري وَابْن الْهمام وَأبي الْعَبَّاس السرسي ولازمه وقتا
وَفِي الْعَرَبيَّة وأصول الدّين على أبي الْفضل المغربي وَفِي أصُول الدّين على
ابْن الْهمام وتلميذه سيف الدّين وعَلى ثَانِيهمَا وَغَيره فِي الْمعَانِي وَفِي
الْمنطق على الْبُرْهَان الْهِنْدِيّ وَغَيره وَمن شُيُوخه الْعَضُد الصيرامي
والأمين الأقصرائي وَآخَرُونَ، وَعرف بمزيد الذكاء وناب فِي الْقَضَاء عَن ابْن
الديري فَمن بعده وخالط كثيرا من المباشرين كالعلاء بن الأهناسي والتاج بن المقسي
وقتا فِي الشطرنج وَغَيره حَتَّى رتبا لَهُ فِي أَكثر الْجِهَات الَّتِي باشراها
وَكَذَا اخْتصَّ بالزيني بن مزهر وارتبط بِهِ دهرا وترفع عَن النِّيَابَة وَصَارَ
فِي عداد الشُّيُوخ بل اسْتَقر فِي مشيخة التربة الأشرفية بعد الكافياجي بتعب
كَبِير مَعَ كَون المتوفي كَانَ رغب عَنْهَا للبدر بن الديري وَفِي مشيخة الْجَامِع
الزيني ببولاق بعد النُّور بن الْمَنَاوِيّ وَفِي تدريس الْفِقْه بالجمالية
الجديدة بعد ابْن الأقصرائي وَكَذَا بقبة الصَّالح بعد سيف الدّين شَيْخه وَقصد
بِالْكِتَابَةِ فِي النَّوَازِل وَصَحب ابْن أُخْت مَدين وتلقن مِنْهُ الذّكر وذاق
تِلْكَ الْبَدَائِع الَّتِي من الْأَحْيَاء وَغَيره وَنظر فِي كَلَام الصُّوفِيَّة
وَلذَا كَانَ أحد من قَامَ على البقاعي بل وأجابه عَن الأبيات الَّتِي انتقدها من
تائية ابْن الفارض فِي مُصَنف مُسْتَقل وتلقى ذَلِك عَنهُ غير وَاحِد من طلبة
الْمشَار إِلَيْهِ وَغَيرهم وَفِيه الْكثير مِمَّا لَا يُعجبنِي وَلذَا قَالَ
البقاعي بعد قَوْله أَنه لَازم أَبَا الْفضل المغربي وانتفع بِهِ ونظم ونثر وَتقدم
فِي الْفُنُون وَمَات لَهُ فِي طاعون سنة أَربع وَسِتِّينَ ولدان كالغصنين فِي
يَوْم وَاحِد فرثاهما بقصيدة طَوِيلَة أَولهَا:
(لَيْت شعري والبين مر المذاق ... أَي شَيْء أغراكما بفراقي)
أَنه مكر الله بِهِ فَصَارَ من رُؤُوس الاتحادية التَّابِعين للحلاج وَابْن
عَرَبِيّ وَابْن الفارض وحزبهم انْتهى. وَكَذَا كتب على شرح متن العقائد شرحا
لطيفا بل شرح شَرحه للتفتازاني شرحا طَويلا وَعمل مؤلفا فِي أدب الْقَضَاء ورسالة
فِي التمانع وبرهان التمانع، وَقد حج وجاور غير مرّة مِنْهَا فِي سنة سبعين وأقرأ
الطّلبَة بِمَكَّة وَلم يَنْفَكّ هُنَاكَ أَيْضا عَن اللّعب بالشطرنج بل رَأَيْته
فِي يَوْم الْعِيد بمنى قبل أَن أنزلهَا وَهُوَ يلعبه مِمَّا لَو أخْبرت بِهِ
عَنهُ لارتبت فِيهِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بديع الذكاء والتصور مقتدر على
التَّعْبِير عَن مُرَاده مَعَ تفخيم الْعبارَات الَّتِي قد يقل محصولها وَحسن
النادرة والهيئة الَّتِي يتأنق فِيهَا ومشيه على قَاعِدَة المباشرين غَالِبا
وَسُرْعَة الْحَرَكَة وسلامة الصَّدْر والمحبة فِي الْإِطْعَام والفتوة وبذل الجاه
مَعَ من يَقْصِدهُ وخفض الْجَانِب لبني الدُّنْيَا والزهو على غَيرهم غَالِبا،
ومحاسنه أَكثر وَقد كتبت من نظمه فِي الْفَخر أبي بكر بن ظهيرة والشرف يحيى بن
الجيعان مَا أودعته فِي ترجمتيهما وَكَذَا مِمَّا كتبته مِنْهُ:
(النَّاس مثل الْأَرَاضِي فِي طبائعها ... فَمَا الَّذِي لَان مِنْهَا
كَالَّذي صلبا)
(وَقل فِي النَّاس من ترْضى سجيته ... مَا كل تربة أَرض تنْبت الذهبا)
وَقد سبقه الْقَائِل:
(النَّاس كالأرض ومنهاهم ... كم يَابِس فيهم وَمن لين)
(فجلمد تدمى بِهِ أرجل ... وإثمد يَجْعَل فِي الْأَعْين)
وَكَذَا من نظمه:
(يَا رب عونا على الْخطب الَّذِي ثقلت ... أعباؤه يَا غياثي فِي مهماتي)
(لطفت بِالْعَبدِ فِيمَا مضى كرما ... يَا رب فالطف بِهِ فِي الْحَال والآتي)
وَلم يزل على حَاله إِلَى أَن تعلل بِمَا امْتنع مَعَه من الرّكُوب وَصَارَ
ملقى فِي بَيته بِحَيْثُ تناقص حَاله وتعطلت أَكثر جهاته وَكَاد أَن يمل حَتَّى
مَاتَ فِي ربيع الثَّانِي سنة أَربع وَتِسْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وإيانا.
ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي.