بيانات المؤلف

الديانة مسلم
التوجه سني
المذهب الفقهي
المذهب العقدي
العهد متقدم
تاريخ الميلاد
تاريخ الوفاة

سليمان سيّد أحمد دنيا: مفكّر مصري معروف، وداعية وحدة.
ولد في قرية «سدود» التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية بمصر في 18/ 2/ 1910 م، وتخرّج في كلّية أُصول الدين بالأزهر، وحصل على الشهادة العالية عام 1938 م، ثمّ واصل دراساته العليا وحصل على الشهادة العالية من درجة أُستاذ عام 1945 م.
وفي عام 1950 م سافر إلى إنجلترا مبعوثاً من الأزهر لدراسة الفلسفة. وبعد سنوات قليلة أمضاها هناك عاد إلى مصر وعمل مدرّساً بكلّية أُصول الدين، وانتدب للعمل بالمؤتمر الإسلامي بالقاهرة، وتدرّج في سلك التدريس إلى أن صار أُستاذاً ورئيساً لقسم العقيدة والفلسفة عام 1966 م ووكيلًا لكلّية أُصول الدين عام 1967 م.
وقد أُعير في الستّينيات للتدريس في جامعتي القرويّين بالمغرب، وأُمّ درمان بالسودان. وفي السبعينيات عمل مديراً للمركز الإسلامي في نيويورك بضع سنوات، وبعد ذلك عمل أُستاذاً في جامعة أُمّ القرى‏ بمكّة المكرّمة، ثمّ عاد إلى مصر.
توفّي في القاهرة حوالي عام 1988 م دون أن يشعر بوفاته أحد، اللهمّ إلّامن خلال بضعة أسطر كتبها أحد القرّاء في بريد القرّاء بإحدى‏ الصحف اليومية في مصر!
يذكر الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري: أنّه ينقسم الإنتاج العلمي للدكتور سليمان دنيا إلى قسمين: كتب قام بتحقيقها، وكتب قام بتأليفها... وشهرته في مجال التحقيق أكثر من شهرته في مجال التأليف؛ فقد قام بتحقيق مجموعة من مؤلّفات الغزالي، هي: مقاصد الفلاسفة، معيار العلم، تهافت الفلاسفة، فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة، ميزان العمل. كما حقّق تهافت التهافت لابن رشد، والإشارات والتنبيهات لابن سينا، وحاشية الشيخ محمّد عبده على العقائد العضدية، واشترك أيضاً في تحقيق الشفاء لابن سينا والمغني للقاضي عبد الجبّار.
أمّا الكتب التي ألّفها فهي قليلة نسبياً، وأهمّها: الحقيقة في نظر الغزالي، التفكير الفلسفي الإسلامي. ولم ينجز من هذا الكتاب الأخير إلّاالجزء الأوّل. أمّا الجزء الثاني- والذي كان من المفروض أن يتناول فيه بالبحث أهمّ قضايا الفلسفة الإسلامية- فلم يخرج إلى الوجود. وبالإضافة إلى هذين الكتابين له بعض البحوث الأُخرى حول موضوعات:
الدين والعقل، مفهوم التصوّف، الشيخ محمّد عبده بين الفلاسفة والكلاميّين. وهناك أيضاً مقدّماته المستفيضة للكتب التي حقّقها، حيث تشتمل هذه المقدّمات على دراسات لأفكار وشخصيات المؤلّفين المعنيّين.
لقد اتّبع الدكتور سليمان دنيا في تحقيقه للنصوص الفلسفية الكثيرة التي قام بتحقيقها طريقة غير معتادة... فبدلًا من إثبات الفوارق بين النسخ في الهوامش يلجأ في كثير من تحقيقاته إلى ذكر الفروق الهامّة في داخل المتن مشيراً إلى ذلك بعبارة: «وفي نسخة أُخرى....» دون أيّ إشارة إلى طبيعة هذه النسخة الأُخرى، وبعض تحقيقاته تخلو من ذكر أيّ فروق في داخل المتن أو في الهوامش. فالذي يهمّه في المقام الأوّل هو إخراج نصّ صحيح للقارئ ولا يهمّه أن يكثر من الهوامش.
وقد كان ذلك من المآخذ التي أُخذت عليه، حيث خالف الطريق المعتادة في التحقيق، وهي طريقة المستشرقين الذين يعمدون إلى إثبات كلّ الفروق بين النسخ المختلفة في الهوامش.
ولكن سليمان دنيا كان يعيب طريقة المستشرقين، ويرى أنّ الدعوة إلى التأنّق والتفنّن في حشد أخطاء النسّاخ وأضاليلهم في كتب هي دعوة إلى التراخي والاستنامة، ويدافع عن طريقته في التحقيق قائلًا: «لم أشأ أن احتفظ في الهامش بكلّ الفوارق وأدع القارئ يختار». فهذه الطريقة في نظره لا تزيد على أن تكون جمعاً للنسخ المتعدّدة في مجلّد واحد، وفيها إرهاق للقارئ، وفضلًا عن ذلك فإنّه ليس فيها كبير نفع للعلم سوى حفظ الأُصول.
وفي هذا الصدد يعبّر عن وجهة نظره في الاستشراق بصفة عامّة مشيراً إلى أنّ الأساس الذي قام عليه الاستشراق لم يكن أساساً علمياً خالصاً، بل كان مرتبطاً بالسياسة أو ما يشبه السياسة. وبالإضافة إلى ذلك فإنّ الاستشراق قد خالطه كبرياء لا يليق بالعلم والعلماء.
ومن هنا يدعو سليمان دنيا علماء المسلمين إلى تطهير ساحتهم الفكرية من الاستعمار الغربي، كما طهّر الساسة البلاد من الاستعمار المادّي.
وفي مقدّمته لحاشية الشيخ محمّد عبده على العقائد العضدية ينتقد سليمان دنيا المنهج العقلي البحت للشيخ محمّد عبده، ويرى أنّه منهج يتّسم بالخطورة، فالشرع يرشد إلى خلافه، والأحاديث النبوية الصحيحة صريحة. وذلك كما يقول في وجوب الأخذ بما كان عليه النبي صلى الله عليه و آله وأصحابه، لا في وجوب أن يركب كلّ واحد رأسه ويؤمن بما يتأدّى إليه بحثه دون مرشد أو معين. ويرى سليمان دنيا أنّ المنهج الديني السليم هو منهج الاتّباع، وليس ترك الأمر للعقل يسير على حسب ما يتأدّى إليه بحثه إنكاراً أو إثباتاً.
وفي دراسته للغزالي «الحقيقة في نظر الغزالي»- والتي تعدّ أهمّ مؤلّفاته- يرى أنّ شكّ الغزالي قد مرّ بمرحلتين: مرحلة كان الشكّ فيها شكّاً خفيفاً من النوع الذي يعتري الكثير من الباحثين، ومرحلة كان الشكّ فيها عنيفاً هدّاماً، أي: أنّه في هذه المرحلة الثانية كان شكّاً حقيقياً مطلقاً، وليس شكّاً منهجياً، كما هو الحال لدى ديكارت. فالشكّ في المرحلة الأُولى كان يتمثّل في أيّ الفِرَق التي وجدها على حقّ؟ أمّا في المرحلة الثانية فقد كان شكّاً في ميزان الحقيقة. وقد خرج منه عن طريق النور الذي قذفه اللَّه في صدره وأعاد إليه الثقة في الضروريات العقلية.
ويذهب سليمان دنيا في هذه الدراسة أيضاً إلى القول: بأنّ مَن يريد دراسة الغزالي على أنّه مصلح ديني يعني بإرشاد الناس وتعليمهم فليدرسه في كتبه التي قدّمها للجمهور، ويدخل كتاب «التهافت» في عداد هذه الكتب. أمّا من يريد دراسة الغزالي ليعرف الحقيقة في نظره كما يعتقدها فليدرسه في كتبه التي ظنّ بها على الجمهور مثل كتاب «المضنون به على غير أهله» وكتاب «معارج القدس».
وقد استنتج سليمان دنيا من آراء الغزالي في هذين الكتابين أنّه كان- مثل غيره من الفلاسفة المسلمين- يقول بقدم العالم وأبديته، وبعدم علم اللَّه بالجزئيات والبعث الروحاني... وهي تلك الآراء التي أخذها الغزالي على الفلاسفة في كتابه «التهافت»، واعتبر القول بها خروجاً على الإسلام.
ولكن سليمان دنيا يرى أنّ لهذه القضايا تخريجات تبعد بها عن التخوّفات التي أبداها
علماء الكلام.
وقد كان سليمان دنيا يريد أن يشتمل كتابه «التفكير الفلسفي الإسلامي» على إيضاح الحلول الإسلامية للمسائل الفلسفية المتمثّلة في قضية الأُلوهية، ومسألة قدم العالم أو حدوثه، ومسألة البعث، ومسألة تجرّد النفس الإنسانية. ولكن الجزء الذي كان من المفروض أن يشتمل على بحث هذه القضايا لم يخرج إلى الوجود، واكتفى في الجزء الأوّل بمناقشة المادّيّين وأصحاب المذهب الوضعي منتصراً للفلسفة الإلهية. ويعبّر عن ذلك بقوله: «رأيت قبل الشروع في الفلسفة الإسلامية أن أُصفّي الحساب مع الفلسفة المادّية حتّى إذا ما تبيّن زيفها وبطلانها رفعنا أنقاضها من طريق الفلسفة الإسلامية لتسير بخطى فسيحة نحو غايتها التي تحقّق للإنسانية سعادتها».
ولمعرفة وحدوياته من المهمّ ملاحظة ما كتبه تقديماً لكتاب «الشيعة وفنون الإسلام» لمؤلّفه السيّد حسن الصدر، حيث يقول: «.... أمّا بعد: فمنذ بضعة أعوام خلت كتبت رسالة صغيرة بعنوان: «بين الشيعة وأهل السنّة»، ضمّنتها أملًا كبيراً ورغبة ملحّة في أن يتلاقى الشيعة وأهل السنّة عند مبادئ الأُخوّة والمحبّة والمودّة والمصافاة ونبذ ما غرسه أعداء الفريقين في النفوس من عوامل الفرقة والشقاق.
ودعوت إلى أن ينظر كلّ فريق إلى جهة نظر الفريق الآخر، نظرة العالم الذي يبحث عن الحق، ويدرك أنّ الحقّ أحقّ أن يتّبع.
وقلت: إنّه إذا كان الأثر الذي كنّا توارثناه عن سلفنا الصالح قد أكّد ضرورة الحرص على الحقّ أين وجد، وأعلن أنّ «الحكمة ضالّة المؤمن، أنّى وجدها التقطها ولو من فم كافر»، وأوضح أنّ العاقل لا يعرف الحقّ بالرجال، وإنّما يعرف الحقّ بالدلائل والبراهين، فإذا عرفه عرف به أهله، فقد أصبح لزاماً علينا- نحن الجيل- أن نحرص على الحقّ، وأن نأخذ أنفسنا به، وأن نجنّد أنفسنا للدعوة إليه، وأن نجتمع حوله غير ناظرين إلى ما دعانا إليه وعرّفنا به، اللهمّ إلّانظرة إكبار وإعظام وإجلال.
ومن المسلّم به لدى العقلاء أنّ الأُمور التي لم يبلغ العلم بها مبلغ اليقين تكون ملتقى‏
لوجهات نظر مختلفة.
ومن المسلّم به لديهم أيضاً ضرورة احترام كلّ واحد من الباحثين لوجهة نظر الآخرين في المسائل المتحمّلة لضروب من العراك الفكري، حتّى أنّهم ليختلفوا ويكونون في ذات الوقت أصدقاء وأحبّاء وأصفياء. ورحم اللَّه مَن يقول: «اختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية».
ولقد رفع الإسلام راية السماحة عالية، فقال في كتابه الكريم: ادْعُ إِلى‏ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ‏ (سورة النحل: 125).
وإذا كان الإنسان يحبّ لنفسه أن يستمتع بالحرّية فيقول ويعلن ما يهديه إليه بحثه وتفكيره، فلا يليق به أن ينكر على إنسان مثله حقّه في أن يقول ويعلن ما يهديه إليه بحثه وتفكيره كذلك.
وحسب المسلمين فخاراً أنّهم اجتمعوا على أُصول دينهم لم يختلفوا فيها، فالأُلوهية في أسمى‏ مكان من التقديس في نفوس المسلمين، وعقيدة البعث، والإقرار بالنبوّة، وحاجة البشر إليها، وختامها بسيّد ولد آدم (محمّد بن عبد اللَّه صلى الله عليه و آله)، وصدق القرآن الكريم، وما صحّ منه حديث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، كلّ أُولئك يحتلّ من نفوس جميع المسلمين مكانة لا تطاولها قداسة أيّ دين آخر في نفوس أتباعه.
قلت ذلك وأكثر من ذلك في رسالتي «بين الشيعة وأهل السنّة» رغم أنّي لم أقل في هذه الرسالة كلّ ما أُحبّ أن أقوله؛ نظراً لظروف الطبع وقت ذاك.
والآن يسعدني أن تتاح لي فرصة التقديم لكتاب «الشيعة وفنون الإسلام» الذي نحا فيه مؤلّفه السيّد الشريف (الحسن أبو محمّد) منحى ربّما يبدو غريباً لدى أهل السنّة.
وكتب: «أُريد أن تدرس الكتاب دراسة موضوعية، وتبيّن بالدلائل والشواهد مبلغ صدق القضية التي يعالجها الكتاب»... ولكنّي رأيت الأمر فوق طاقتي؛ لأنّ المؤلّف رضى الله عنه واسع الباع غزير الاطّلاع، يعرض لسائر العلوم الإسلامية والعربية، ويحكم عليها حكم المحيط بها الواقف في أسرارها العارف بعوامل نشأتها ومراحل نموّها، ومتابعة هذه العوامل وتلكم‏
المراحل تتطلّب حشد المتخصّصين في هذه العلوم، لاتّباع كلّ متخصّص، ويوافق المؤلّف عن بيّنة، أو يخالفه عن بيّنة.
وإذا فاتني أن أخوض في هذا المجال وأن أعرض لموضوع الكتاب عرضاً تحليلياً اتّكالًا على همّة المتخصّصين الذين أطمع في أن يتناولوا الكتاب بكّل ما هو جدير به من عناية واهتمام، فما أُحبّ أن يفوتني أن أقول كلمة ما أراها إلّامتابعة لما جاء في رسالتي:
«بين الشيعة وأهل السنّة»، تلكم هي: أنّ المؤلّف رضى الله عنه يدّعي سبق الشيعة في تأسيس العلوم الدينية والعربية، ويقدّم بين يدي دعواه أدلّة تبرّرها، ويدور كتابه حول بسط هذه الدعوى وإيضاح أدلّتها.
والناس أمام هذه الدعوى فريقان: فريق المتعلّمين، وهؤلاء لا يهتمّون بواضع العلوم ومؤسّسيها، وإنّما الشيعة وحدهم، أو هم أهل السنّة وحدهم، أو هؤلاء وهؤلاء. وفريق العلماء، وهؤلاء كما يهتمّون بالعلوم ذاتها، يهتمّون بنشأتها ومنشئها والأطوار التي تواردت عليها؛ إذ أنّ العلوم لها نشأة كنشأة عظماء الرجال، لهذا كان لها تاريخ عظماء الرجال كذلك.
ولهؤلاء أقول: إنّ كتاب «الشيعة وفنون الإسلام» جهد مشكور قام به صاحبه رضى الله عنه مساهمة منه في المهمّة المنوطة بأعناق علماء الإسلام، تلكم هي التاريخ لعلوم الإسلام، وما تستتبعه من علوم أُخرى، فلا ينبغي أن يقابل هذا الجهد الجبّار بنظرة سطحية تعتمد على عدم المبالاة وعدم الاكتراث. لا ينبغي أن يقال مثلًا: (هذه عصبية) أو (هذا تحدّ) أو نحو ذلك من أساليب القول التي يحتمي بها من لا يريد أن يجشّم نفسه مشقّة البحث والنظر.
نعم، لا ينبغي أن يقال هذا ولا شي‏ء منه؛ لأنّه لا داعي للعصبية، ولا داعي للتحدّث؛ لأنّ الشيعة كأهل السنّة مسلمون. واختلافهم مع أهل السنّة إنّما هو في مسائل لا ترتقي إلى مستوى الأُصول. وإذاً فهم أُخوة مسلمون، وسبقهم في بعض العلوم إنّما هو كسبق الأخ لأخيه، إن أثار تنافساً وحماساً فإنّه لا يثير خصومة ولا عداء.
وإذاً فلا مناص من إحدى اثنين: إمّا أن نطأطئ الرأس إجلالًا واحتراماً لما بذل المؤلّف من جهد ولما انتهى إليه من نتائج، وإمّا أن نقابل الجهد بجهد مثله ونتقدّم بما نظفر به من‏
نتائج مؤيّدة بأدلّة سليمة مقبولة.
وإنّي أتوجّه إلى اللَّه (جلّت قدرته) راجياً أن يطهّر النفوس ممّا علق بها من شوائب، وأن يملأها بمعاني الحبّ والتعاطف والتآخي، وأن يعيد للمسلمين وحدتهم، وأن يفقّههم في دينهم، ويبصّرهم بعاقبة أمرهم، ويوفّقهم للاهتداء بهدى الإسلام في سلوكهم ومعاملاتهم، ولتبليغ دعوة دينهم إلى خلق اللَّه كافّة، مبرهنين على جمالها وكمالها بالتزامهم لها ووقوفهم عند حدودها.
وفي هذا المقام يحلو لي أن أُشير إلى مفخرة من مفاخر المسلمين، بحقّ أن نعتزّ بها ونفاخر، تلكم هي كتب السيّد محمّد باقر الصدر التي ما أظنّ أنّ الزمن قد جاء بمثلها في مثل الظروف التي وجدت فيها... لقد أنتجت عبقريته الفذّة الكتب الآتية: «فلسفتنا»، و «اقتصادنا».
تلكم الكتب التي تعرض عقيدة الإسلام ونظم معاملاته عرضاً تبدو إلى جانبها الآراء التي تشمخ بها أُنوف الكفرة والملاحدة من الغربيّين وأذنابهم ممّن ينتسبون إلى الإسلام- وهم منهم براء- وكأنّها فقاقيع قد طفت على سطح الماء ثمّ لم تلبث أن اختفت وكأنّها لم توجد!
ألا فليقرأ هذه الكتب أُولئكم الذين حشوا رؤوسهم بهراء من القول وزيف من الخيال؛ ليتطهّروا بطهور الحقّ من رجس الباطل، وليبصروا نور الوجود، بعدما ضلّوا في بيداء العدم، وليجدوا أنفسهم بعد أن فقدوها.
ألا فليقرأ هذه الكتب شباب الإسلام المخدوع ببريق المدنية الكاذبة، وكيف يتيسّر لهم قراءتها وقد شغلوا بالهزل عن الجدّ، وبالباطل عن الحقّ؟! لأنّ الهزل والباطل قد اقتحما عليهم عقولهم، وقلوبهم في غفلة من الجدّ والحقّ.
ألا فليتعرّف على هذه الكتب؛ ليقوّموا بها نفوساً قد أعوجّت، وقلوباً قد أظلمت، وعقولًا قد أقفرت وأجدبت، حتّى هانت الدنيا على أصحابها، فسخروا منها؛ لأنّهم لم يحسّوا لها طعماً ولم يعرفوا لها قدراً، فساءت أحوالهم، وانحرف بهم سلوكهم، وضلّت عنهم‏
آمالهم، وأصبحوا بحالة تستوجب أن يخلقوا خلقاً جديداً».
https://ar.wikivahdat.com/wiki/%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86_%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A7
Loading...