الحي |
|
---|---|
الاسم | الحي |
نوع الاسم | الأسماء المطلقة: المفردة |
معلومات إضافية عن الاسم | ذهب بعض أهل العلم إلى أن اسم الله الحي مقرونا مع القيوم هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطى. مستدلين بحديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن اسم الله الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث، البقرة وآل عمران وطه». أخرجه ابن ماجه برقم (3856) والطحاوي في مشكل الآثار برقم(177) والطبراني في الكبير برقم (7758), والحاكم في المستدرك (1/ 505), والحديث حسنه المناوي كما في تحفة الذاكرين (ص 70), والألباني في السلسلة الصحيحة برقم(746). قال القاسم: -الراوي عن أبي أمامة- التمسته منها فعرفت أنه الحي القيوم. قال ابن تيمية رحمه الله: «ولهذا كان أعظم آية في القرآن: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... } [البقرة:255]، وهو الاسم الأعظم؛ لأنه استلزم جميع الصفات فلو اكتفى في الصفات بالتلازم لاكتفى بالحي». مجموع الفتاوى (18/311). وقال ابن القيم رحمه الله: «كان اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: آية الكرسي، وفاتحة آل عمران لاشتمالهما على صفة الحياة المصححة لجميع الصفات، وصفة القيومية المتضمنة لجميع الأفعال، ولهذا كانت سيدة آي القرآن وأفضلها» مختصر الصواعق (1/127). وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:«وإنما كان الاسم الأعظم في اجتماع هذين الاسمين؛ لأنهما تضمنا جميع الأسماء الحسنى؛ فصفة الكمال في {الحي}؛ وصفة الإحسان، والسلطان في {القيوم}».«تفسير: الفاتحة والبقرة» (3/ 257-258). و لم يقترن اسم الله الحي إلا باسمه القيوم.وذلك في ثلاثة مواضع: قول الله -عز وجل-: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [البقرة: 255]. وقوله -عز وجل-: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [آل عمران: 2]. وقال -عز وجل-: {وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما} [طه: 111]. وقد بين ابن القيم رحمه الله وجه اقترانهما بقوله: «عليهما مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليهما مرجع معانيها جميعها، فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، ولا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة، فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها استلزم إثباتها إثبات كل كمال يضاد نفي كمال الحياة وأما القيوم فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه، وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزته، فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة»بدائع الفوائد (2/410). وقال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: «واعلم أن هذين الاسمين، أعني: الحي القيوم مذكوران في القرآن معا في ثلاث سور كما تقدم، وهما من أعظم أسماء الله الحسنى، حتى قيل: إنهما الاسم الأعظم، فإنهما يتضمنان إثبات صفات الكمال أكمل تضمن وأصدقه.... واقترانه بالحي يستلزم سائر صفات الكمال، ويدل على بقائها ودوامها، وانتفاء النقص والعدم عنها أزلا وأبدا. ولهذا كان قوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [البقرة: 255]. أعظم آية في القرآن، كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم»«شرح الطحاوية» (1/ 90-91). وقال السعدي رحمه الله:«فـ (الحي): الجامع لصفات الذات، و(القيوم) الجامع لصفات الأفعال». «التفسير» ص(948). وقال ابن عثيمين رحمه الله: «وفي الجمع بين الاسمين الكريمين (الحي القيوم) استغراق لجميع ما يوصف الله به بجميع الكمالات؛ ففي الحي: كمال الصفات، وفي القيوم: كمال الأفعال، وفيهما جميعا كمال الذات، فهو كامل الصفات والأفعال والذات» «تفسير: آل عمران» (1/ 7). |
الأدلة على الاسم من القرآن | |
|
|
الأدلة على الاسم من السنة | |
|
|
صيغة أخرى من الاسم | |
|
|
سرد الأسماء ذات صلة | |
|
|
القائلون بثبوته | |
|
|
الصفة التي اشتق منها الاسم (المصدر) | الحياة |
نوع الصفة | صفة ذاتية لازمة معنوية يمكن تصور الذات مع عدمها |
معلومات إضافية عن الصفة | اسم الله الحي يتضمن صفة الحياة, وهي صفة ذاتية معنوية أزلية أبدية كاملة: لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال, تشمل جميع صفات الكمال.قال ابن القيِّم: «فإنه سبحانه حي حقيقة، وحياته أكمل الحياة وأتمها، وهي حياة تستلزم جميع صفات الكمال ونفي أضدادها من جميع الوجوه، ومن لوازم الحياة الفعل الاختياري فإن كل حي فعال، وصدور الفعل عن الحي بحسب كمال حياته ونقصها، وكل من كانت حياته أكمل من غيره كان فعله أقوى وأكمل وكذلك قدرته، ولذلك كان الربُّ سبحانه على كل شيء قدير وهو فعال لما يريد. وقد ذكر البخاري في كتاب خلق الأفعال عن نعيم بن حماد أنه قال: «الحي هو الفعال» وكل حي فعال فلا فرق بين الحي والميت إلا بالفعل والشعور».«شفاء العليل» (2/ 107). وقال الشيخ محمد خليل الهرَّاس رحمه الله: «الحي الذي له كمال الحياة؛ لأن حياته من لوازم ذاته، فهي أزلية أبدية، وكمال حياته يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال الذاتية له، من العزة والقدرة والعلم والحكمة والسمع والبصر والإرادة والمشيئة وغيرها؛ إذ لا يتخلف شيء منها إلا لنقص في الحياة، فالكمال في الحياة يتبعه الكمال في سائر الصفات اللازمة للحي».«شرح العقيدة الواسطية» (ص84). وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:«لأن معنى:{الحي} ذو الحياة الكاملة؛ ويدل على ذلك «أل» المفيدة للاستغراق؛ وكمال حياته تعالى: من حيث الوجود، والعدم؛ ومن حيث الكمال، والنقص؛ فحياته من حيث الوجود، والعدم؛ أزلية أبدية - لم يزل، ولا يزال حياً؛ ومن حيث الكمال، والنقص: كاملة من جميع أوصاف الكمال - فعلمه كامل؛ وقدرته كاملة؛ وسمعه، وبصره، وسائر صفاته كاملة» «تفسير البقرة» (3/ 251). وصفة الحياة لله تعالى من الصفات التي يكون إثباتها بالنقل والعقل معاً، كالقدرة، والعلم والعلو وغيرها. انظر: «الصفات الإلهية لأمان الجامي» (ص150). وقد فسّر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحياة بتفسيره لقوله تعالى:{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِر} [الحديد: 3] فقال: «أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء» رواه مسلم.. انظر: «أسماء الله وصفاته وموقف أهل السنه منها لابن عثيمين» (ص16). |
الأدلة على ثبوت الصفة من القرآن | |
|
|
الأدلة على ثبوت الصفة من السنة | |
|
|
الحكم | الإحياء: |
الأدلة على الفعل من القرآن | |
|
|
الأدلة على الفعل من السنة | |
|
|
دلالات الاسم | يدل اسم الله الحي على صفة الحياة الذاتية المعنوية, وعلى ذات الله تعالى بالمطابقة, ويدل على صفة الحياة وحدها وعلى ذات الله وحدها بالتضمن, ويدل على صفة الإحياء الفعلية المتعلقة بمشيئته وإرادته باللزوم, فإنه ما من موجود إلا وهو حي قائم محتاج في حياته لمن يوجده ويبث فيه الحياة, قال تعالى: ﵟوَٱللَّهُ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۗ ﵞ [آل عمران: 156].كما يدل كذلك اسم الله الحي باللزوم على صفات الكمال الأخرى. قال ابن القيم رحمه الله: «كاسم (الحي) مثلاً، فإنَّه دالٌ على الذات وعلى صفة الحياة بالمطابقة. ودالٌ على الذات وحدها وعلى صفة الحياة وحدها بالتضمن، ودالٌ على القدرة والسمع والبصر والعلم وغيرها من الصفات باللزوم»«فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى» (ص25). وقال السفاريني رحمه الله: «مما يجب (له) - سبحانه وتعالى، (الحياة) وهي صفة ذاتية ثبوتية، قديمة أزلية، تقتضي صحة العلم والقدرة لاستحالة قيامهما بغير الحي»«لوامع الأنوار البهية» (1/ 131). وقال الزحيلي: « والحياة صفة لله تعالى تستلزم اتصافه بالعلم والإرادة والقدرة»«التفسيرالمنير» (3/ 14). ومن الصفات التي يدل عليها كذلك باللزوم الغنى, قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «أنّ كمال حياته يستلزم غناه عن كل أحد»«تفسير: آل عمران» (1/ 17). ومن الصفات التي يدل عليه باللزوم كما سبق السمع والبصر, فإن هاتين الصفتين من أهم ما يستدل بهما على صفة الحياة, ولذلك وصف إبراهيم عليه السلام آله قومه بعدم السمع والبصر ليدلل على عدم حياتها قال تعالى: ﵟإِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ شَيۡـٔٗاﵞ [مريم: 42] قال ابن جرير رحمه الله في تفسير هذه الآية:«يقول ما تصنع بعبادة ما هذه صفته؟ اعبد الذي إذا دعوته سمع دعاءك، وإذا أحيط بك أبصرك فنصرك، وإذا نزل بك ضرّ دفع عنك»«التفسير» (18/ 203). وقال ابن القم رحمه الله: «ولهذا ذم الله تعالى آلهة الكفار، وعابها بسلب أوصاف الكمال عنها، فعابها بأنها لا تسمع ولا تبصر، ولا تتكلم ولا تهدي، ولا تنفع ولا تضر»«مدارج السالكين» (1/ 49). وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:«والحيُّ إما أن يكونَ سميعًا بصيرًا متكلمًا، أو أصمَّ أعمًى أخرسَ، والأولُ كمالٌ والثاني نقصٌ، واللهُ تعالى منزَّهٌ عن النقصِ، فوجب أن يكونَ سميعًا بصيرًا متكلمًا»«تفسير الشورى» (ص107). وقال السعدي رحمه الله: «فالحي من له الحياة الكامل المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك». «التفسير»(ص 110). كما أن أعظم ما يستلزمه اسم الله الحي صفة القيومية الجامعة لصفات الأفعال, فإن كل حي فعّال، والفرق بين الحي والميت بالفعل, قال ابن القيم رحمه الله :«ومن لوازم الحياة الفعل الاختياري؛ فإن كل حيّ فعّال، وصدور الفعل عن الحيّ بحسب كمال حياته ونقصها، فكل مَن كانت حياته أكمل من غيره كان فعله أقوى وأكمل، وكذلك قدرته، ولهذا كان الربُّ تعالى على كل شيء قدير، وهو فعَّال لما يريد. وقد ذكر البخاري في كتاب «خلق الأفعال» عن نعيم بن حماد أنه قال: «الحيُّ هو الفعّال، وكل حيّ فعّال».«شفاء العليل» (2/ 107), وانظر: «شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي» (1/ 107). |
شرح الاسم | معنى اسم الله الحي: لغة: قال ابن فارس: «(حي) الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خلاف الموت,....فأما الأول فالحياة والحيوان، وهو ضد الموت والموتان. ويسمى المطر حيا لأن به حياة الأرض. ويقال ناقة محي ومحيية: لا يكاد يموت لها ولد. وتقول: أتيت الأرض فأحييتها، إذا وجدتها حية النبات غضة»«مقاييس اللغة» (2/ 122). وقال الزجاج رحمه الله:«الحي في كلام العرب: خلاف الميت، والحيوان خلاف الموات».«اشتقاق أسماء الله» (ص102). اسم الله الحي شرعا: الحي: اسم من أسماء الله الحسنى، المتضمن للحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال وفناء, المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها. قال الزجاج رحمه الله: «الحي يفيد دوام الوجود، والله تعالى لم يزل موجودا ولا يزال موجودا». تفسير أسماء الله الحسنى (ص 56). وقال الزجاجي رحمه الله:« فالله عز وجل الحي الباقي الذي لا يجوز عليه الموت ولا الفناء عز وجل وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا. ولا تعرف العرب عن الحي والحياة غير هذا»«اشتقاق أسماء الله» (ص102). وقد نقل الطبري رحمه الله اختلاف أهل التأويل في معنى اسم الله الحي نجمله في التالي: فقال بعضهم: أنه وصف نفسه بالبقاء، ونفى الموتَ - الذي يجوز على من سواه من خلقه- عنها. فعن محمد بن جعفر بن الزبير:(الحي)، الذي لا يموت. وعن الربيع قوله: (الحي): حي لا يموتُ. وقال آخرون: معنى: (الحي): أنه المتيسِّر له تدبير كل ما أراد وشاء، لا يمتنع عليه شيء أراده، وأنه ليس كمن لا تدبير له من الآلهة والأنداد. وقال آخرون: أن له الحياةَ الدائمة التي لم تَزَل له صفةً، ولا تزال كذلك. وقالوا، إنما وصف نفسه بالحياة، لأن له حياة كما وصفها بالعلم، لأن لها علمًا, وبالقدرة، لأن لها قدرةٌ. ثم بين معنى اسم الله الحي بقوله: ومعنى ذلك عندي: أنه وصف نفسه بالحياة الدائمة التي لا فناءَ لها ولا انقطاع، ونفى عنها ما هو حالٌّ بكل ذي حياة من خلقه من الفناء وانقطاع الحياة عند مجيء أجله. فأخبر عبادَه أنه المستوجب على خلقه العبادة والألوهة، والحي الذي لا يموت ولا يبيد، كما يموت كل من اتخذ من دونه ربًّا، ويبيد كلُّ من ادعى من دونه إلهًا. واحتج على خلقه بأن من كان يبيد فيزول ويموت فيفنى، فلا يكون إلهًا يستوجب أن يعبد دون الإله الذي لا يبيد ولا يموت وأنّ الإله، هو الدائم الذي لا يموت ولا يبيد ولا يفنى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو. انظر: «التفسير» (6/ 157-158). وقال رحمه الله:«وأما قوله:(الحي) فإنه يعني: الذي له الحياة الدائمة، والبقاء الذي لا أول له بحد، ولا آخر له بأمد، إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حيا فلحياته أول محدود، وآخر ممدود، ينقطع بانقطاع أمدها، وينقضي بانقضاء غايتها»«تفسير الطبري» (5/ 386-387). وقال الخطابي رحمه الله: «الحي من صفة الله تعالى هو الذي لم يزل موجودا، وبالحياة موصوفا، لم تحدث له الحياة بعد موت، ولا يعترضه الموت بعد الحياة، وسائر الأحياء يعتورهم الموت أو العدم في أحد طرفي الحياة أو فيهما معا، و {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]». شأن الدعاء (ص 80) وقال ابن كثير -رحمه الله-: «الحي الذي لا يموت أبدا، الذي هو {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [الحديد: 3] الدائم الباقي السرمدي الأبدي» «التفسير» (6/ 118). وقال ابن القيم -رحمه الله- النونية (ص 211): والحي يتلوه فأوصاف الكما … ل هما لأفق سمائها قطبان. فالحي والقيوم لن تتخلف الـ … أوصاف أصلا عنهما ببيان. وعليه فمعنى اسم الله الحي: أنه يدل على صفة الحياة الكاملة التي تتضمن جميع صفات الكمال الذاتية, مع نفي ما يضادها من صفات النقص كالموت والنوم والسنة. وتستلزم جميع الصفات الفعلية, التي تنفي صفات النقص كالعجز واللغوب والظلم. |
المقتضى اللازم | إن من مقتضى اسم الله الحي أنه سبحانه دائم الحياة، له البقاء المطلق، لم يسبق وجوده عدم، ولا يلحق بقاؤه فناء {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده} [الفرقان: 56]. وهو الحي الذي كملت حياته، فلا يدخلها النقص بوجه من الوجوه، ولا يعتريها عيب ولا خلل؛ فلا مرض، ولا تعب {وما مسنا من لغوب} [ق: 38]، ولا سنة ولا نوم {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} [البقرة: 255]. فهو الحي: الذي لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، فلو نام لضاع الخلق، ولفسدت السموات والأرض كما جاء في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن الله -عز وجل- لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه» انظر: «النهج الأسمى، للنجدي» (2/70-71), و«موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (1/ 287). وقال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله شارحا قول الطحاوي في عقيدته: (لايشبهه الأنام): «لما نفى الشيخ رحمه الله التشبيه، أشار إلى ما تقع به التفرقة بينه وبين خلقه، بما يتصف به تعالى دون خلقه: فمن ذلك: أنه حي لا يموت، لأن صفة الحياة الباقية مختصة به تعالى، دون خلقه، فإنهم يموتون ...فالحي بحياة باقية لا يشبه الحي بحياة زائلة، ولهذا كانت الحياة الدنيا متاعا ولهوا ولعبا وأن الدار الآخرة لهي الحيوان، فالحياة الدنيا كالمنام، والحياة الآخرة كاليقظة، ولا يقال: فهذه الحياة الآخرة كاملة، وهي للمخلوق: لأنا نقول: الحي الذي الحياة من صفات ذاته اللازمة لها، هو الذي وهب المخلوق تلك الحياة الدائمة، فهي دائمة بإدامة الله لها، لا أن الدوام وصف لازم لها لذاتها، بخلاف حياة الرب تعالى. وكذلك سائر صفاته، فصفات الخالق كما يليق به، وصفات المخلوق كما يليق به»«شرح الطحاوية» (1/ 89-90). وهو الحيُّ القيُّوم الذي لكمال حياته، وقيوميته لا تأخذه سنةٌ ولا نوم. مالك السماوات والأرض الذي لكمال ملكه لا يشفع عنده أحدٌ إلا بإذنه». انظر: «طريق الهجرتين لابن القيم» (1/ 270). وكل كمال وجودي يمكن أن يتصف به الله سبحانه وتعالى وجب أن يثبت له، فواجب الوجود حي وإن باينت حياته الممكنات، فإن ما هو كمال للوجود إنما هو مبدأ العلم والإرادة، ولو لم تثبت له هذه الصفة لكان في الممكنات ما هو أكمل منه وجودا, مع أنه أعلى الوجودات وأكملها فيه. انظر: «تفسير المنار» (3/ 22). وكمال حياته سبحانه وتعالى يستلزم ثبوتها له ثبوت كل كمال يضاد نفيه كمال الحياة وخصص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح, ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه دون الأحياء المنقطعة حياتهم, فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم. انظر: «مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية» (ص41). وقد سمى الله سبحانه نفسه باسم الحي كما في قوله: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} والمخلوق يسمى باسم الحي كما في قوله {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} ولكن لكل منهما ما أضيف إليه من اسم الحي المتضمن صفة الحياة لا يشركه الآخر فيه فالآية الأولى أضيف الاسم فيها إلى الله فلا يشركه مخلوق في ذلك. والآية الثانية أضيف فيها الاسم إلى المخلوق، فلا يشركه الخالق في مدلوله الخاص وحينئذ فالخالق والمخلوق لا يتفقان إلا في الاسم والمعنى المطلق "كالحي ضد الميت " فكل من الخالق والمخلوق يسمى بحي ضد ميت، وفي هذا يكون الاشتراك فقط: وأما الحياة المضافة إلى الله فهي خاصة به حيث أنها كاملة ولم يبقها عدم ولن يطرأ عليها فناء، وحياة المخلوق تخصه فهي ناقصة حيث وهبت له بعد أن كان عدماً، ثم إنه يصير إلى الفناء والزوال وهذا معنى قول المؤلف، وليس الحي كالحي. انظر: «التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية» (1/ 56). |
المقتضى المتعدي | إن مقتضى اسم الله الحي يستلزم إثبات فعل الإحياء له سبحانه, فهو المحيي الذي أحيا الخلق بأن خلق فيهم الحياة, وأحيا الموات بإنزال الحياة وإنبات العشب وعنهما تكون الحياة وقال الله عز وعلا {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا}. انظر: «تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج» (ص56). وهو الحي الذي له وحده البقاء والدوام وما عداه من المخلوقات، يفنى ويموت ويبيد، قال تعالى: ﴿كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ﴾ [القصص: 88]. وهو الحي سبحانه الذي يحي الخلق بعد فنائهم, ويبعثهم بعد أن يصيروا رمما، قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ . قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: 78-79]. ومن مقتضى اسمه الحي أنه اختص الله نفسه بالإحياء والإماتة دون خلقه, بل تحداهم أن يخلقوا ولو ذبابا ولو اجتمعو له, قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡـٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ﴾ [الحج: 73], وهذا فيه رد على من ادعى أنه يمكنه خلق الحياة في المخابر التجريبية العلمية, مع محاولتهم لذلك وفشلهم, وقد أيقنوا أنه من مستحيل ذلك. ومن مقتضى اسمه الحي أنه حدّ الحدود لمن يتعدى على حياة الآخرين بغير حق, لأن الملك ملك الله, وبتشريع القصاص تحقيق للأمن والطمأنينة في المجتمعات. فقال تعالى: ﴿وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 179]. انظر: «ولله الأسماء الحسنى للمرعشلي» (ص65-69). ومن مقتضى اسمه الحي سبحانه أنه يخرج الأشياء من اضدادها, فإن الحياة ضد الموت, والبعث ضد الفناء, فهو سبحانه يخرج الضد من ضده. قال تعالى: ﴿يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَمُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتِ مِنَ ٱلۡحَيِّۚ ﴾ [الأنعام: 95], وقال تعالى: ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلۡأَخۡضَرِ نَارٗا فَإِذَآ أَنتُم مِّنۡهُ تُوقِدُونَ﴾ [يس: 80]. «فأخبر سبحانه بإخراج هذا العنصر الذي هو في غاية الحرارة واليبوسة من الشجر الأخضر الممتلئ بالرطوبة والبرودة، فالذي يخرج الشيء من ضده هو الذي يفعل ما أنكره الملحد من إحياء العظام وهي رميم» «مختصر الصواعق لابن القيم» (ص87). انظر: «المنهاج الأسنى لزين شحاتة»(130). والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام, ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات, ﴿وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ . ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ﴾ [فاطر: 34-35] |
الأثر المترتب على الإيمان بالاسم | من ثمرات الإيمان بهذا الاسم: 1 ـ أن من عرف أن الله تعالى حي, وأن حياته دائمة، توكل عليه حق التوكل، يقول الله عزّ وجل: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ} [الفرقان: 58] . قال ابن كثير -رحمه الله-: «أي: في أمورك كلها كن متوكلا على الله الحي الذي لا يموت أبدا، الذي هو {الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [الحديد: 3] الدائم الباقي السرمدي الأبدي، الحي القيوم رب كل. شيء ومليكه، اجعله ذخرك وملجأك، وهو الذي يتوكل عليه ويفزع إليه، فإنه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك» «التفسير» (6/ 118). وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «ومن كمال حياته عز وجل أنه أهل لأن يعتمد عليه».«شرح العقيدة الواسطية» (1/ 187). «وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه، دون الأحياء المنقطعة حياتهم، فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم، والتوكل اعتماد العبد على الله في كل الأمور»«فتح القدير للشوكاني» (4/ 97). 2 ـ أن التعبد لله عزّ وجل باسمه (الحي) يوجب التعبد لله سبحانه بجميع صفاته وأسمائه الحسنى كلها وأن آثارها إنما هي آثار لاسمه سبحانه (الحي).قال ابن القيم رحمه الله: «انتظم هذان الاسمان -الحي القيوم- صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة، فكأن المستغيث بهما مستغيث بكل اسم من أسماء الرب تعالى، وبكل صفة من صفاته، فما أولى الاستغاثة بهذين الاسمين أن يكونا في مظنة تفريج الكربات وإغاثة اللهفات وإنالة الطلبات». بدائع الفوائد (2/ 184). 3 ـ إذا علم العبد أن الله -جل جلاله- الحي الذي لا يموت، والإنس والجن يموتون، وكل شيء هالك إلا وجهه؛ أيقن أن لا أحد يستحق أن يعبد إلا الحي، قال تعالى: {هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين} [غافر: 65]. قال الطبري رحمه الله: «و(الحي) الذي لا يموت ولا يبيد، كما يموت كل من اتخذ من دونه ربا، ويبيد كل من ادعي من دونه إلها، واحتج على خلقه بأن: من كان يبيد فيزول ويموت فيفنى، فلا يكون إلها يستوجب أن يعبد دون الإله الذي لا يبيد ولا يموت، وأن الإله هو الدائم الذي لا يموت ولا يبيد ولا يفنى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو». «التفسير» (6/157). 4- ومن مقتضى الإيمان بهذا الاسم أن يلهج المؤمن به لما له من تأثير عظيم في حياة القلوب, يقول الإمام ابن القيم رحمه الله «فذِكْر الله ومحبّته وطاعته والإقبالُ عليه ضامنٌ لأطيبِ الحياة في الدُّنيا والآخرة، والإعراضُ والغفلة عنه ومعصيته كفيلٌ بالحياة المنغّصة والمعيشةِ الضَّنْك في الدُّنيا والآخرة»«مدارج السالكين» (4/ 162). 5 ـ أن الإيمان بمقتضى اسم الله الحي يثمر الزهد في هذه الحياة الدنيا الفانية وعدم الاغترار بها؛ لأنه مهما أعطي العبد من العمر فلا بد من الموت، أما الحياة الدائمة التي يهبها (الحي القيوم) لعباده المؤمنين فهي في الدار الآخرة في جنات النعيم، وهذا الشعور يدفع المسلم إلى الاستعداد للآخرة والسعي لنيل مرضات الله عزّ وجل في الحياة السرمدية في جنات النعيم, والله سبحانه هو الذي يهب أهل الجنة الحياة الدائمة الباقية التي لا تفنى ولا تبيد, قال تعالى: ﴿وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ﴾ [العنكبوت: 64]. انظر: «ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبدالعزيز الجليل» (ص136). 6-ومن آثار الإيمان بخصائص اسم الله الحي أن لا يتجرأ الإنسان ويعتدي على حياة الآخرين بإزهاقها أو انتحار نفسه, فإن الله تعالى كرّم الإنسان في هذه الحياة وشرع له دينا يضمن له حفظ روحه وماله وعرضه وعقله وكل ضرورياته ليقيم شرعه, فإذا تعدى على ما حرمه عليه توعده بعقابه قال تعالى: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا ﴾[النساء: 93], وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا ﴾ [النساء: 29]. |