المتكبر

الاسم المتكبر
نوع الاسم الأسماء المطلقة المقترنة
معلومات إضافية عن الاسم ورد اسم الله المتكبر في موضع واحد في القرآن فقط, مقرونا مع غيره من الأسماء في أخر سورة الحشر. قال الله تعالى: }هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ‌الْمُتَكَبِّرُ{ ]الحشر:23[. قال الطاهر بن عاشور رحمه الله في بيان وجه تتابع هذه الأسماء وما دلت عليه من الصفات بقول:«ووجه ذكر هذه الصفات الثلاث عقب صفة المهيمن أن جميع ما ذكره آنفا من الصفات لا يؤذن إلا باطمئنان العباد لعناية ربهم بهم وإصلاح أمورهم وأن صفة المهيمن تؤذن بأمر مشترك فعقبت بصفة العزيز ليعلم الناس أن الله غالب لا يعجزه شيء. واتبعت بصفة الجبار الدالة على أنه مسخر المخلوقات لإرادته ثم صفة ‌المتكبر الدالة على أنه ذو الكبرياء يصغر كل شيء دون كبريائه فكانت هذه الصفات في جانب التخويف كما كانت الصفات قبلها في جانب الإطماع».«التحرير والتنوير» (28/ 122-123). وكذلك بيّن ابن القيم رحمه الله وجه اقتران هذه الأسماء ببعضها بقوله: «ولهذا جعل سبحانه اسمه الجبّار مقرونًا بالعزيز والمتكبر، وكل واحد من هذه الأسماء الثلاثة يتضمن الاسمين الآخرين، وهذه الأسماء الثلاثة نظير الأسماء الثلاثة، وهي: الخالق البارئ المصور، فالجبار المتكبر يجريان مجرى التفصيل لمعنى اسم العزيز، كما أن البارئ المصور تفصيل لمعنى اسم الخالق، فالجبّار من أوصافه يرجع إلى كمال القدرة والعزة والمُلْك، ولهذا كان من أسمائه الحسنى» «شفاء العليل» (1/ 396-397).
الأدلة على الاسم من القرآن
  1. قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ]الحشر: الآية: ٢٣].
الأدلة على الاسم من السنة
  1. عن ابن عمر رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية ذات يوم على المنبر {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}]الزمر:67[ ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده، ويحركها يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار، أنا ‌المتكبر، أنا الكريم. فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر حتى قلنا ليخرن به» أخرجه الإمام أحمد برقم, (5515)، والنسائي في الكبرى، برقم (7649)، وابن حبان برقم (7327)، وابن أبي عاصم في السنّة برقم (546), وابن خزيمة في التوحيد برقم (95،96). وصححه الألباني في الصحيحة برقم (3196).
صيغة أخرى من الاسم
  1. الكبير
  2. الأكبر
سرد الأسماء ذات صلة
  1. العظيم فالعِظَمُ: خلاف الصغر. وعَظَّمَ الأمر: كبَّره، وأعظمه واستعظمه: رآه عظيما، فهو مُعْظمٌ. والتعظيم: التبجيل، والعظمة: الكبرياء. والتعظُّمُ في النفس: هو الِبْرُ والزّهْوُ والنَّخْوةُ، والعظمة والعظموت: الكبرُ.
    والمتكبر قال ابن سيده: الكبْر: نقيضُ الصِّغر، وكبّر الأمْر: جعله كبيراً، والتكبير: التَّعْظيم، والتَّكبّر والاستكبار: التَّعظُّم، والكِبْر: الرِّفعة في الشَّرف، والكبرياء: المُلْك، كقوله تعالى: (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ) (يونس: 78).
    الجبار:
    عن عبد الله بن عمر، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: «يأخذ الجبار سماواته وأرضه بيده، وقبض بيده فجعل يقبضها ويبسطها» ، ثم يقول: «أنا الجبار، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟» رواه أحمد برقم (5414), وابن ماجه برقم(198), وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/1327).
القائلون بثبوته
  1. ورد ذكره عند الجميع باستثناء اين منده, والأصبهانيّ, وابن القيِّم.
الصفة التي اشتق منها الاسم (المصدر) الكبرياء, والتكبر
نوع الصفة صفة ذاتية فعلية لازمة
معلومات إضافية عن الصفة التكبّروالكبرياء صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ المختصة به ولا تليق بأحد سواه. قال الأزهري رحمه الله: «وهذه الصفة لا تكون إلا لله خاصة، لأن الله جل وعز هو الذي له القدرة والفضل الذي ليس لأحد مثله، وذلك الذي يستحق أن يقال له المتكبر، وليس لأحد أن يتكبر لأن الناس في الحقوق سواء، فليس لأحد ما ليس لغيره، فالله المتكبر جل وعز» تهذيب اللغة (10/120), وانظر: «تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج» (ص35). وأصل الكبر والكبرياء: الامتناع وقلة الانقياد. انظر: «معالم التنزيل للبغوي» (8/ 88), و«التفسير القرطبي» (18/ 47), و«البستان في إعراب مشكلات القرآن لابن الأحنف اليمني» (3/ 379). والكبرياء: العظمة والملك، لأن الكبرياء عند العرب: الملك، قال الله تعالى: {وَتَكُونَ لَكُمَا ‌الْكِبْرِيَاءُ فِي الأرْضِ}]يونس:87[. أي: الملك. وقيل: هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود، ولا يوصف بها إلا الله تعالى». انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثرلابن الأثير» (4/ 140), و«الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي» (2/ 529), و«شرح المصابيح لابن الملك» (3/ 101). وقال القرطبي رحمه الله: «فالكِبرِيَاءُ والعَظَمَةُ مِن أوصافِ كمالِ الله تعالى واجبان له؛ إذ ليست أوصافُ كمالِ الله وجلالُهُ مُستفادةً مِن غيره، بل هي واجبة الوجود لذواتها، بحيثُ لا يجوزُ عليها العدَمُ ولا النقص، ولا يجوزُ عليه تعالى نقيضُ شيءٍ من ذلك، فكمالُهُ وجلالُهُ حقيقةٌ له؛ بخلاف كمالنا، فإنَّه مستفادٌ مِنَ الله تعالى، ويجوزُ عليه العدَمُ وطروءُ النقيضِ والنقصِ». «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (1/ 286). قال ابن تيمية: «فالكبرياء والعظمة له بمنزلة كونه حيًّا قيومًا قديمًا واجبًا بنفسه، وأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير، وأنه العزيز الذي لا ينال، وأنه قهار لكل ما سواه» مجموع الفتاوى (6/138), وانظر: «صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة للسقاف» (ص286). وصفة الكبرياء من الصفات الجامعة للمعاني يقول الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله: «الصفات الجامعة كالعظمة والكبرياء والملك والجلال مثلا ; لأنها يشتق منها العظيم ‌المتكبر والجليل والملك»«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (7/ 273). والكبرياء في صفات الله مدح، وفي صفات المخلوقين ذمٌّ. ففي الحديث الصحيح عند أبي داود برقم(4090), عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال فيما يرويه عن ربّه تبارك وتعالى أنّه قال: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصَمْتُهُ ثُمَّ قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ».انظر: «تفسير القرطبي» (18/ 47), و«النكت والعيون للماوردي» (5/ 514). قال الزجاج رحمه الله: «وهذه الصفة لا تكون إِلَّا للَّهِ جلَّ ثناؤُه خاصةً لأن الله تبارك وتعالى هو الذي له القدرَة والفضلُ الذي ليس مثله، وَذَلِكَ يَسْتحقُ أن يقال له: المتكَبر، وليس لأحدٍ أنْ يتكبر لأن الناس في الحقوق سواء. فليس لأحدٍ مَا ليْسَ لِغَيره واللَّه جل ثناؤُه المتكبرُ»«معاني القرآن وإعرابه» (2/ 376). وقال قوام السنة الأصبهاني رحمه الله: «والكبرياء مما تفرد الله به فمن نازعه ‌الكبرياء قصمه، فلا ينبغي لأحد أن يتكبر على أحد، وينبغي أن يتواضع، فمن تواضع رفعه الله تعالى، قال الله عز وجل: {وله ‌الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}»«الحجة في بيان المحجة» (1/ 141). وأما المقارنة بين صفتي الكبرياء والعظمة لله عزوجل فيقول ابن تيمية رحمه الله بعد بيانه أنهما من خصائص الربوبية:«والكبرياء أعلى من العظمة؛ ولهذا جعلها بمنزلة الرداء، كما جعل العظمة بمنزلة الإزار» «مجموع الفتاوى» (10/ 196), بل جعل الكبرياء أكمل من العظمة ومتضمن لها حيث قال: «وفي قول (الله أكبر) إثبات عظمته؛ فإن الكبرياء يتضمن العظمة، ولكن الكبرياء أكمل؛ ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الصلاة والأذان بقول: (الله أكبر) فإن ذلك أكمل من قول: (الله أعظم)». «مجموع الفتاوى» (10/ 253).
الأدلة على ثبوت الصفة من القرآن
الأدلة على ثبوت الصفة من السنة
الحكم
الأدلة على الفعل من القرآن
  1. قال تعالى: { الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ } ]الحشر: ٢٣].
الأدلة على الفعل من السنة
  1. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته». رواه مسلم.
  2. عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»رواه أبو داود برقم(873), والنسائي برقم(1049), وأحمد برقم(23300), وصححه الألباني في صحيح أبي داود (417).
دلالات الاسم القاعدة في هذا الباب أن كل اسم يدل على ذات الله والصفة المختصة به بطريق المطابقة، وعلى أحدهما بطريق التضمن، وعلى الصفة الأخرى بطريق اللزوم. انظر:«الإيمان لابن تيمية» (ص148). وعليه فاسم الله المتكبر يدل على صفة الكبرياء والتكبر وذات الله تعالى بالمطابقة, ويدل على الصفة وحدها أو على ذات الله مجردة بالتضمن, قال الله تعالى: {وَلَهُ ‌الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ}]الجاثية: 27[. ويدل باللزوم على صفة الغنى, فهو الغني سبحانه عن خلقه المتكبر على أن يتخذ معه شريك في فيما يختص به, لذلك يقول الله تبارك وتعالى كما في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك» رواه مسلم. ويدل اللزوم كذلك على صفة القيومية والعظمة والجبروت والقهر, فتكبره سبحانه وتعالى على خلقه دليل عظمته وجبروته وترفعه, وقهره لهم, ولذلك جعل منازعته في كبريائه منازعة له فيما هو من خصائصه, فكان وصفه بالمتكبر مدح وثناء, ووصف منازعه بالتكبر وصف ذم واستنقاص. قال تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر:35].
شرح الاسم لفظ (المتكبر) لغةً: على زنة (متفعِّل) من صيغ اسم الفاعل من تكبر فهو متكبر من الكبرياء. والكاف والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِلاف الصِّغَر. يقال: هو كَبيرٌ، وكُبَار، وكُبَّار. انظر: مقاييس اللغة لابن فارس (5/153), و«اشتقاق أسماء الله للزجاجي» (ص241). والتكبر: شدة الكِبر. انظر: «التحرير والتنويرلابن عاشور» (24/ 51). والمتكبر: الشديد الكبرياء، وصيغة التفعل هُوَ متفعل من الْكبر وأصل تفعل فِي الْكَلَام مَوْضُوع لمن تعاطى الشَّيْء وَلَيْسَ هُوَ من أَهله, يُقَال تحلّم فلَان وتعظّم, فهي تدل على التكلف لكنها استعملت هنا في لازم التكلف وهو القوة لأن الفعل الصادرعن تأنق وتكلف يكون أتقن. انظر: «تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج» (ص35), و«التحرير والتنويرلابن عاشور» (28/ 122-123). وأما التاء في المتكبر: فهي تاء التفرد، والتخصص بالكبر، لا تاء التعاطي والتكلف. انظر: «شأن الدعاء للخطابي» (ص: 48), و«الإفصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة» (6/ 318), و«النهاية في غريب الحديث والأثرلابن الأثير» (4/ 140). اسم الله المتكبرشرعًا: قال قتادة رحمه الله (المتكبر): تَكَبَّرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ, أو:عن كلّ شر, أو عن كل سوء. انظر: «تفسير عبد الرزاق» (3/ 301), و«تفسير الطبري » (23/ 304), و«الحجة في بيان المحجة للأصبهاني» (1/ 159). الهداية الى بلوغ النهاية لأبي طالب» (11/ 7411). وقال مقاتل: «المتعظم عن كل سوء».«تفسير مقاتل» (4/ 286). وقال الخطابي -رحمه الله-: «(المتكبر): المتعالي عن صفات الخلق، ويقال: هو الذي يتكبر على عتاة خلقه إذا نازعوه العظمة فيقصمهم». «شأن الدعاء» (ص: 48). وقال الزجاج رحمه الله:«‌الْمُتَكَبِّرُ: الذي تكبر عن ظلم عِبَادِه». «معاني القرآن وإعرابه» (5/ 151). وانظر: «البحر المحيط في التفسيرلأبي حيان» (10/ 149). وقال ابن أبي زمنين رحمه الله: «المتكبر: الَّذِي يتكبّر على خلْقه».«تفسير القرآن العزيز» (4/ 374). قال البغوي رحمه الله: «‌المتكبر: الذي تكبر عن كل سوء. وقيل: المتعظم عما لا يليق به».«معالم التنزيل» (8/ 88). وقال القرطبي رحمه الله: «المتكبر: الذي تكبر بربوبيته فلا شيء مثله، وقيل: المتكبر عن كل سوء، المتعظم عما لا يليق به من صفات الحدث والذم، وقيل: المتكبر معناه: العالي، وقيل: معناه الكبير؛ لأنه أجل من أن يتكلف كبرا». «التفسير» (18/ 47). وقال ابن تيمية رحمه الله: «المتكبر المتعالي بالحق».«بيان تلبيس الجهمية» (6/ 610). وقال ابن الأثير رحمه الله: «العظيم ذو الكبرياء، وقيل: المتعالي عن صفات الخلق، وقيل: المتكبر على عتاة خلقه». «النهاية في غريب الحديث والأثر» (4/ 140), وانظر:«الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي» (2/ 529). قال البيضاوي رحمه الله: «‌الْمُتَكَبِّرُ الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصاناً»«أنوار التنزيل» (5/ 203). وقال السعدي -رحمه الله-: «الذي له الكبرياء والعظمة، المتنزه عن جميع العيوب والظلم والجور» «التفسير» (ص: 854). وقد جمع الماوردي رحمه الله معاني اسم الله (المتكبر) مما تفرق في كلام المفسرين بقوله: «المتكبر: فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ‌المتكبر عن السيئات. الثاني: المستحق لصفات الكبر، والتعظيم ، الثالث: ‌المتكبر عن ظلم عباده»«النكت والعيون» (5/ 514). وعليه فاسم الله المتكبِّر يدل على وصف الله سبحانه بالكبرياء الدال على العظمة والامتناع والترفع، فالله جل جلاله مترفع عن الاتصاف بكل نقص وعيب وسوء، ومترفع عن مماثلة ذاته لذوات المخلوقين، وصفاته لصفات المخلوقين، وأفعاله لأفعالهم، وهذا متضمن لثبوت الكمال له سبحانه وتعالى في ذاته، وصفاته، وأفعاله.
المقتضى اللازم اسم الله المتكبر الدال على أنه سبحانه ذو الكبرياء، الذي يدل في اللغة على الامتناع والترفع، فالله عزّ وجل ـ لعظمته وجليل صفاته وأفعاله ـ قد امتنع عن كل نقص وترفّع عنه، والتاء في المتكبِّر ليست تاء التعاطي والتكلف كما هي في الأصل اللغوي للكلمة، وإنما هي تاء التفرد والاختصاص؛ لهذا جاءت تفاسير هذا الاسم كلها بالإشارة إلى اختصاص الله عزّ وجل بهذه الصفة وانفراده بها، وعدم استحقاق غيره لها إلا على الوجه المذموم، وأنها لا تُحمد إلا في حق الله عزّ وجل وحده لا شريك له. انظر: تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (35), وشأن الدعاء للخطابي ص(48). وقال السعدي رحمه الله:«الكبير في ذاته، وفي أسمائه، وفي صفاته، الذي من عظمته وكبريائه، أن الأرض قبضته يوم القيامة، والسماوات مطويات بيمينه، ومن كبريائه، أن كرسيه وسع السماوات والأرض، ومن عظمته وكبريائه، أن نواصي العباد بيده، فلا يتصرفون إلا بمشيئته، ولا يتحركون ويسكنون إلا بإرادته. وحقيقة ‌الكبرياء التي لا يعلمها إلا هو، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، أنها كل صفة كمال وجلال وكبرياء وعظمة، فهي ثابتة له، وله من تلك الصفة أجلها وأكملها، ومن كبريائه، أن العبادات كلها، الصادرة من أهل السماوات والأرض، كلها المقصود منها، تكبيره وتعظيمه، وإجلاله وإكرامه، ولهذا كان التكبير شعارا للعبادات الكبار، كالصلاة وغيرها»«التفسير» (ص544).
المقتضى المتعدي الله سبحانه هو وحده الملك وما سواه مملوك، وهو وحده الرب وما سواه مربوب، وهو الخالق وحده وما سواه مخلوق، المتفرّد سبحانه وتعالى بصفات الكمال والجمال والعظمة والجلال، لا يلحقه فيها نقص بحال من الأحوال. وأما العبد فهو كاسمه عبد مملوك مربوب مخلوق، مقامه الذل والخضوع والعبودية لربه وحده لا شريك له. وأعظم ما قد يتكبر عنه العبد تكبره عن عبادة الله عزّ وجل وحده لا شريك له، والخضوع والإذعان لأوامره تبارك وتعالى ، كما هو شأن إمام المتكبرين إبليس، قال تعالى: ﵟ‌إِلَّآ ‌إِبۡلِيسَ ٱسۡتَكۡبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَﵞ [ص: 74]. فكان ذلك سببًا في هلاكه وشقائه في الدنيا والآخرة، وكان سبب في هلاك وشقاء كل من استكبر عن عبادة الله عزّ وجل وطاعته من الأمم والطغاة والعتاة الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم. وقد توعّد الله كل مستكبر عن عبادته وطاعته، بالخلود في العذاب، فقال تعالى: ﵟإِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ ‌دَاخِرِينَ ﵞ [غافر: 60]. وفي الحديث القدسي عن النبي  قال: «يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما عذبته»رواه أبو داود برقم(4090), وابن ماجه برقم(4174), وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم(4211). انظر: النهج الأسمى للنجدي (108-109), وموسوعة العقيدة (5/2591). يقول القرطبي رحمه الله: «فالتكبُّرُ والتعاظُمُ خُرقٌ مِنَّا، ومستحيل في حقِّنا؛ ولذلك حرَّمهما الشرع، وجعلهما من الكبائر؛ لأنَّ مَن لاحظَ كمالَ نفسه ناسيًا مِنَّةَ الله تعالى فيما خصَّه به، كان جاهلاً بنفسه وبربِّه، مغترًّا بما لا أصلَ له، وهي صفةُ إبليسَ الحاملةُ له على قوله: أَنَا خَيرٌ مِنهُ وصفةُ فرعونَ الحاملةُ له على قوله: }أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى{ ولا أقبَحَ ممَّا صارا إليه؛ فلا جَرَمَ كان فرعونُ وإبليسُ أَشَدَّ أهلِ النار عذابًا؛ نعوذ بالله من الكِبرِ والكفر. وأمَّا مَن لاحظ مِن نفسه كمالاً، وكان ذاكرًا فيه مِنَّةَ الله تعالى عليه به، وأنَّ ذلك مِن تفضُّله تعالى ولطفه، فليس مِنَ الكِبرِ المذمومِ في شيء، ولا مِنَ التعاظُمِ المذموم، بل هو اعترافٌ بالنعمة، وشُكرٌ على المِنَّة»«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (1/ 287). من آمن أن الله تعالى أكبر من كل شيء وأجل من كل شيء، وأعلى من كل شيء، وكل شيء أمامه سبحانه حقير ضئيل ضعيف، فله الكمال والعظمة التامة المطلقة سبحانه؛ أورث ذلك كله في قلب العبد محبة لربه وثقة وإجلالا. انظر: «موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (2/ 247).
الأثر المترتب على الإيمان بالاسم من علم أن الله سبحانه هو وحده المستحق لصفة التكبّر وآمن بمقتضى هذا الاسم تواضع لله عزّ وجل، ونفى عن نفسه أوصاف التعاظم والتعالي، فأخلص في عبادته لله، وتواضع لخلقه، ولم ير نفسه إلا عبدًا ذليلاً لخالقه وموالاه، وليس له على خلقه مزية ولا فضل إلا بما فضله سبحانه به من العلم أو الإيمان، أو الجاه والسلطان، فكل ذلك يرجع في حقيقته إلى ربه المنعم المتفضل وحده جلّ جلاله. ومن أثر الإيمان بهذا الاسم أيضًا تحقق الخوف من حصول الوعيد الشديد الذي توعّد الله عزّ وجل ورسوله صلّى الله عليه وسلّم كل متكبّر، كما في قوله تعالى: (فَٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ ‌تَسۡتَكۡبِرُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ) [الأحقاف: 20]. وفي قوله سبحانه: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر»رواه مسلم، فيبتعد العبد العاقل عن هذا الوصف المذموم. انظر: «موسوعة العقيدة» (5/2592). قال القرطبي رحمه الله: «فالمتكبِّرُ يلَاحِظ ترفعَ نفسِهِ على غيره بسببِ مزيَّةِ كمالها فيما يراه، والمعظِّمُ يلَاحِظ كمالَ نفسه مِن غير ترفعٍ لها على غيره، وهذا التعظيمُ هو المعبَّرُ عنه بالعُجبِ في حقِّنا إذا انضَاف إليه نِسيانُ مِنَّةِ الله تعالى علينا فيما خصَّنا به مِن ذلك الكمال»«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (1/ 286). وقال: «ولمَّا تقرَّر أنَّ الكِبرَ يستدعي متكبَّرًا عليه، فالمتكبَّرُ عليه إن كان هو اللهَ تعالى، أو رُسُولَهُ، أو الحَقَّ الذي جاءت به رسلُهُ؛ فذلك الكِبرُ كُفر. وإن كان غَيرَ ذلك؛ فذلك الكِبرُ معصيةٌ وكبيرة، يُخَافُ على المتلبِّس بها المُصِرِّ عليها أن تُفضِيَ به إلى الكُفر، فلا يدخُلُ الجنَّة أبدًا»«المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (1/ 288). ويقول الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله: في قول الله تعالى: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا}]الأعراف:13:[ «ويفهم من الآية أن ‌المتكبر لا ينال ما أراد من العظمة والرفعة، وإنما يحصل له نقيض ذلك. وصرح تعالى بهذا المعنى في قوله { إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلا كِبْرٌ ‌مَا ‌هُمْ ‌بِبَالِغِيهِ }]غافر:56[, وبين في مواضع أخر كثيرا من العواقب السيئة التي تنشأ عن الكبر، أعاذنا الله والمسلمين منه، فمن ذلك: أنه سبب لصرف صاحبه عن فهم آيات الله، والاهتداء بها كما في قوله تعالى: }سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق{ ]الأعراف:146[. ومن ذلك أنه من أسباب الثواء في النار كما في قوله تعالى: }أليس في جهنم مثوى للمتكبرين{ [النحل:29] ، وقوله: }إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون{ [الصافات:35]. ومن ذلك أن صاحبه لا يحبه الله تعالى كما في قوله: }لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين{ [النحل:23]. ومن ذلك أن موسى استعاذ من المتصف به ولا يستعاذ إلا مما هو شر، كما في قوله: }وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب{ [غافر:27] إلى غير ذلك من نتائجه السيئة، وعواقبه الوخيمة، ويفهم من مفهوم المخالفة في الآية: أن المتواضع لله جل وعلا يرفعه الله»«أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (2/ 10-11). يقول ابن عثيمين -رحمه الله- عن الكبر: «فالذي في قلبه كبر، إما أن يكون كبرا عن الحق وكراهة له، فهذا كافر، مخلد في النار ولا يدخل الجنة؛ لقول الله تعالى: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم} [محمد: 9]، ولا يحبط العمل إلا بالكفر كما قال تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة: 217]، وأما إذا كان كبرا على الخلق وتعاظما على الخلق، لكنه لم يستكبر عن عبادة الله، فهذا لا يدخل الجنة دخولا كاملا مطلقا لم يسبق بعذاب؛ بل لابد من عذاب على ما حصل من كبره وعلوائه على الخلق، ثم إذا طهر دخل الجنة» شرح رياض الصالحين (3/ 540 - 541). وبترك الكبر يكون التواضع لله بالفعل ولسائر الخلق بالمواظبة على أخلاق المتواضعين المتبعين لسنة سيد المرسلين، وأن يدرك المتكبر أن الذي يتكبر عليه أو يسخر منه قد يكون خيرا منه عند الله، ولينظر كل ما يقتضيه الكبر من الأفعال فليواظب على نقيضها حتى يصير التواضع له خلقا، فإن القلوب لا تتخلق بالأخلاق المحمودة إلا بالعلم والعمل. فإن كان التكبر بسبب القوة، فالعلاج: أن يعلم أن القوة لله جميعا، ويعلم ما سلط عليه من العلل والأمراض، وأنه لو تألم له أصبع أو عرق من عروق بدنه لتألم، وصار أعجز من كل عاجز، وأذل من كل ذليل، ثم إن من البهائم ما هو أقوى منه بكثير، فمن كانت هذه حاله فما يليق به الكبر. انظر:«موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (2/ 251).
Loading...