القيوم

الاسم القيوم
نوع الاسم الأسماء المطلقة: المفردة
معلومات إضافية عن الاسم ذهب بعض أهل العلم إلى أن القيوم هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب, وإذا سئل به أعطى. مستدلين بحديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن اسم الله الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث، البقرة وآل عمران وطه». أخرجه ابن ماجه برقم (3856) والطحاوي في مشكل الآثار برقم(177) والطبراني في الكبير برقم (7758), والحاكم في المستدرك (1/ 505), والحديث حسنه المناوي كما في تحفة الذاكرين (ص 70), والألباني في السلسلة الصحيحة برقم(746). قال القاسم: -الراوي عن أبي أمامة- التمسته منها فعرفت أنه الحي القيوم. قال ابن تيمية رحمه الله: «ولهذا كان أعظم آية في القرآن: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... } [البقرة:255] ، وهو الاسم الأعظم؛ لأنه استلزم جميع الصفات فلو اكتفى في الصفات بالتلازم لاكتفى بالحي». مجموع الفتاوى (18/311). وقال ابن القيم رحمه الله: «كان اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: آية الكرسي، وفاتحة آل عمران لاشتمالهما على صفة الحياة المصححة لجميع الصفات، وصفة القيومية المتضمنة لجميع الأفعال، ولهذا كانت سيدة آي القرآن وأفضلها» مختصر الصواعق (1/127). كما أنه لم يذكر اسم القيوم في القرآن إلا مقرونًا باسمه الحي؛ وذلك لأن الحياة متضمنة جميع صفات الكمال، والقيوم متضمن كمال الغنى والقدرة ودوام ذلك بلا انتهاء. قال ابن القيم ـ عن هذين الاسمين (الحي القيوم) ـ: «عليهما مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليهما مرجع معانيها جميعها، فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، ولا يتخلف عنها صفة منها إلا لضعف الحياة، فإذا كانت حياته تعالى أكمل حياة وأتمها استلزم إثباتها إثبات كل كمال يضاد نفي كمال الحياة وأما القيوم فهو متضمن كمال غناه وكمال قدرته، فإنه القائم بنفسه لا يحتاج إلى من يقيمه بوجه من الوجوه، وهذا من كمال غناه بنفسه عما سواه، وهو المقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته، وهذا من كمال قدرته وعزته، فانتظم هذان الاسمان صفات الكمال والغنى التام والقدرة التامة»بدائع الفوائد (2/410). وقال السعدي:«فـ (الحي): الجامع لصفات الذات، و(القيوم) الجامع لصفات الأفعال». التفسير ص(948).
الأدلة على الاسم من القرآن
  1. قال الله تعالى: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُلَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ }]البقرة: ٢٥٥[.
  2. قال الله تعالى:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}]آل عمران: ٢[.
  3. قال الله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}]طه: ١١١[.
الأدلة على الاسم من السنة
  1. عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ, دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ, لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, الْمَنَّانُ, بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ, يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ, يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ "فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ؛ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» أبوداود برقم(1495), وابن ماجه برقم(3858), وصححه الألباني في صحيح أبي داود (5/233).
  2. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَرَبَهُ أَمْرٌ قَالَ:« يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ». رواه الترمذي برقم(3524), والنسائي في الكبرى برقم(10330), وحسنه الألباني في الصحيحة برقم(227).
صيغة أخرى من الاسم
  1. القيّم
  2. القيّام
سرد الأسماء ذات صلة
  1. الغني:
    قال الله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ}]الأنعام: ١٣٣[.
    قال رسول الله r :«قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه». رواه مسلم.
    الواسع:
    قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}]البقرة: ١١٥[.
    قال تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}]النساء: ١٣٠[.
القائلون بثبوته
  1. ذكره عند الجميع بلااستثناء.
الصفة التي اشتق منها الاسم (المصدر) القيومية
نوع الصفة صفة اختيارية ذاتية فعلية لازمة لها تعلق بالمشيئة
معلومات إضافية عن الصفة صفة القيومية لله تعالى ذاتية وفعلية, وقد جاءت هذه القيومية مفسرة بقوله «لا تاخذه سنة ولا نوم», ففي نفي السنة والنوم عنه إثبات كمال ضد ذلك, وهو كمال حياته وقيوميته  ,لأن النفي إن لم يكن متضمنا كملا لا يعتبر مدحا. فالنفي عدم محض والعدم المحض كاسمه عمد محض لا مدح فيه, ولأنه لا يوصف بالعدم المحض إلا المعدوم أو الممتنع ,والله جلا وعلا موصوف بالكمال في النفي و الإثبات . قال ابن تيمية: «ولهذا كان من تمام كونه قيومًا لا يزولُ لأنه لا تأخذه سِنَة ولا نوم، فإن السنة والنوم فيهما زوال ينافي القيومية، لما فيهما من النقص بزوال كمالِ الحياة والعلم والقدرة، فإن النائم يحصل له من نقص العلم والقدرة والسمع والبصر والكلام وغير ذلك ما يظهر نقصه بالنسبة إلى الشيطان. ولهذا كان النوم أخا الموت» جامع المسائل (1/55). فصل في معنى (الحي القيوم). قال السعدي رحمه الله:« والقيوم هو كامل القيومية الذي قام بنفسه، وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقامت به الأرض، والسماوات، وما فيهما من المخلوقات،فهو الذي أوجدها، وأمدها، وأعدّها لكل ما فيه بقاؤها، وصلاحها، وقيامها، فهو الغني عنها من كل وجه، وهي التي افتقرت إليه من كل وجه، فالحي، والقيوم من له صفة كل كمال، وهو الفعال1 لما يريد الذي إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون، وكل الصفات الفعلية، والمجد، والعظمة، والجلال ترجع إلى اسمه القيوم» تفسير أسماء الله الحسنى ص(192). كما يمكن القول أيضا: إن صفة القيومية صفة ذاتية باعتبار، وفعلية باعتبار؛ فالله سبحانه وتعالى قائم بنفسه، ومقيم لغيره جل وعلا. الصفة تشبه صفة الكلام من حيث كونها صفة ذاتية فعلية. انظر: جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف للطويان (1/307).
الأدلة على ثبوت الصفة من القرآن
  1. قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ}]الأنبياء:٤٢[.
الأدلة على ثبوت الصفة من السنة
الحكم أقام, يقيم.
الأدلة على الفعل من القرآن
  1. قال الله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ}]الرعد: ٣٣[.
الأدلة على الفعل من السنة
دلالات الاسم إن الاسم من أسماء الله تبارك وتعالى يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة, ويدل دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم, فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن, وكذلك على الذات المجردة عن الصفة, ويدل على الصفة الأخرى باللزوم. انظر: مدارج السالكين لابن القيم (1/55). واسم الله القيوم يدل على ذات الله تعالى وعلى صفة القيومية معا بالمطابقة, ويدل على الذات وحدها مجردة, أو على صفة القيومية بالتضمن, كما يدل باللزوم على الصفات الأخرى كالوجود والبقاء والغنى بالنفس وسائر أنواع الكمال في الذات والصفات والأفعال، فجميع الأسماء الحسنى تدل على صفة القيومية باللزوم ما عدا القيوم فإنه يدل عليها بالتضمن، ولولا صفة الحياة والقيومية ما كملت بقية أسمائه وصفاته وأفعاله فدوام الحياة والقيومية من دلائل دوام الملك والربوبية وكمال الصفات الإلهية. انظر: أسماء الله الحسنى في الكتاب والسنة، للرضواني (2/ 157). قال السعدي - رحمه الله -: «وقوله: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، هذان الاسمان الكريمان يدلان على سائر الأسماء الحسنى دلالة مطابقة وتضمنا ولزوما، فالحي من له الحياة الكاملة المستلزمة لجميع صفات الذات، كالسمع والبصر والعلم والقدرة، ونحو ذلك، والقيوم: هو الذي قام بنفسه وقام بغيره، وذلك مستلزم لجميع الأفعال التي اتصف بها رب العالمين من فعله ما يشاء من الاستواء والنزول والكلام والقول والخلق والرزق والإماتة والإحياء، وسائر أنواع التدبير، كل ذلك داخل في قيومية الباري، ولهذا قال بعض المحققين: إنهما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب، وإذا سئل به أعطى، ومن تمام حياته وقيوميته أن {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} البقرة: 255، والسنة النعاس"تفسير السعدي (1/ 110).
شرح الاسم القيوم لغةً: على زنة (فيعول) من قام يقوم وهو وزن مبالغة، وأصله قَيْوُوم فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمتا. التحرير والتنوير لابن عاشور(3/ 18). وقال الفراء: صورة القيوم :من الفعل. الفيعول. انظر تاج العروس للزبيدي (33/ 315).وتهذيب اللغة للأزهري (7/ 323). وشرعا: لقد ذكر أهل العلم في تفسير اسم الله القيوم معان كثيرة منها مايلي: -قال الربِيع بنِ أنسٍ: (الْقَيُّومُ): قَيِّمٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَكْلَؤُهُ وَيَرْزُقُهُ وَيَحْفَظُهُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، نحو ذلك. انظر تفسير ابن جرير (5/388). - وقال مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: الْقَائِمُ عَلَى مَكَانَتِهِ الَّذِي لا يَزُولُ . انظر تفسير ابن أبي حاتم ( / 586 ). - قَالَ مُجَاهِدٌ الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ . انظر: تفسير ابن جرير (3/388), وتفسير البغوي (1/312). - وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ, وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الَّذِي لَا يَزُولُ. انظر تفسير البغوي(1/312). -وقال السُّدي: هو القائم. انظر: تفسير ابن جرير(5/388). وقال ابن منده : «ومعنى القيوم القائم الدائم في ديمومية أفعاله وصفاته، وعلى كل نفس بما كسبت. كتاب التوحيد ص(324), والحجة في بيان المحجة للتيمي(1/129). -وقال ابن جرير: القائم برزق ما خلق وحفظه، كما قال أمية: لم تخلق السماء والنجوم.... والشمس معها قمر يعوم قدره المهيمن القيــوم... والجسر والجنة والجحيم إلا لأمر شأنه عظيم. انظر: التفسير(5/388), وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي(4/268). -وقال الخطابي : القيوم القائم الدائم بلا زوال.انظر: شأن الدعاء (80). وقد بين الإمام ابن منده رحمه الله معنى من قال أنه (لا يزول) بقوله:«وعند أهل البصر بالعربية أن معنى لا يزول لا يفنى ولا يبيد، لا أنه لا يتحرك ولا يزول من مكان إلى مكان إذا شاء» نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي ص(1/355). ردا على من استدل بذلك على نفي الصفات الفعلية من الاستواء والمجيء والنزول ونحوها. -قال الحليمي: إنه القائم على كل شيء من خلقه يدبره بما يريد جل وعلا. انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (1/131). -قال ابن كثير:القيوم: الذي لا ينام، وهو قيم على كل شيء، يدبره ويحفظه، فهو الكامل في نفسه، الذي كل شيء فقير إليه، لا قوام له إلا به». التفسير(9/370). وبعد وقوفك على هذه النقول الكثيرة يتضح لك أنها لا تخرج عن معنيين عليهما مدار هذه التفسيرات , وهما: 1- قيام الله تعالى بنفسه واستغناؤه عن مخلوقاته. 2- إقامته للمخلوقات وعدم استغنائهم عنه, وافتقارهم إليه في كل شيء , فهو الغني بذاته , وهم الفقراء المحتاجون إليه. قال ابن جرير: «وأولى التأويلين بالصواب ما قاله مجاهد والربيع، وأنّ ذلك وصفٌ من الله تعالى ذكره نفسه بأنه القائم بأمر كل شيء، في رزقه والدفع عنه، وكلاءَته وتدبيره وصرفه في قدرته من قول العرب:فلان قائم بأمر هذه البلدة، يعنى بذلك: المتولي تدبيرَ أمرها».التفسير (6|158). وقد جمع الإمام ابن القيم رحمه الله هذين المعنيين في أبيات في النونية ص(248), حيث قال: هذا ومن أوصافه القيوم والـ ... قيـوم في أوصـافه أمران. إحداهما القيوم قـام بنفسـه ... والكون قام به هما الأمران. فالأول استغناؤه عــن غيره ... والفقر من كل إليه الثاني. والوصف بالقيوم ذو شأن كذا ... موصوفه أيضا عظيم الشان. وقال ابن تيمية رحمه الله:«والقيوم من يكون قائما بنفسه مقوما لغيره فكونه قائما بنفسه عبارة عن كونه غنيا عن كل ما سواه وكونه مقوما لغيره عبارة عن احتياج كل ما سواه إليه» بيان تلبيس الجهمية (1/537).
المقتضى اللازم إن الله جلَّ علا لكمال قيوميته, وغناه, قام بنفسه واستغنى عن خلقه, فغناه ذاتي سبحانه وتعالى. قال ابن تيمية رحمه الله:«والوجود ينقسم إلى قيوم يقوم بنفسه ويقيم غيره ,وإلى ما ليس بقيوم, وما ليس بقيوم لا يوجد إلا بالقيوم؛ فيلزم وجود القيوم على التقديرين». الصفدية ص(316). قال ابن القيم رحمه الله:«فالقائم بنفسه أكمل ممن لا يقوم بنفسه ,ومن كان غناه من لوازم ذاته ؛فقيامه بنفسه من لوازم ذاته, وهذه حقيقة قيوميته سبحانه, وهو الحي القيوم فالقيوم القائم بنفسه المقيم لغيره, فمن أنكر قيامه بنفسه بالمعنى المعقول؛ فقد أنكر قيوميته وأثبت له قياما بالنفس يشاركه فيه العدم المحض ,بل جعل قيوميته أمرا عدميا لا وصفا ثبوتيا». الصواعق المرسلة(4/1328-1329). قال السعدي رحمه الله تعالى: «أي: الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقر إليه الخلق، وذلك لكمال صفاته،وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال, ومن غناه تعالى، أن أغنى الخلق في الدنيا والآخرة» التفسير ص(687). وكذلك إذا شهد العبد مشهد القيومية الجامع لصفات الأفعال وأنه قائم على كل شيء وقائم على كل نفس بما كسبت. وأنه تعالى هو القائم بنفسه المقيم لغيره القائم عليه بتدبيره وربوبيته وقهره وإيصال جزاء المحسن وجزاء المسيء إليه وأنه بكمال قيوميته لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه, يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل لا تأخذه سنة ولا نوم ولا يضل ولا ينسى, وهذا المشهد من أرفع مشاهد العارفين وهو مشهد الربوبية وأعلى منه مشهد الإلهية الذي هو مشهد الرسل وأتباعهم الحنفاء وهو شهادة أن لا إله إلا الله وأن إلهية ما سواه باطل ومحال كما أن ربوبية ما سواه كذلك فلا أحد سواه يسحق أن يؤله ويعبد ويصلى له ويسجد ويستحق نهاية الحب مع نهاية الذل لكمال أسمائه وصفاته وأفعاله. طريق الهجرتين لابن القيم (44). وكذلك الواجب بنفسه لا يكون مفتقرا إلى غيره, فالقيوم القائم بنفسه المقيم لكل ما سواه لا يكون فقيرا إلى غيره, لأنه لو افتقر إلى غيره فذلك الغير إما أن يكون من مفعولاته وإما أن يكون واجبا بنفسه. فإن كان الأول لزم الدور القبلي وهو ممتنع ولأن كل ما لمفعولاته من الكمال فهو منه فلو لم يستفد كماله إلا من مفعوله لزم أن لا يحصل الكمال له حتى يحصل الكمال لمفعوله ولا يحصل الكمال لمفعوله حتى يحصل له لأن جاعل الكامل كاملا أولى بالكمال وإن افتقر إلى واجب غيره يجعله كاملا كان ذلك الغير هو الرب الكامل وكان الأول مفعولا له مخلوقا. الصفدية لابن تيمية (2/26-27).
المقتضى المتعدي إن هذه المخلوقات على اختلاف أجناسها وأصنافها,فهي مفتقرة إلى موجد لها , كما أنها في نفس الوقت مفتقرة إليه في استمرارها بما يكلؤها به من الأرزاق , وتيسير سبل الحياة, ولذلك كان أثر اسم الله تعالى القيوم هو إقامته لهذه المخلوقات , إذ أن أفعاله  صادرة عن أسمائه وصفاته, فإقامته لخلقه صادر عن اتصافه بصفة القيومية المشتقة من اسمه القيوم, ولذلك أثبت الله  فقر مخلوقاته إليه فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }]فاطر: 15[.يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وأنهم فقراء إلى اللّه من جميع الوجوه: - فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا. - فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم بها، لما استعدوا لأي عمل كان. - فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل لهم من الرزق والنعم شيء. - فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد. - فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير. - فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم. - فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا. فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها. انظر: تفسير السعدي ص(687). قال ابن تيمية رحمه الله : وذلك أن الإنسان بل وجميع المخلوقات عباد لله تعالى , فقراء إليه , مماليك له , وهو ربهم ومليكهم وإلههم , لا إله إلا هو , فالمخلوق ليس له من نفسه شيء أصلا , بل نفسه وصفاته وأفعاله وما ينتفع به أو يستحقه –وغير ذلك – إنما هو من خلق الله, والله - عزّ و جلّ- رب ذلك كله ومليكه وبارئه وخالقه ومصوره . مجموع الفتاوى (14/ 16). وقال خليل هراس في المعنى الثاني من معاني القيوم:«ثانيا:أنه الكثير القيام بتدبير خلقه , فكل شيء في هذا الوجود مفتقر إليه فقرا ذاتيا أصيلا , لا يمكن أن يستغني عنه في لحظة من اللحظات , فهو مفتقر إليه في وجوده أولا , وفي بقائه بعد الوجود, فهو الذي يمده بأسباب البقاء, فلا يقوم شيء في الوجود كله إلا به, فهو دائم التدبير والرعاية لشؤون خلقه, لا يمكن أن يغفل عنهم لحظة, وإلا اختل نظام الكون وتحطمت أركانه».شرح القصيدة النونية(2/491).
الأثر المترتب على الإيمان بالاسم 1 ـ إثبات صفات الكمال لله عزّ وجل، ونفي كل صفات النقص عنه سبحانه. 2 ـ التعبد لله تعالى بأنه القائم على كل شؤون خلقه، فترفع إليه يد المسألة، وتنزل به المطالب والحاجات. 3 ـ الافتقار والتذلل بين يدي الله تعالى؛ إذ أنه لا قيام لأحد من الخلق إلا به عزّ وجل، فكلٌّ مفتقر إليه، وهو الغني سبحانه عمن سواه. 4 ـ يقين المؤمن بوعد الله الصادق بأن العاقبة للمؤمنين، وأن من اتبع هداه فلا يضل ولا يشقى؛ إذ إن قيام هذا العالم كله بأمر الله تعالى، ولا يكون شيء إلا بإذنه. 5 ـ انتظام أمر العالم، وقيامة على غاية الإحكام والإتقان، فالذي أقامه هو الذي خلقه فسوَّاه. 6 ـ إجابة الله تعالى لدعوة من دعاه، وخاصة إذا كانت دعوة اضطرار وافتقار. 7 ـ ما يكون للرسل وأتباعهم من نصر وتمكين وحسن عاقبة. 8 ـ ما يكون على أعداء الله من هزيمة وسوء عاقبة، فمهما كان للمبطل من صولة وجولة وقيام، فإنه بإقامة الله تعالى ذلك اختبارًا، ثم يجعل دائرة السوء تدور عليهم. 9 ـ ظهور آثار قيوميته سبحانه لكل شيء من المخلوقات جامدها، ومتحركها، فاجرها، وتقيّها، وآثار قيوميته سبحانه بأوليائه وبمن أحبه تظهر في حفظه ولطفه ورعايته بعباده المتقين، وهذا يقتضي محبة الله عزّ وجل، والركون إليه، والتعلق به وحده، والسكون إليه، والرضا بتدبيره، وحمده وإجلاله وتعظيمه. 10 ـ التبرؤ من الحول والقوة والافتقار التام لله عزّ وجل وإنزال جميع الحوائج به، وإخلاص الاستعانة والاستغاثة والاعتصام به، وقطع التعلق بالمخلوق الضعيف المربوب لله تعالى المفتقر إلى ربه عزّ وجل الفقر الذاتي التام. موسوعة العقيدة (5/2423). 11-دعاء الله تعالى باسميه الحي القيوم بما ورد في السنة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث» يقول ابن القيم رحمه الله: «وفي تأثير قوله: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث» في دفع هذا الداء مناسبة بديعة، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الأفعال، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: هو اسم الحي القيوم، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شيء من الآفات. ونقصان الحياة تضر بالأفعال، وتنافي القيومية، فكمال القيومية لكمال الحياة، فالحي المطلق التام الحياة لا تفوته صفة الكمال البتة، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة، فالتوسل بصفة الحياة والقيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة، ويضر بالأفعال» الطب النبوي لابن القيم (152).
Loading...