العزيز
العزيز |
|
---|---|
الاسم | العزيز |
نوع الاسم | الأسماء المطلقة: المفردة |
معلومات إضافية عن الاسم | يرد كثيرا اسم الله العزيز مقرونا مع غيره كالرحيم, كما في قوله تعالى: {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}, فهو سبحانه عزيز في رحمته, رحيم في عزته, وهذا هو الكمال: العزة مع الرحمة، والرحمة مع العزة, فهو رحيم بلا ذلّ. انظر: تفسير ابن كثير (6/360). قال الإمام ابن باديس رحمه الله في تفسير قوله تعالى:{تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}]يس:05[.ذكر من أسمائه تعالى في هذا الموطن {العزيز الرَّحِيمِ} للتنبيه على أن هذا الدِّين الذي نزَّله الرب الموصوف بالعزة والرحمة هو دين عزة ورحمة. ومن مقتضى العزة: القوة والمنعة والرفعة، ومن مقتضى الرحمة: الفضل، والخير، والمصلحة. وهذه كلها متجلية في أحكام الإسلام. والعدل والاحسان اللذان أمر الله بهما وانبنت أحكام الإسلام عليهما لا يكونان إلاَّ عن العزة والرحمة فالدَّليل لا ينهض بالحكم ولا يقيم ميزان العدل والقاسي لا يكون منه إحسان. الآثار (2/68-69). وكذلك يرد مقرونا مع الحكيم كما في قوله تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}]الزمر:1[. فذكره العزة المتضمنة لكمال القدرة والتصرف, والحكمة المتضمنة لكمال الحمد والعلم. شفاء العليل لابن القيم (200). ولهذا لما سمع بعض العرب قارئاً يقرأﵟوَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا جَزَآءَۢ بِمَا كَسَبَا نَكَٰلٗا مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ﵞ [المائدة: 38](والله غفور رحيم). قال: ليس هذا كلام الله. فقال القارئ: أتكذب بكلام الله تعالى؟ فقال: لا، ولكن ليس هذا بكلام الله تعالى. فعاد إلى حفظه وقرأ: ﵟوَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ﵞ فقال الأعرابي: صدقتَ، عزَّ، فحكمَ، فقطعَ، ولو غفر ورحم لما قطع». انظر: «التفسير الوسيط للواحدي» (2/ 185). ولما كان تنفيذ هذه العقوبة يستلزم أن تكون هناك قوة غالبة وعدم العجز ناسب ذلك إخبار الله تعالى عن نفسه الكريمة باسمه العزيز, وفي ذكر اسمه الحكيم بعد العزيز ليدل على أن عزة الله تعالى وقوته غير مرسلة , بل مقيدة بالحكمة, إذ أن تشريع قطع يد السارق مصلحة للناس تقتضيه الحكمة, لأن الله عز وجل يضع الحدود والعقوبات بحسب الحكمة التي توافق المصلحة العامة, وحد السرقة عقوبة تؤدي إلى تقليل الجرائم, وتأمين المجتمع. انظر: الأسماء الحسنى ومناسبتها للآيات التي ختمت بها لآيدين ص(87). وقال أبو حيان: في قول الله تعالى: ﵟرَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُﵞ [البقرة: 129] «وهاتان الصفتان متناسبتان لما قبلهما، لأن إرسال رسول متصف بالأوصاف التي سألها إبراهيم لا تصدر إلا عمن اتصف بالعزة، وهي الغلبة أو القوة، أو عدم النظير، وبالحكمة التي هي إصابة مواقع الفعل، فيضع الرسالة في أشرف خلقه وأكرمهم عليه، الله أعلم حيث يجعل رسالاته. وتقدمت صفة العزيز على الحكيم لأنها من صفات الذات، والحكيم من صفات الأفعال، ولكون الحكيم فاصلة كالفواصل قبلها». البحر المحيط (637). وقال ابن القيم رحمه الله في قوله: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [الزمر: 1]، فذَكَر العزةَ المتضمنة لكمال القدرة والتصرف، والحكمةَ المتضمنة لكمال الحمد والعلم»«شفاء العليل» (2/145). وكذلك في اقتران اسمه (العزيز) باسمه (الغفار) أو(الغفور) كما في قوله تعالى: ﵟرَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَا ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفَّٰرُﵞ [ص: 66] أن الله -عز وجل- العزيز الغالب لكل شيء، قادر على أن يأخذ عباده بذنوبهم، ولكنه سبحانه غفور رحيم عن عزة وقدرة، لا عن ضعف وعجز؛ فهو كامل في عزته، وكامل في مغفرته. وفي اقتران اسمه سبحانه (العزيز) باسمه سبحانه (الوهاب) في قوله تعالى: ﵟأَمۡ عِندَهُمۡ خَزَآئِنُ رَحۡمَةِ رَبِّكَ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡوَهَّابِ ﵞ [ص: 9] دلالة على أن تصرفه التام في صنوف العطاء المادي والمعنوي لا ينازعه فيه منازع، ولا يغالبه فيه مغالب، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا ينوب عنه نائب، ولا يصل عطاء من معط إلى معطى إلا بإذنه سبحانه، فعزته متضمنة الإنعام على خلقه، والتفضل عليهم، وتفضله وإنعامه سبحانه صادران عن عزة وقدرة وغنى وتفضل، لا لجلب نفع أو دفع ضر. وفي اقتران اسمه سبحانه (العزيز) باسمه (المقتدر):في قوله تعالى: ﵟكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذۡنَٰهُمۡ أَخۡذَ عَزِيزٖ مُّقۡتَدِرٍﵞ [القمر: 42], فالعزيز الظاهر الذي لا يُغلب أبدا، والمقتدر الذي لا يعجزه شيء، واقترانهما فيه معنى زائد، وكمال آخر يفيد قوة الأخذ والعقاب. وفي اقتران اسمه سبحانه (العزيز) باسمه (العليم): في مثل قوله تعالى: ﵟذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ ﵞ [الأنعام: 96], أن عزة الله وقهره وغلبته صادرة عن علم شامل وإحاطة تامه بكل شيء، فعزته تنفذ بعلم ومعرفة بمواطن الأمور وعواقبها، ليس كعزة وقوة المخلوق التي تنطلق في الغالب من الهوى والظلم، لا من العلم والحكمة. وفي اقتران اسمه سبحانه (العزيز) باسمه (القوي): في مثل قوله تعالى: ﵟإِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﵞ [الحج: 40] أن في اجتماعهما معنى زائد، وهو أن العزة التي يتضمنها اسم الله -عز وجل- (العزيز) هي عزة القوة، وعزة الغلبة، وعزة الامتناع، ووصف الله -عز وجل- بالقوة راجع إلى كمال عزته. انظر:«موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (1/ 628, ومابعدها), والأسماء الحسنى تصنيفا ومعنى لآل ماجد ص(275, وما بعدها). |
الأدلة على الاسم من القرآن | |
|
|
الأدلة على الاسم من السنة | |
|
|
صيغة أخرى من الاسم | |
|
|
سرد الأسماء ذات صلة | |
|
|
القائلون بثبوته | |
|
|
الصفة التي اشتق منها الاسم (المصدر) | العزة |
نوع الصفة | صفة ذاتية فعلية لازمة |
معلومات إضافية عن الصفة | العزة: صفة ذاتية ثابتة لله دالة على عزة الله الكاملة، من حيث إنها لم تسبق بذل، ولا يلحقها هوان، والشاملة لعزة الامتناع والقوة والقهر والغلبة فهو تبارك وتعالى ذو عزة كاملة أزلاً وأبدًا.انظر: توضيح الكافية الشافية لابن سعدي ص(184). يقول ابن بطة رحمه الله: تعالى: ﵟمَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚﵞ [فاطر: 10] «من كان يريد أن يعلم لمن العزة، فإن العزة لله جميعا، فلا يجوز أن يقال: إن عزة الله مخلوقة، من قال ذلك، فقد كفر لأن الله لم تزل له العزة، ولو كانت العزة مخلوقة لكان بلا عزة قبل أن يخلقها حتى خلقها فعز بها، تعالى ربنا وجل ثناؤه عما يصفه به الملحدون علوا كبيرا. ولا يقال: إن عزة الله هي الله، ولو جاز ذلك، لكانت رغبة الراغبين ومسألة السائلين أن يقولوا: يا عزة الله عافينا، ويا عزة الله أغنينا، ولا يقال: عزة الله غير الله، ولكن يقال: عزة الله صفة الله، لم يزل ولا يزال الله بصفاته واحدا»«الإبانة الكبرى» (6/ 181). ويقول ابن سيده في قول الله تعالى: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ﴾: أَي من كَانَ يُرِيد بِعِبَادَتِهِ غير الله، فَإِنَّمَا لَهُ العِزّة فِي الدُّنْيَا، وَللَّه العِزّة جَمِيعًا: أَي يجمعها فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، بِأَن ينصر فِي الدُّنْيَا ويغلب».«المحكم والمحيط الأعظم» (1/ 72). قال أبو القاسم الأصبهاني: «أثبت الله العزة والعظمة والقدرة والكبر والقوة لنفسه في كتابه» الحجة في بيان المحجة (2/196). وقال الغنيمان: «والعِزَّة من صفات ذاته تعالى التي لا تنفك عنه، فغلب بعِزَّته، وقهر بها كل شيء، وكل عِزَّة حصلت لخلقه؛ فهي منه … » «شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري» (1/149). ويقول العمراني في رده على المعتزلة: «وإن أراد أنه لا يوصف بصفة العزة والجلال فغير صحيح، لأن الله وصف نفسه بكتابه بذلك فقال: ﵟفَإِنَّ ٱلۡعِزَّةَ لِلَّهِﵞ [النساء: 139] وقال: ﵟوَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ ﵞ [الرحمن: 27], ولا يوصف بالعزة والجلال إلا من له العزة والجلال»«الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار» (1/ 137). كما أنه يعز من يشاء من عباده, ومن التجأ إليه بأن يقويه ويجعل له القوة والامتناع, ويرفع عنه الذلة والهوان. كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت». ومما سبق يتبين أن صفة العزة صفة ذاتية قائمة بالله تعالى, وصفة الإعزاز صفة فعلية يعز بها من يشاء من خلقه ويسلبها من يشاء منهم. انظر: الأسماء الحسنى للرضواني (1/527). |
الأدلة على ثبوت الصفة من القرآن | |
|
|
الأدلة على ثبوت الصفة من السنة | |
|
|
الحكم | الإعزاز |
الأدلة على الفعل من القرآن | |
|
|
الأدلة على الفعل من السنة | |
|
|
دلالات الاسم | إن الاسم من أسماء الله تبارك وتعالى يدل على الذات والصفة التي اشتق منها بالمطابقة, ويدل دلالتين أخريين بالتضمن واللزوم, فيدل على الصفة بمفردها بالتضمن, وكذلك على الذات المجردة عن الصفة, ويدل على الصفة الأخرى باللزوم. انظر: مدارج السالكين لابن القيم (1/55). وعليه فاسم الله (العزيز) يدل على صفة العزة وعلى ذات الله تعالى معا بالمطابقة, ويدل على صفة العزة وحدها بالتضمن, وعلى ذات الله وحدها كذلك بالتضمن, كما يدل على صفات القوة والقدرة والقيومية والأحدية والصمدية باللزوم, لأن الله تعالى قوي لا يغلبه غالب, ولا يرد قضاءه راد, ولا يلحقه عجز ولاضعف لكمال قوته وقدرته وقيوميته, فهو القادر القوي القيوم المتكبر الذي قهر عباده ونفذ فيهم أمره وقضاءه. قال ابن القيم -رحمه الله-: «وهذه العزة مستلزمة للوحدانية؛ إذ الشركة تنقص العزة، ومستلزمة لصفات الكمال؛ لأن الشركة تنافي كمال العزة، ومستلزمة لنفي أضدادها، ومستلزمة لنفي مماثلة غيره له في شيء منها»مدارج السالكين، لابن القيم (3/ 242). ولهذا كان اسما الجبار المتكبر يجريان مجرى التفصيل لمعنى اسم العزيز، لأن الجبّار من أوصافه يرجع إلى كمال القدرة والعزة والمُلْك. انظر: «شفاء العليل لابن القيم» (1/ 396-397). |
شرح الاسم | اسم العزيز لغة: مأخوذ من الغزّ: وأَصْلُ العِزِّ الشِّدَّةُ والمَنَعَةُ, ومنه قولك للرَّجْل عَزَّ عَلَيَّ ما أَصَابَكَ أي اشتَدَّ عَلَيَّ ذَلِكَ, وهو ضد الذلّ, وكانتْ الْعَرَب يُحَالِفُ بعضُها بَعْضًا يَلْتَمِسُونَ بذلك العِزَّ والمَنَعَةَ. والاسم العِزَّةُ، وهي القوة والغلبة, والرّفْعَة، والامتناع يقال: رجل عزيز:منيع لا يقهر ولا يغلب. انظر: «تهذيب اللغة للأزهري» (14/ 294),و«الصحاح للجوهري» (3/ 885-886), و«غريب الحديث - الخطابي» (1/ 293), و«المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده» (1/ 72), والنهج الأسمى للنجدي ص(96). اسم الله (العزيز) شرعا: قال قتادة رحمه الله: «(العزيز) أي: في نقمته إذا انتقم».أخرجه الطبري في تفسيره (22/ 154). قال الطبري رحمه الله: «(العزيز) في انتقامه ممن أراد الانتقام منه، لا يقدرأحد يدفعه عنه». التفسير(9/139)، وقال أيضا: «القوي الذي لا يعجزه شيء أراده». التفسير(3/ 88). قال الزجاج رحمه الله: «والله تعالى هو الغالب كل شيء، فهو العزيز الذي ذل لعزته كل عزيز».تفسير أسماء الله الحسنى (ص: 34). قال الخطابي رحمه الله: «العزيز: هو المنيع الذي لا يغلب».شأن الدعاء (ص 47). والعز في كلام العرب على ثلاثة أوجه: أحدها: بمعنى الغلبة … والثاني: بمعنى الشدة والقوة … والوجه الثالث: أن يكون بمعنى: نفاسة القدر، يقال منه: عز الشيء يعِزّ- بكسر العين- من يعز، فيتأول معنى العزيز على هذا، أنه الذي لا يعادله شيء، وأنه لا مثل له، ولا نظير». شأن الدعاء للخطابي (47 - 48). وقال الحليمي رحمه الله:«ومنها العزيز: ومعناه الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه»«المنهاج في شعب الإيمان» (1/ 195). وقال ابن كثير رحمه الله: «(العزيز) أي: الذي قد عزّ كل شيء فقهره وغلب الأشياء؛ فلا ينال جنابه لعزته وعظمته وجبروته وكبريائه». التفسير (8/80). وقال الزجاجي رحمه الله: العزيز في كلام العرب على أربعة أوجه: العزيز: الغالب القاهر، والعزة: الغلبة، والمعازة: المغالبة. ومنه قوله عز وجل: ﵟوَعَزَّنِي فِي ٱلۡخِطَابِ ﵞ [ص: 23] أي غلبني في محاورة الكلام. والعزيز: الجليل الشريف، ومنه قوله عز وجل: ﵟيَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚﵞ [المنافقون: 8].: أي ليخرجن الجليل الشريف منها الذليل. والوجه الثالث: أن يكون العزيز بمعنى القوي، يقال: «عز فلان بعد ضعف»أي قوي يعز عزًا، و «أعزه الله بولده» أي: قواه بهم. والوجه الرابع: أن يكون العزيز بمعنى الشيء القليل الوجود المنقطع النظير يقال: «عز الشيء عزة فهو عزيز»: غير موجود. فهذه أربعة أوجه في العزيز يجوز وصف الله عز وجل بها، يقال: «الله العزيز»: بمعنى الغالب القاهر و «الله العزيز»: أي هو الجليل العظيم، و «الله العزيز»: بمعنى القوي.و«الله العزيز»: أي هو غير موجود النظير والمثل جل وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا. وأصل هذا كله في اللغة راجع إلى الشدة والامتناع لا يخرج شيء منه عن ذلك. انظر: اشتقاق الأسماء الحسنى للزجاجي (237). قد جمع ابن القيم رحمه الله معاني ما قيل في اسم الله العزيز عن السلف في نونيته الكافية الشافية (3/711-712) بقوله: «وهو العزيز فلن يرام جنابه ***أنَّى يرام جناب ذي السلطان وهو العزيز القاهر الغلاب لم***يغلبه شيء هذه صفتان وهو العزيز بقوة هي وصفه***فالعز حينئذ ثلاث معان وهي التي كملت له سبحانه***من كل وجه عادم النقصان» فيكون معنى الاسم على ثلاثة أوجه: الأول: العزة بمعنى الامتناع على من يرومه من أعدائه: فلن يصل إليه كيدهم, ولن يبلغ أحد منهم ضره وأذاه. والعزة بهذا المعنى من عزَّ يعِزّ بكسر العين في المضارع. الثاني: العزة بمعنى القهر والغلبة: وهي من عزَّ يعُزُّ بضم العين في المضارع, يقال: عزّه إذا غلبه, فهو سبحانه القاهر لأعدائه الغلب لهم, ولكنهم لا يقهرون ولا يغلبونه, وهذا المعنى هو أكثر معاني العزة استعمالا. الثالث: العزة بمعنى القوة والصلابة: من عزَّ يعَزُّ بفتح العين, ومنه قولهم: أرض عزاز: للصلبة الشديدة. وهذه المعاني الثلاثة للعزة ثابتة كلها لله تعالى على أتم وجه وأكمله. انظر: شرح نونية ابن القيم للهراس (2/463). وقال السعدي رحمه الله: «(العزيز) الذي له العزة كلها: عزة القوة، وعزة الغلبة، وعزة الامتناع، فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات، وقهر جميع الموجودات، دانت له الخليقة وخضعت لعظمته»تفسير السعدي (ص: 946). الفرق بين العزيز والقاهر: أن العزيز هو الممتنع الذي لا ينال بالاذى...ويقال عز يعز اذا صار عزيزا وعز يعز عزا إذا قهر بإقتدار على المنع، والمثل من عزيز والعزاز الارض الصلبة لامتناعها على الحافر بصلابتها كالامتناع من الضيم، والصفة بعزيز لا تتضمن معنى القهر، والصفة بقاهر تتضمن معنى العز يقال قهر فلان فلانا إذا غلبه وصار مقتدرا على إنفاذ أمره فِيهِ «الفروق اللغوية للعسكري» (ص110-111): |
المقتضى اللازم | اسم الله العزيز متضمن لمعنى العزة المستلزمة الوحدانية المنافية للشركة, قال ابن القيِّم: «وهذه العزة مستلزمة للوحدانية؛ إذ الشركة تنقص العزة، ومستلزمة لصفات الكمال؛ لأن الشركة تنافي كمال العزة، ومستلزمة لنفي أضدادها، ومستلزمة لنفي مماثلة غيره له في شيء منها، فالروح تعاين بقوة معرفتها وإيمانها: بهاء العزة وجلالها وعظمتها، وهذه المعاينة هي نتيجة العقيدة الصحيحة المطابقة للحق في نفس الأمر المتلقاة من مشكاة الوحي، فلا يطمع فيها واقف مع أقيسة المتفلسفين، وجدل المتكلمين، وخيالات المتصوفين» مدارج السالكين (3/257). من آثار كمال عزة الله تبرئته من كل سوء وتنزيهه من كل شر ونقص، وفي ذلك يقول ابن القيِّم: «اسمه العزيز الذي له العزة التامة ومن تمام عزته براءته عن كل سوء وشر وعيب؛ فإن ذلك ينافي العزة التامة»شفاء العليل (1/180). وإذا تعرف العبد على اسم ربه العزيز وما يتضمنه من كمال القوة، والقهر، والغنى والامتناع، وتيقن ذلك كله؛ علم أنه لا يستحق أحد كائنا من كان أن يعبد مع العزيز -تبارك وتعالى-؛ إذ كيف يسوى بين الفقير العاجز من جميع الوجوه بالغني القوي من جميع الوجوه، ومن لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، بالنافع الضار، المعطي المانع، مالك الملك، والمتصرف فيه بجميع أنواع التصريف، قال تعالى: {ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعواله وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب (73) ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز} [الحج: 73، 74]، وقال سبحانه: {قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم} [سبأ: 27]، وقال تعالى: {إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم} [آل عمران: 62]. ثم إن هذا لازم عزته -تبارك وتعالى-، فعزته تستلزم توحيده وحده لا شريك له؛ إذ الشركة تنافي كمال العزة. «موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (1/ 635). |
المقتضى المتعدي | مهما ابتغى العبد العزة عند غير الله تعالى وفي غير دينه فلن يجدها ولن يجد إلا الذل والضعف والهوان، قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10], لذلك يجب على العبد الركون واللجوء إلى الأعز المعز, الذي من وقف ببابه, واستعز به أعزه, وأخرجه مما نزل به من ذل وهوان. يقول ابن الوزير في قوله تعالى: ﵟوَإِن تَغۡفِرۡ لَهُمۡ فَإِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُﵞ [المائدة: 118] «وَفِي هَذِه الْآيَات وأمثالها نُكْتَة لَطِيفَة فِي جمعه بَين الْعِزَّة وَالْحكمَة وَذَلِكَ أَن اجْتِمَاعهمَا عَزِيز فِي المخلوقين فان أهل الْعِزَّة من مُلُوك الدُّنْيَا يغلب عَلَيْهِم العسف فِي الاحكام فَبين مُخَالفَته لَهُم فِي ذَلِك فان عَظِيم عزته لم يبطل لطيف حكمته وَرَحمته سُبْحَانَ من لَهُ الْكَمَال الْمُطلق وَالْمجد الْمُحَقق»«إيثار الحق » (ص200): وإذا كان المخلوق العزيز لا يتمكّن غيره من قهره، فكيف بمن له العزّة جميعاً، وكلّ عزة فمن عزّته. انظر:«النبوات لابن تيمية» (1/ 443). ومن مقتضى معاني ما دل عليه اسم الله تعالى العزيز من أنواع العزة ما يترتب على كل نوع منها مما يظهر فيما يلي: 1 - عزة القوة: الله العزيز القوي الذي لا يعجزه شيء أراده، ولا يلحقه ضعف ولا نصب، ولا يغلبه غالب ولا يقهره قاهر ولا يقدر عليه قادر، قال تعالى: {إن الله قوي عزيز} [الحديد: 25]. بعزته وقوته خلق المخلوقات وسخرها لما خلقها له، فجرت مذللة مسخرة بأمره، لا تتعدى ما حده لها، ولا تتقدم عنه ولا تتأخر منقادة لعزته، خاضعة لجلاله. فخلق السموات والأرض في ست أيام مع عظمهما وسعتهما، وإحكامهما، وإتقانهما، وبديع خلقهما، قال تعالى: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم} [الزخرف: 9]، وخلق الليل والنهار والشمس والقمر، وقدر ذلك كله على منوال عجيب لا اختلاف فيه ولا تعاكس، قال تعالى: {فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم} [الأنعام: 96]، وخلق المتضادات التي أصلها واحد، ومادتها واحدة، وفيها من التفاوت والفرق ما هو مشاهد معروف، قال تعالى: {ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود (27) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور} [فاطر: 27]. وبعزته وقوته -تبارك وتعالى- أحيا الموتى ويحييهم، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم} [البقرة: 260]. وبعزته وقوته غلب، ويغلب أعداءه, ونصر وينصر جنده، فلا ينفع أهل القوة قوتهم، ولا أهل العزة عزتهم، فتبارك القوي العزيز» غلب أحزاب الكفر: قوم نوح ولوط، وعاد وثمود وأصحاب الأيكة وفرعون وجنده، وجعل في ذلك كله آية وعبرة، قال تعالى بعد ذكر هلكهم: {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين (190) وإن ربك لهو العزيز الرحيم} [الشعراء: 190، 191]. وبعزته وقوته ينصر أولياءه وإن ضعف عددهم وعدتهم، وقوي عدد عدوهم وعدتهم، قال تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز} [المجادلة: 21]. 2 - عزة القهر: الله العزيز القاهر القهار الذي بعزته قهر جميع الكائنات، وذلت له جميع المخلوقات، ودانت له البريات، فلهج الحيوان الناطق منه والصامت مسبحا بحمده، ومنزها له عما لا يليق بجلاله، قال تعالى: {سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم} [الحديد: 1]. وبعزته وقهره ينفذ حكمه وأمره في عباده، فيحكم بما يشاء ويقضي بما أراد، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال سبحانه: {هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم} [آل عمران: 6]. وبعزته وقهره يعز من يشاء ويذل من يشاء، بلا معقب على حكمه، وبلا مجير عليه، وبلا راد لقضائه، فهو صاحب الأمر كله، الفعال لما يريد، قال تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} [آل عمران: 26]. أعز كتابه، قال تعالى: {وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} [فصلت: 41، 42] منيعا من كل من أراد تحريفه أو تبديله، لا يقربه شيطان من شياطين الإنس والجن، لا بسرقة، ولا بإدخال ما ليس منه به، ولا بزيادة ولا نقص، فهو محفوظ في تنزيله، محفوظة ألفاظه ومعانيه، قد تكفل من أنزله بحفظه، قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر: 9]. كما أعزه بحججه وكماله وشموله، قال تعالى: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين} [النحل: 89]، فصار حجة الله على العالمين التي انقطعت به حجة الظالمين، وانتفع به المسلمون، فصار هدى لهم يهتدون به إلى أمر دينهم ودنياهم، ورحمة ينالون به كل خير في الدنيا والآخرة. وأعز دينه وأهل طاعته، قال تعالى: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون: 8]، وأذل الكفر وأهل معصيته، قال تعالى: {الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا} [النساء: 139]. وأذل أعداءه وقهرهم، فانتقم وينتقم منهم، لا يفوتونه ولا يعجزونه، قال تعالى: {ولقد جاء آل فرعون النذر (41) كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر} [القمر: 41، 42]. 3 - عزة الغنى والامتناع: الله العزيز الذي بعزته اغتنى بذاته، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه خلقه، ولا يفتقر إلى شيء مما يفتقرون إليه، قال تعالى: {ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} [الذاريات: 57]. وبعزته وتمام غناه ملك خزائن كل شيء، قال تعالى: {أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب} [ص: 9] ويرزق منها من يشاء من عباده، قال تعالى: {الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز} [الشورى: 19] وعزة الامتناع وهي التي بمعنى الغنى التام، والامتناع عن أن يضره أحد أو ينفعه، وفي الحديث القدسي: «يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي، فتنفعوني». وغاية الأمر: أنه العزيز الذي كمل من كل وجه، فكان له من العزة ومن كل شيء أكمله وأتمه، وبرئ من كل نقص وسوء، قال تعالى: {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم} [النحل: 60]، وقال تعالى: {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} [الصافات: 180]. «موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (1/ 630, وما بعدها). |
الأثر المترتب على الإيمان بالاسم | الإيمان بأن الله من أسمائه العزيز الذي لا يغلب ولا يقهر: يعطي المسلم شجاعة وثقة كبيرة به, لأن معناه أن ربه لا يمانع ولا يرد أمره وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكون. ولهذا من طلب العز فليطلبه من الله فهو المعز لمن يشاء. انظر: النهج الأسمى للنجدي (98-99). ومن آثار كمال عزته سبحانه نفاذ حكمه وأمره في عباده وتصريف قلوبهم على ما يشاء، وهذا يجعل العبد خائفًا من ربه سبحانه لائذًا بجنابه معتصمًا به متبرئًا من الحول والقوة ذليلاً حقيرًا بين يدي ربه سبحانه يسأل ربه حفظ قلبه وصلاح دينه ودنياه. كما أنه عليه أن يشهد أن الكمال والحمد والغناء التام والعزة كلها لله، وأن العبد نفسه أولى بالتقصير والذم والعيب والظلم والحاجة، وكلما ازداد شهوده لذله ونقصه وعيبه وفقره ازداد شهوده لعزة الله وكماله وحمده وغناه، وكذلك بالعكس، فنقص الذنب وذلته يطلعه على مشهد العزة. مدارج السالكين لابن القيم (1/205). كما أن الإيمان بهذا الاسم يورث للعبد العزة في دين الله تعالى, وأن هذه العزة تعلو في اتباع أمره تعالى, وستة نبيه والسير مع الصالحين من عباده. وعلى قدر الخضوع لله والذلة يكون العز والرفعة في الدنيا والآخرة. انظر:أسماء الله الحسنى للماهر مقدم ص(70-71). كما أن من أعزه الله تعالى كان أعظم إيمانا من غيره, لذلك كان المنافقون مغمورين أذلاء مقهورين، لا سيما في آخر أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وفي غزوة تبوك ; لأن الله تعالى قال: ﵟيَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَﵞ [المنافقون: 8] ، فأخبر أن العزة للمؤمنين لا للمنافقين، فعلم أن العزة والقوة كانت في المؤمنين، وأن المنافقين كانوا أذلاء بينهم..انظر: منهاج السنة النبوية» (2/ 45): إذا آمن العبد أن ربه العزيز الذي بيده العزة، يعز من يشاء ويذل من يشاء، لا يغلبه غالب ولا يقهره قاهر، فليثق أن العزة والغلبة لدينه وأوليائه، قال سبحانه: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} [المنافقون: 8] ولا تغرنه قوة الباطل وظهوره فإنه زاهق، كما قال تعالى: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون} [الأنبياء: 18] «موسوعة شرح أسماء الله الحسنى» (1/ 636): ومن آثار الإيمان باسم الله (العزيز) عدم تسمية المخلوقين به، مثل ما فعل المشركون من تسمية العُزّى من اسم العزيز، فجعلوا أسماء الله أسماءً لمعبودات المشركين، وهذا من الإلحاد في أسماء الله سبحانه وتعالى. انظر: «إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد» (2/ 212): |