يوجد في بعض المساجد مجاذيب يأوون إلى حجرات فيها أو يتوطنون أروقتها فيقذرون جانبًا منها وهؤلاء الأجدر لهم إما المستشفيات أو البمارستانات وهم من البلاء المصبوب على الأمكنة التي يحلون بها، فكم ترى منهم من يتسول عاريًا من اللباس وآخر مشوه الخلقة يخيف الأطفال بشناعة منظره وبشاعة سيره وطورًا يشاهد منهم من يهيمون على وجوههم في الشوارع مقلقين راحة السكان بما يأتونه من الأمور المغايرة من رءوس مكشوفة وعورة غير مستورة وإسدال شعور للأطفال والنساء مخيفة وغير ذلك مما لا يجمل ذكره ولا يجهل أمره كزعق بمكفرات وصياح بشتائم وتأبط الأحجار، ومن العامة من يعتقد في مثل هؤلاء الولاية نعوذ بالله من الجهل والضلال.
وأين مقام الولاية من هؤلاء المجانين قال تقي الدين في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان:العبد لا يكون وليًّا لله إلا إذا كان مؤمنًا تقيًّا فمن يتقرب إلى الله لا بفعل الحسنات ولا بترك السيئات لم يكن من أولياء الله، وكذلك المجنون فإن كونه مجنونًا يناقض أن يصح منه الإيمان والعبادات التي هي شرط في ولاية الله تعالى، ومن كان جنونه مطبقًا فهذا ممن رفع عنه القلم ومن كان جنونه متقطعًا فإن صدر عنه في حال أفاقته كفر أو نفاق أو معصية كان كافرًا أو منافقًا أو فاسقًا وإن وقع ذلك في حال جنونه فلا مؤاخذة. ومن ادعى الولاية وهو لا يؤدي الفرائض ولا يتجنب المحارم بل يأتي بما يناقض ذلك فإن ادعى أنه لا يجب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر"انظر تتمته في الفرقان"١.
١ انظر "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص٣٨ وما بعدها، طبعة المكتب الإسلامي الثانية.