التمسح بالأعلام أو الحيطان في المسجد:

التمسح بالأعلام أو الحيطان في المسجد:

اللفظ / العبارة' التمسح بالأعلام أو الحيطان في المسجد:
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي شرك أصغر
القسم المناهي العملية
Content

لا يتمسح بشيء إلا الحجر الأسود -كما في كتب الفروع وما عداه فلا يستحب التمسح به إذ لم يستحبه أحد من الأئمة قط. والتمسح الذي حدث في القرون الأخيرة أصله من أهل الكتاب كما بينه الغزالي في الإحياء فهو من التشبه بهم المنهي عنه. ومن أغرب الغريب في هذا الباب ما أخبرت به -وما كنت أظن وقوعه ولا أن عاقلًا يفعله- وذلك اتخاذ موسم وعيد لكسوة أحد مشايخ الطرق في القرن الماضي وجبته. وذلك الموسم ميعاده ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، يجتمع في دار أحد حفدة ذلك الشيخ أو حفدة خلفائه جمع كبير يدعون له كثيرًا من أهل الرسوم والمتعالمين والمتفقهة فيحضرون في تلك الدار وبعد أن يدار الذكر المعروف على طريقة ذلك الشيخ -والكل متحلقون حول صاحب الحفلة المتوج بطبزة كبيرة- وينتهي وقته يقوم المحتفل بهم ويأتي بجبة ذلك الشيخ المنتمي إليه وطبزته ويعرضها على الجالسين مرتبًا. فكل منهم ينزع عمامته ويضعها أمامه ويلبس تلك الطبزة من فوقها الجبة ويقرأ ما يقرأ مخمرًا بها وجهه ويتمسح بها ويدلك بها وجهه ويلصقها ببدنه ثم يعطيها لمن بجانبه وهكذا إلى أن يتم الجمع وينفض المجلس وهم معتقدون أنهم حازوا تمام البركات والخيرات وأن تلك اللبسة من أسعد الحالات.

فانظر عافاك الله هذا الحال واعرضه على عصور السلف والخلفاء الراشدين عليهم الرضوان هل تجد في تاريخ ما، ولو في رواية موضوعة، أن أحدًا منهم جمع ناسًا على جبة تابعي أو صحابي أو أثر نبي أو شهيد؟ كلا ما السبب؟ لا يخفى أن السبب هو العلم أعني علم حقيقة الدين وذوق أصول اليقين والاعتماد على رب العالمين والقيام بمجاهدة النفس وإصلاح العلم والعمل حتى إذا لبس ثياب العلم من ليس منه، بل ولا يعرفه العلم ونسي العهد النبوي وتصدر كل دعي في الفضل أضحى يخترع لأتباعه البسطاء -والعامة أتباع كل ناعق- ما شاء وشاء الهوى حتى إذا ائتلفتها النفوس ومضت عليها السنون وشب عليها الصغير وشاب عليه الكبير ظن أنها من الأصول الصحيحة والطاعات الرجيحة ولا نبية يزجر ولا فقيه ينكر اللهم إلا بقية ربما كان الضعف يقعدهم وخوف سيطرت أهل الفخفخة يثبطهم لا تبلغ شكواهم ما وراء جدرانهم. هذا أصل الحال فانظر ما يتولد عن البدع وما يتفرغ عنها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إصلاح المساجد من البدع والعوائد،ص:218.

Loading...