إخراج السيارات من المساجد

إخراج السيارات من المساجد

اللفظ / العبارة' إخراج السيارات من المساجد
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي بدعة
القسم المناهي العملية
Content

كان بدمشق كغيرها من البلاد عادة شهيرة وهي أن مشايخ الطرق يخرجون بمريديهم وخلفائهم في أيام الربيع بموكب حافل يمتطون ظهور الخيل وينشرون الأعلام والرايات ويدقون الطبول فيجتمعون في مسجد خارج البلد أو في أطرافها أولا ثم يترتبون ويسيرون وقد حوى موكبهم هذا من البدع ما حكى بعضه أحد الفضلاء بقوله: "لا تزال هذه الطوائف تبتدع أمورًا تضحك السفهاء وتبكي العقلاء وتحتال لمطامعها البهيمية بما جلب العار على الأمة وسلط علينا الأجنبي يهزأ بديننا ويقبح أعمالنا ظنا منه أن ما يجريه هؤلاء الجهلة من الدين. فهلا رجع هؤلاء الجهلة عن بدعهم والتزموا طرق أشياخهم الذين يدّعون أنهم على آثارهم وما هم إلا في أيدي الشياطين يلعبون بهم كيف يشاءون. أين تصفية الباطن التي هي مدار الطريق وأين الخمول مع هذا الظهور وأين التواضع مع ركوب الخيل والبغال يقدمها الطبل والمزمار وأين البعد عن الناس مع هذه المزاحمة الدنيوية وأين البعد عن الرياء مع الوقوف بين مئات الألوف يتمايل ويتلوى وأين الإرشاد مع هذه البدع وأين الأشياخ إذا أردنا السلوك؟ فلعمري لا نرى إلا رجالًا اتخذوا الطريق وسيلة معاشية. أما آن لهذه البدع أن تموت ولهؤلاء الجهلة أن يتنبهوا ويعلموا أنهم بين أمم ينظرون أعمالهم وينتقدون أحوالهم ويكتبون عنهم ما يكتب عن الهمج وسكان البوادي. إن الطريق المسلوك للقوم مبني على الإخلاص في العمل وحب الخلوة والبعد عن الناس والصمت عن اللغو وملازمة الذكر ومداومة السهر فيه وفي التهجد والزهد فيما في أيدي الناس والتمسك بالسنة والإرشاد إلى الطريق المستقيم، وأين هذه الأصول الشريفة مما نراه الآن من الخروج عن الحدود واستبدال السنة بالبدعة وترك الشرع بهوى النفس. والطامة الكبرى دعوة بعض الأشياخ وانتحاله ما يضر بالعقيدة وإضلاله العامة بما ينقله إليهم عن الإنسان الكامل ونحوه من كتب الصوفية مدعيًا فهمه لإشارته من طريق الفتح أو الإلهام فقد كثرت النحل والبدع وسمعنا من أقوالهم ما ليس من ديننا ولا يقول به أهل دين آخر. وقد اتفق أن أحد معتبري الأجانب دخل إحدى الأماكن وقد اجتمع بها جماعة من أهل الأهواء فرآهم يرقصون ويصيحون صياح جنون فقال لترجمانه: ما هذه الغوغاء ونحن نعلم أن صلاة المسلمين في غاية الخشوع والآداب وهذه أمور ليست إلا هذيانًا. فقال له ترجمانه: "إن هذه أكبر صلاة عندهم" يريد تنفير من الدين الإسلامي ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالدين بريء من نسبة هذه البدع إليه، فإن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم معلومة محفوظة إذ لم يترك الحفاظ وكتاب السير شيئا من أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته إلا دونوه، وجاء الخلفاء الراشدون ومن عاصرهم على أثره صلى الله عليه وسلم وكذلك جاء الصوفية المتقدمون على هذا الأثر فلما تشيخ الجهلاء في الطريق التزموا البدع وجاء من لهم إلمام بكتب القوم فانتحلوا أقوالا لا يعرفون معناها وعلموها لجهلة لا يفقهون فضلوا وأضلوا، إنا لله وإنا إليه راجعون. ومن المصائب الفظيعة تركهم الذكر الشرعي وقولهم: "الام إلا الله" "لوالوها إلا الله" و"أل" بلام مغلظة و"هه" ثم الرقص وأكل النار وضرب الدف أو الناي والنقارات والنقرزان ووضع الدبوس في الذراع والسيخ الحديد في الحنك والشيش وغيرها من المفتريات القبيحة فحق شيخ المشايخ منع هؤلاء الجهلاء من إعطاء العهود حتى يعرفوا العقيدة والآداب الشرعية والفروع الفقهية ففي ذلك خدمة الأمة والدين وتأييد لكلمة الحق المتين

إصلاح المساجد من البدع والعوائد،ص:222ـ223.





Loading...