بَعْض مَا يَفْعَلهُ النِّسَاء فِي المولد النبوي

بَعْض مَا يَفْعَلهُ النِّسَاء فِي المولد النبوي

اللفظ / العبارة' بَعْض مَا يَفْعَلهُ النِّسَاء فِي المولد النبوي
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

ثُمَّ اُنْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى هَذِهِ الْمَفَاسِدِ كَيْفَ زَادَتْ عَلَى مَا فِي مَوْلِدِ الرِّجَالِ فَتَعَدَّتْ فِتْنَةُ الرِّجَالِ إلَى النِّسَاءِ ثُمَّ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ آلَ أَمْرُهُمْ إلَى الْخُرُوجِ إلَى الْمَقَابِرِ وَهَتْكِ الْحَرِيمِ هُنَاكَ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالشُّبَّانِ مُخْتَلَطِينَ عَلَى الْوَاعِظِ أَوْ الْوَاعِظَةِ وَتُنْصَبُ لَهُمْ الْمَنَابِرُ وَيَصْعَدُونَ عَلَيْهَا يَعِظُونَ وَيَزِيدُونَ وَيَنْقُصُونَ وَيَتَمَايَلُونَ كَمَا قَدْ عُلِمَ مِنْ أَفْعَالِ الْوُعَّاظِ وَزَعَقَاتِهِمْ بِتِلْكَ الطُّرُقِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ وَالْهُنُوكُ الْمَذْمُومَةُ شَرْعًا الَّتِي لَا تَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِينَ مَفْتُونَةً قُلُوبُهُمْ وَقُلُوبُ مَنْ أَعْجَبَهُمْ شَأْنُهُمْ وَيَتَمَايَلُونَ مَعَ كُلِّ صَوْتٍ وَيَرْجِعُونَ بِحَسَبِ حَالِ ذَلِكَ الصَّوْتِ مَعَ التَّكْسِيرِ وَالضَّرْبِ بِأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْكُرْسِيِّ وَإِظْهَارِ التَّحَزُّنِ وَالْبُكَاءِ وَهُوَ خَالٍ مِنْ الْبُكَاءِ وَالْخَشْيَةِ وَقَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ عَرِيٍّ عَنْ التَّوْفِيقِ فِيهِ. أَلَا تَرَى إلَى مَا وَرَدَ «إذَا اسْتَكْمَلَ نِفَاقُ الْمَرْءِ كَانَتْ عَيْنَاهُ بِحُكْمِ يَدِهِ يُرْسِلُهُمَا مَتَى شَاءَ» انْتَهَى وَهَذَا نُشَاهِدُهُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فَتَجِدُ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الْمَكَّاسِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الظَّلَمَةِ تُذَكِّرُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَوَاعِظِ أَوْ التَّخْوِيفِ فَيُرْسِلُونَ دُمُوعَهُمْ إذْ ذَاكَ وَيَتَخَشَّعُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ ثُمَّ يَبْقَوْنَ عَلَى حَالِهِمْ لَا يُقْلِعُونَ وَلَا يَرْجِعُونَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَفِي خُرُوجِ النِّسَاءِ إلَى الْقُبُورِ مِنْ الْكَشَفَةِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ وَإِنَّ النِّسَاءَ كَأَنَّهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ لَا يَحْتَجِبْنَ فَكَأَنَّ الرِّجَالَ فِي الْقُبُورِ صَارُوا نِسَاءً فَإِذَا دَخَلُوا الْبَلَدَ رَجَعُوا رِجَالًا يُسْتَحْيَا مِنْهُمْ فِيهَا

(فَصْلٌ)

ثُمَّ اُنْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ إلَى نِكَايَةِ هَذَا الْعَدُوِّ اللَّعِينِ بَلْ بَعْضُهُمْ لَا يَفْتَقِرُ إلَى وَسْوَسَتِهِ إذْ أَنَّهُمْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَقَدْ قَرَّرُوا وَأَصَّلُوا أَنَّ كُلَّ زَمَانٍ فَاضِلٍ يَشْغَلُونَهُ فِي الْغَالِبِ بِارْتِكَابِ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَلَا تَرَى أَنَّ خُرُوجَ النِّسَاءِ إلَى الْقُبُورِ فِيهِ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ مِنْهُنَّ غَالِبًا وَلَا يَفْعَلْنَ ذَلِكَ فِي الْغَالِبِ إلَّا فِي الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي الشَّرِيفَةِ كَلَيَالِي الْجُمَعِ سِيَّمَا الْمُقْمِرَةُ مِنْهَا فَإِنَّ الْفِتْنَةَ فِيهَا تَكْثُرُ فَعَامَلُوهَا بِالنَّقِيضِ عَلَى عَادَتِهِمْ الذَّمِيمَةِ إذْ أَنَّ اللَّيَالِيَ الْمُقْمِرَةَ هِيَ لَيَالِي الْأَيَّامِ الْبِيضِ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا إذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ اللَّيَالِيِ الْمَعْلُومِ فَضْلُهَا فَإِنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى فَإِنْ اجْتَمَعَ إلَى الْأَيَّامِ الْبِيضِ وَلَيَالِيِهَا شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْأَشْهُرِ أَوْ الْأَيَّامِ أَوْ اللَّيَالِي الْفَاضِلَةِ فَتَزِيدُ الْفَضَائِلُ إلَى فَضَائِلَ أُخَرَ فَتَتَأَكَّدُ الْحُرْمَةُ وَيَقَعُ تَعْظِيمُ الثَّوَابِ وَالْخَيْرَاتِ لِمَنْ قَامَ بِحُرْمَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. فَلَمَّا أَنْ زَادَتْ هَذِهِ الْفَضَائِلُ قَابَلْنَهَا بِضِدِّ مَا يُرَادُ مِنْهُنَّ عَلَى عَوَائِدِهِنَّ الذَّمِيمَةِ وَإِنْ كُنَّ لَمْ يَقْصِدْنَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ بِالنَّقِيضِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ فَيَنْهَتِكْنَ فِي الْغَالِبِ فِي الْجُمُعَةِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَوْمِ الْخَمِيسِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْقُبُورِ وَالْجُمُعَةِ فِي إقَامَتِهِنَّ فِيهَا وَالسَّبْتِ فِي رُجُوعِهِنَّ إلَى بُيُوتِهِنَّ عَلَى مَا قَدْ عُلِمَ وَكَذَلِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَالْعِيدَيْنِ وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَكِنْ زَادَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ بِسَبَبِ الْوُقُودِ فِي الزَّاوِيَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الْكَثِيرَةِ بِسَبَبِ الْوَقُودِ فِيهَا وَفِي الْقُبُورِ أَشْنَعُ إذْ فِيهِ تَفَاؤُلٌ لِمَنْ هُنَاكَ مِنْ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ. وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِنَارٍ فَكَيْفَ يُفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى قَبْرِهِ وَأَعْظَمُ فِتْنَةٍ فِيهَا اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ وَالشُّبَّانِ وَالرِّجَالِ مُخْتَلَطِينَ وَاجْتِمَاعُهُمْ فِتْنَةٌ حَيْثُ وُجِدُوا لَكِنْ فِي الْقُبُورِ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ

(فَصْلٌ)

ثُمَّ إنَّهُمْ ضَمُّوا لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِزِيَارَةِ السَّيِّدِ الْحُسَيْنِ وَحُضُورِ بَعْضِهِنَّ سُوقَ الْقَاهِرَةِ لِمَا يَقْصِدْنَ فِيهِ مِنْ الْأَغْرَاضِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهَا. وَجَعَلْنَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ لِزِيَارَةِ السِّتِّ نَفِيسَةَ أَوْ حُضُورِ سُوقِ مِصْرَ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِنَّ عَلَى مَا يَزْعُمْنَ. وَيَوْمَ الْأَحَدِ لِحُضُورِ سُوقِ مِصْرَ أَيْضًا فَلَمْ يَتْرُكْنَ الْإِقَامَةَ فِي الْغَالِبِ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا وَهُوَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ إنْ سَلِمْنَ فِيهِ مِنْ الزِّيَارَةِ لِمَنْ يَخْتَرْنَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ خُرُوجَ النِّسَاءِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَأَيْنَ الضَّرُورَةُ الشَّرْعِيَّةُ. وَلَوْ حُكِيَ هَذَا عَنْ الرِّجَالِ لَكَانَ فِيهِ شَنَاعَةٌ وَقُبْحٌ فَكَيْفَ بِهِ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ

المدخل لابن الحاج ،ج:2،ص:17ـ18.

Loading...