تسبيل الإزار

تسبيل الإزار

اللفظ / العبارة' تسبيل الإزار
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

[تسبيل الإزار]

وأما قوله: (نهى عن تسبيل الإزار) .

فذاك من أجل الكبر والخيلاء؛ فإن من يسبل إزاره ويجره تعززاً وقلة مبالاة وتيها، وزهواً بنفسه، واحتقارا لعباد الله، وكبرا على خلق الله؛ فهذا عبد قد ضاد الله في ملكوته ونازعه في ردائه.

وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان رجل مما كان قبلكم في الأمم الخالية يتبختر في مشيته في مجالسهم وطرقهم، فقال الله تعالى لملائكته: انظروا لعبدى كيف ينازعنى ردائى؟! يا أرض ابتلعيه، فابتلعته، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) .

حدثنا أبى، عن صالح بن محمد، عن حفص بن سالم، عن ابن شهاب، عن الحسن، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وحدثنا إبراهيم بن هارون، حدثنا زكريا بن حازم الشيبانى، عن قتادة، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:) يقول الله: تعالى أربعة

ص:51

لم أشرك فيهن أحد: الفخر، والعظمة، والكبر، والقدر سرى؛ فمن ينازعنى في واحد منهن كببته في جهنم (.

وعامة الأحاديث التى جاءت عن جر الإزار، إنما تدل على أن النهى مع الشرط، قال:) من جر الإزار خيلاء (؛ فدل هذا على أن النهى عن جر الإزار إذا كان خيلاء.

حدثنا قتيبة عن سعيد، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع وزيد بن أسلم وعبد الله بن زبير، كلهم يخبر عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء (.

وحدثنا قتيبة، عن مالك، عن أبى الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:) لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطراً (.

فهذا الإسبال والجر للثوب إنما كره للمختال الفخور.

وروى عن ابن عباس رضى الله عنه أنه قال: كل ما شئت، والبس

ص:52

ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة.

وقد كان في بدء الإسلام المختال يلبس الخز، ويجر الإزار ويسبله؛ فنهوا عن ذلك.

وقد كان فيهم من يلبس الخز ويسبل الإزار فلا يعاب عليه، منهم أبوبكر رضى الله عنه؛ حيث قال: يا رسول الله، إنى رجل قليل اللحم فإذا أبرزت سقط إزارى على قدمى وقد قلت ما قلت؟ قال: (لست منهم يا أبا بكر) . حدثنا بذلك أبى، حدثنا أحمد بن يونس، عن زهير، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) ؛ فقال أبوبكر رضى الله عنه: بأبى أنت يا رسول الله، إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لست ممن يصنعه خيلاء) .

حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبى، عن إسرائيل، عن حكيم بن جبير، عن خيثمة، قال: أدركت ثلاثة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسون الخز.

حدثنا سفيان، عن أبيه، حدثنا محمد بن قيس، عن أبى عون، قال: كان بن الحسن والحسين رضى الله عنهما يلبسان الخز.

حدثنا إبراهيم بن يوسف، حدثنا يزيد بن زريع، عن عمرو بن أبى وهب، قال: سمعت بكر به عبد الله المزنى في المسجد البصرة يقول:

ص:53

كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لا يلبسون لا يطعنون على الذين يلبسون.

حدثنا سفيان، حدثنا أبى، حدثنا عتبة بن عبد الرحمن، عن على بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب.. في لبس الخز، قال: إذا صلح قلبك فالبس ما بدا لك.. فذكرت ذلك للحسن رحمه الله: إن من صلاح القلب ترك الخز.

حدثنا سفيان، حدثنا أبى، عن منصور، عن أبى وائل، قال: كان عبد الله يسبل إزاره، فقيل له؛ فقال: إنى رجل حمش الساقين. قال سفيان: يعنى رقيق الساقين.

فقد وضح لنا أن سبب النهى إنما هو الخيلاء، فإذا علم من قلبه أنه مختال فليجتنب وكان في بدء الأمر رفع الإزار إلى أنصاف الساق تجنبا للخيلاء والمراءاة، وكذلك تشمير القميص، فلم يزل الناس في تبديل من سوء ضمائرهم، حتى صار ذلك تصنعا ومراءاة؛ فكان من شمر الإزار والقميص ممقوتا لسوء مراده.

وروى عن أيوب السختيانى رحمه الله: أنه طول قميصه له الخياط في ذلك؛ فقال: السنة اليوم في هذا الزى، أو كلاهما هذا معناه.. كأنه ذهب إلى أنه إنما نهى عن طوله للخيلاء فشمروا. فاليوم صار التشمير مراءاة وتصنعا وتزيينا للخلق يختالون في الدنيا بالدين!!

ص:54

وروى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان قميصه وجبته تضرب شراك نعليه.

ص:55

كتاب االمنهيات  

Loading...