(١)[صحيح] عن أبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"قامَ موسى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خطيباً في بني إسرائيل، فسُئِلَ: أيُّ الناسِ أعلمُ؟ فقال: أنا أعلمُ. فَعَتَبَ الله عليه إذ لم يَرُدَّ العلم إليه، فأوحى الله إليه: إنّ عبداً من عِبادي بـ (مَجمَعِ البحرين) هو أعلمُ منك. قال: يا ربِّ كيف به؟ فقيل له: احمل حوتاً في مِكتلٍ، فإذا فقدتَهُ فهو ثَمَّ. . ."(فذكر الحديث في اجتماعه بالخَضِر إلى أن قال:)، فانطلقا يمشيان على ساحلِ البَحر، ليس لهما سفينةٌ، فمرّت بهما سفينةٌ، فكلَّموهم أن يحملوهما، فعُرِفَ الخَضِرُ، فحملوهما بغير نَوْلٍ، (١) فجاء عُصفورٌ فوقعَ على حَرْفِ السفينةِ، فَنَقَر نَقْرةً أو نقرتين في البحرِ، فقال الخَضِرُ: يا موسى ما نَقَصَ (٢) علمي وعلمُك من علم الله إلا كنقرةِ هذا العصفورِ في هذا البحر". فذكر الحديث بطوله (٣).
وفي رواية:
"بينما موسى يمشي في ملأٍ من بني إسرائيلَ، إذ جاءه رجلٌ فقال له:
(١) أي: بغير أجر ولا جُعل. (٢) وفي رواية للبخاري: "ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر". وهذه الرواية تبين المراد من رواية الكتاب، فإنّ ظاهرها غير مراد قطعاً، إذ أنّ علم الله لا يدخله نقص مطلقاً. (٣) قلت: وهو في كتابي "مختصر صحيح الإمام البخاري" (٦٥ - التفسير /١٨ - سورة /٣ - باب)؛ وقد تم تأليفه منذ بضع سنين، كما تم طبع المجلد الأول والثاني منه، يسّر الله نشر باقيه قريباً. والرواية الأخرى فيه برقم (٥٦).
هل تعلمُ أحداً أعلمَ منك؟ قال موسى: لا. فأوحى الله إلى موسى: بل عبدُنا الخَضِر (١). فسأل موسى السبيلَ إليهِ" الحديث.
رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
١٣٥ - (٢)[حسن لغيره] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"يظهرُ الإسلامُ حتى تَختَلِفَ التُّجارُ في البحر، وحتى تَخوضَ الخيلُ في سبيل الله، ثم يَظهرُ قومٌ يقرؤون القرآن، يقولون: من أقرأُ منّا؟ من أعلمُ منا؟ من أفقه منا؟ "، ثم قال لأصحابه:
"هل في أولئك مِنْ خَيرٍ؟ ".
قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:
"أولئك منكم من هذه الأمّة، وأولئك هم وقودُ النارِ".
رواه الطبراني في "الأوسط" والبزار بإسناد لا بأس به.
١٣٦ - (٣)[حسن لغيره] ورواه أبو يعلى والبزار والطبراني أيضاً من حديث العباس بن عبد المطلب.
١٣٧ - (٤)[حسن لغيره] وعن [أم الفضل أم](٢) عبدِ اللَه بنِ عباس رضي الله عنهما عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(١) قال الناجي (٢٣): "كذا وقع عند مسلم معرَّفاً؛ ووقع عند البخاري منكَّراً، وكلاهما واضح؛ وقد قررت نبوّته، وذكرت القائلين بها من المتقدمين والمتأخرين وأتْباع المذاهب الأربعة ضمن جواب حافل في (إلياس) ". (٢) سقطت من الأصل، واستدركتها من "معجم الطبراني الكبير" (٢٥/ ٢٧ - ٢٨)، وفي "مجمع الزوائد" (١/ ١٨٦): "أم الفضل وعبد الله. ." وهو خطأ مطبعي، وقال: "ورجاله ثقات؛ إلا أن (هند بنت الحارث الخثعمية) التابعية؛ لم أر من وثقها ولا جرحها"! قلت: ذكرها ابن حبان في "الثقات" (٥/ ٥١٧)، وخرجت حديثها هذا في "الصحيحة" (٣٢٣٠)، وقويته بحديث عمر بن الخطاب، والعباس بن عبد المطلب اللذين قبله.أنّه قام ليلةً بمكةَ من الليلِ فقال:
"اللهم هل بلّغتُ؟ (ثلاثَ مرات) ".
فقامَ عمرُ بنُ الخطابِ -وكان أوّاهاً (١) - فقال: اللهم نَعَمْ، وحرَّضْتَ، وجَهَدْتَ، ونَصَحتَ. فقال:
"ليَظهرَنَّ الإيمانُ حتى يُرَدَّ الكفرُ إلى مواطِنِه، ولَتُخاضَنَّ البحارُ بالإسلام، وليأتيَنَّ على الناسِ زمانٌ يتعلمون فيه القرآن، يتعلّمونَه وَيقرؤونَه، ثم يقولون: قد قرأْنا وعلِمْنا، فمن ذا الذي هو خيرٌ منا؟ فهل في أولئك من خيرٍ؟ ".
قالوا: يا رسول الله! مَن أولئك؟ قال:
"أولئك منكم، وأولئك هم وَقودُ النار".
رواه الطبراني في "الكبير"، وإسناده حسن -إن شاء الله تعالى-.
(١) (الأوّاه): المتأوِّه: المتضرع. وقيل: هو الكثير البكاء، وقيل: الكثير الدعاء، كما في "النهاية". والقول الأخير هو أحد الأقوال التي قيلت في تفسير قوله تعالى {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}، وهو الذي اختاره ابن جرير. انظر "تفسير ابن كثير" (٢/ ٣٩٤ - ٣٩٥).