(الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة، ومن إنشاد (١) الضالّة فيه، وغير ذلك مما يذكر هنا

(الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة، ومن إنشاد (١) الضالّة فيه، وغير ذلك مما يذكر هنا

اللفظ / العبارة' (الترهيب من البصاق في المسجد وإلى القبلة، ومن إنشاد (١) الضالّة فيه، وغير ذلك مما يذكر هنا
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

[صحيح] عن ابن عمر رضي الله عنه قال:

يبنما رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب يوماً، إذ رأى نُخامةً (٢) في قِبلةِ المسجدِ، فتغيظَ على الناسِ، ثم حكَّها، -قال: وأحسبُهُ قال:- فدعا بِزَعفَرانٍ فَلَطَخَهُ به وقال:

"إنّ الله عز وجل قِبَلَ وجه أحدكم إذا صلّى، فلا يَبصق بين يديه".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود، واللفظ له.

٢٨١ - (٢) [صحيح] وروى ابن ماجه عن القاسم بن مهران -وهو مجهول- (٣) عن أبي رافع عن أبي هريرة:


(١) كذا الأصل والمخطوطة، للصواب "نشدان"، قال الناجي في "العجالة" (٥٠): "ينكر عليه قوله: "إنشاد" رباعياً، وكذا ينكر ذلك علىَ أبي داود وابن ماجه، وقد زاد فروى ذلك مرفوعاً حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. مع الترمذي في التبويب بين إنشاد الضالة والشعر، وهذا كله من التصرف في العبارة والجري على التداول، وإنما هو (نشد)، ثلاثي، ويدل عليه حديث بُريدة الذي ساقه المصنف في أثناء الباب: أنّ رجلاً نشد في المسجد، ولم يقل "أنشد"، قال أهل اللغة: يقال: نشد الضالة ينشدها -بفتح أوله وضم ثالثه- نشدة ونشداناً -بكسر أولها-، أي: طلبها، فهو ناشد. وهذا هو المراد هنا قطعاً. وأنشدها أي: عرفها، فهو منشد، ومنه حديث: "لقطة مكة لا تحل إلا لمنشد"، وليس هذا مراداً هنا. وقال الشاعر: إصاخة الناشد للمنشد أي: استماع الطالب للواجد. ويقال أيضاً: أنشد الشعر ينشده إنشاداً".
(٢) (النخامة): هي ما يخرج مِن الصدر. وقيل: (النخاعة) بالعين من الصدر، وبالميم من الرأس.
(٣) كذا قال، وهو وهم فاحش مزدوج، فإنّ القاسم بن مهران معروف، قال ابن مَعين: "ثقة". وقال أبو أنّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى نُخامةً في قِبلةِ المسجد، فأقبَل على الناسِ، فقال:

"ما بالُ أحدِكم يقومُ مستقبِل ربه فيتنخَّعُ أمامَه؟! أيحبُّ أحدُكم أنْ يُستقْبلَ فيُتَنخَّعَ في وجهه؟! إذا بصَقَ أحدكم فليبصق عن شمالِهِ، أو ليتفُل هكذا في ثوبه". ثم أراني إسماعيل -يعني ابن عُليَّةَ- يبصق في ثوبه ثم يَدلُكه.

٢٨٢ - (٣) [حسن صحيح] وعن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه:

أنّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان تُعجبه العَراجين (١) أنْ يُمسِكَها بيدِه، فدخل المسجد ذاتَ يوم، وفي يده واحدٌ منها، فرأى نُخاماتٍ في قبلة المسجد، فحتَّهُن حتى أنقاهُنَّ، ثم أقبلَ على الناسِ مُغضَباً فقال:

"أيحب أحدُكم أنْ يستقبِلَه رجلٌ فيبصقَ في وجهه؟! إنَّ أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يستقبل ربه، والملَكُ عن يمينه، فلا يبصقْ بين يديه، ولا عن يمينه" الحديث.

رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (٢)، وفي رواية له بنحوه، إلا أنه قال فيه:

"فإنَّ الله عز وجل بين أيديكم في صلاتِكم، فلا تُوَجِّهُوا شيئاً من الأذى بين أيديكم" الحديث.

وبوب عليه ابن خزيمة: "باب الزجر عن توجيه جميع ما يقع عليه اسم أذى تلقاء


(١) (العراجين) جمع (عُرجون)، وهو العود الأصفر الذي فيه شماريخ العذق.

(٢) هذا يوهم أنه لم يروه أحد من أصحاب الستة، وليس كذلك، فقد أخرجه منهم أبو داود، ورواه أحمد أيضاً، والحاكم وصححه، وافقه الذهبي. وله عند أحمد (٣/ ٦٥) طريق أخرى نحوه، وفيه: "أنَّ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطى العرجون قتادة بن النعمان فأضاء أمامه الطريق عشراً، وخلْفه عشراً، أنه أمره أنْ يضرب به سواداً في زاوية البيت فإنه شيطان". وسنده صحيح على شرط الشيخين.

القبلة في الصلاةِ".

٢٨٣ - (٤) [صحيح] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:

أتانا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مسجدنا، وفي يده عُرجون، فرأى في قِبلةِ المسجد نُخامةً، فأقبل عليها، فحتَّها بالعُرجون، ثم قال:

"أَيُّكم يحبُّ أنْ يُعرِضَ الله عنه؟! إنّ أحدكم إذا قامَ يصلّي، فإنَّ الله قِبَلَ وجهه، فلا يبصقنَّ قِبَلَ وجهه، ولا عن يمينه، وليبْصقنَّ عن يسارِه تحت رجلِهِ اليسرى، فإن عجِلَتْ به بادرةٌ (١) فليتفُلْ بثوبه هكذا، ووضعه على فيه، ثم دلكَه. . ." الحديث.

رواه أبو داود وغيره. (٢)

٢٨٤ - (٥) [صحيح] وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"من تَفَلَ تُجاه القِبلة، جاء يومَ القيامةِ وتَفلُه بين عينَيه. . . (٣) ".


(١) أي: شيء سبق من الإنسان من مخاط أو بزاق.
(٢) هذا قصور أفحش من الذي قبله، فقد أخرجه مسلم أيضاً في آخر "صحيحه" (٨/ ٢٣٢)، لذلك تعجب منه المؤلف الشيخ الناجي في "عجالته" (٥٢).
فائدة هامة: اعلم أن قوله في هذا الحديث: "فإن الله قبل وجهه". وفي الحديث الذي قبله "فإن الله عز وجل بين أيديكم في صلاتكم" لا ينافي كونه تعالى على عرشه، فوق مخلوقاته كلها كما تواترت فيه نصوص الكتاب والسنة، وآثار الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم، ورزقنا الاقتداء بهم، فإنّه تعالى مع ذلك واسع محيط بالعالم كله، وقد أخبر أنّه حيثما توجه العبد فإنه مستقبل وجه الله عز وجل، بل هذا شأن مخلوقه المحيط بما دونه، فإن كل خط يخرج من المركز إلى المحيط، فإنه يستقبل وجه المحيط ويواجهه، وإذا كان عالي المخلوقات يستقبله سافلها المحاط بها بوجهه من جميع الجهات والجوانب، فكيف بشأن من هو بكل شيء محيط، وهو محيط ولا يحاط به؟ وراجع بسط هذا في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية؛ كـ "الحموية" و"الواسطية"، و"شرحها" للشيخ زيد بن عبد العزيز بن فياض (ص ٢٠٣ - ٢١٣) رحمه الله.
(٣) هذه النقط من عندي؛ لأن للحديث تتمَّة تأتي في آخر (١١ - الترهيب من إتيان المسجد لمن أكل بصلاً. .) رقم (٣٣٥/ ٩). وكان ينبغي للمؤلف أن يشير إلى ذلك بقوله: "الحديث". كما عليه اصطلاحهم.

حاتم: "صالح". واحتجّ به مسلم، وقد أخرج حديثه هذا في "صحيحه" (٢/ ٧٦)، وكذلك رواه أحمد والنسائي، وفيه عنده: "عن يساره تحت قدمه". وذكر سبب الوهم في "العجالة" (٥١). 

صحيح الترغيب والترهيب،ص:231إلى 234.



Loading...