ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه، وترغيبه في الإفطار
اللفظ / العبارة'
ترهيب المسافر من الصوم إذا كان يشق عليه، وترغيبه في الإفطار
متعلق اللفظ
مسائل فقهية
الحكم الشرعي
مختلف فيه
القسم
المناهي العملية
Content
[صحيح] عن جابر رضي الله عنه:
أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرجَ عامَ الفتحِ إلى مكةَ في رمضانَ، فصام، حتى بلغ (كُراع الغَميم) وصامَ الناسُ، ثم دعا بقدح من ماء، فرفعه حتى نظر الناسُ إليه، ثم شرب. فقيل له بعد ذلك: إنَّ بعضَ الناسِ قد صامَ؟ فقال:
"أولئك العصاةُ، أولئك العصاةُ".
وفي رواية:
"فقيل له: إنَّ الناسَ قد شقَّ عليهم الصيامُ، إنما ينظرون فيما فعلتَ. فدعا بقدحٍ من ماءٍ بعدَ العصر" الحديث.
رواه مسلم. (١)
(كُراع) بضم الكاف.
(الغَميم) بفتح الغين المعجمة: وهو موضع على ثلاثة أميال من (عُسفان). (٢)
١٠٥٤ - (٢)[صحيح] وعنه قال:
كانَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفرٍ، فرأى رجلاً قد اجتمع الناسُ عليه، وقد ظُلِّل عليه، فقال: ما له؟ قالوا: رجلٌ صائم. فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ليسَ البرَّ أنْ تصوموا في السفر".
(١) (ج ٣/ ١٤١ - ١٤٢)، وكان في الأصل زيادة وتكرار فحذفته، لمخالفته لـ"مسلم"، ولعدم ورود ذلك في "مختصر الترغيب" للحافظ (ص ٨٥). وقد نقل كلامي هذا المعلقون الثلاثة (٢/ ٧٢)، ولجهلهم حملوه على الرواية الثانية المذكورة أعلاه، فقالا: "وحذف الألباني الرواية الثانية الواردة، وقال. .". وإنما حذفت قوله المكرر في الأصل وهو: "وفي رواية: فقيل له: إن بعض الناس قد صام فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة"! وبعده الرواية الثانية المذكورة أعلاه. (٢) قلت: وهذا موضع على مرحلتين من مكة.
(زاد في رواية):
"وعليكم برخصةِ اللهِ التي رخَّصَ لكم". (١)
وفي رواية:
"ليس من البرِّ الصومُ في السفر".
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[صحيح] وفي رواية للنسائي:
أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرَّ على رجلٍ في ظلِّ شجرةٍ يرشُّ عليه الماء، فقال:
"ما بال صاحبكم؟ ".
قالوا: يا رسول الله! صائم. قال:
"إنَّه ليس من البرِّ أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصةِ الله التي رخَّص لكم، فاقبلوها".
١٠٥٥ - (٣)[حسن صحيح] وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال:
أقبلنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوة، فَسِرنا في يوم شديدِ الحر، فنزلنا في بعض الطريق، فانطلق رجل منا فدخل تحت شجرة، فإذا أصحابه يلوذون به، وهو مضطجع كهيئة الوجِع، فلما رآهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"ما بال صاحبكم؟ ".
قالوا: صائم. فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ليس من البرِّ أنْ تصوموا في السفرِ، عليكم بالرخصة التي رخَّص الله لكم، فاقبلوها".
رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن.
(١) هذه الزيادة ليست إلا عند النسائي، وهي مخرجة في "إرواء الغليل" (٤/ ٥٤ - ٥٧).
١٠٥٦ - (٤)[حسن صحيح] وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
سار رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنزل بأصحابه، وإذا ناسٌ قد جعلوا عريشاً على صاحبهم، وهو صائم، فمرَّ به رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال:
"ما شأن صاحبِكُم! أوَجعٌ؟ ".
قالوا: لا يا رسول الله، ولكنَّه صائم، وذلك في يوم حرور. (١) فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"لا بِرَّ أنْ يُصامَ في سفرٍ".
رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله رجال الصحيح. (٢)
١٠٥٧ - (٥)[صحيح] وعن كعب بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:
"ليس مِنَ البرِّ الصيامُ في السفرِ".
رواه النسائي وابن ماجه بإسناد صحيح.
١٠٥٨ - (٦)[صحيح] وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ليس من البرِّ الصومُ في السفرِ".
رواه ابن ماجه وابن حبان في "صحيحه".
١٠٥٩ - (٧)[حسن صحيح] وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"إن اللهَ تباركَ وتعالى يُحبُّ أن تؤتى رُخصُه، كما يكره أن تُؤتى معصيتُه".رواه أحمد بإسناد صحيح، والبزار، والطبراني في"الأوسط"بإسناد حسن، وابن خزيمة وابن حبان في"صحيحيهما".(١)
[حسن صحيح] وفي رواية لابن خزيمة قال:
"إنَّ الله يحبُّ أنْ تؤتى رخصُه؛ كما يحب أنْ تتركَ معصيتُه".
١٠٦٠ - (٨)[صحيح] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إنَّ الله يحب أن تؤتى رخصُه؛ كما يحب أنْ تؤتى عزائمه".
رواه البزار بإسناد حسن والطبراني، وابن حبان في "صحيحه".
١٠٦١ - (٩)[صحيح] وعن أنس رضي الله عنه قال:
كنا مع النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في السفر فمنا الصائمُ، ومنا المفطرُ، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حارّ، أكثرنا ظلاً صاحبُ الكساء، ومنا من يَتَّقي الشمسَ بيده، قال: فسقط الصُّوّامُ، وقام المفطرون فضربوا الأبنية، وسَقَوْا الرِّكاب (٢)، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"ذهب المفطرونَ اليومَ بالأجرِ".
رواه مسلم. (٣)
١٠٦٢ - (١٠)[صحيح] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
غزونا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسِتَّ عَشْرَةَ مضت من رمضان، فمنا من صام، ومنا من أفطر، فلم يُعب الصائمُ على المفطرِ، ولا المفطرُ على الصائم.
وفي رواية:
يرون أنَّ من وجدَ قوةً فَصَامَ، فإنَّ ذلك حسن، ويرون أنَّ من وجد ضعفاً فأفطر، فإنَّ ذلك حسن.
رواه مسلم وغيره.
(قال الحافظ):
"اختلف العلماء أيهما أفضل في السفر؛ الصوم أو الفطر؟ فذهب أنس بن مالك رضي الله عنه إلى أنَّ الصوم أفضل، وحُكي ذلك أيضاً عن عثمان بن أبي العاصي، إليه ذهب إبراهيم النخعي وسعيد بن جبير والثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال مالك والفضيل بن عياض والشافعي: الصوم أحب إلينا لمن قوي عليه. وقال عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: الفطر أفضل. وروي عن عمر بن عبد العزيز وقتادة ومجاهد: أفضلهما أيسرهما على المرء. واختار هذا القول الحافظ أبو بكر بن المنذر، وهو قول حسن. والله أعلم". (١)
(١) قلت: ولقد صدق رحمه الله، "أفضلهما أيسرهما"، والناس تختلف طاقاتهم وظروفهم. فليأخذ كل منهم بما هو أيسر له، ولذلك صح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال لمن سأله عن الصوم في السفر: "صم إن شئت، وأفطر إن شئت". رواه مسلم (٣/ ١٤٥)، وفي طريق آخر صحيح بلفظ: "أي ذلك عليك أيسر فافعل"، وهو مخرج في "الصحيحة" (٢٨٨٤).
صحيح الترغيب والترهيب،ص:614إلى618.
(١) قلت: إسناده عندهم جميعاً يدور من طرق على عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع عن ابن عمر. وهذا إسناد حسن؛ حرب هذا لم يوثقه غير ابن حبان، وسقط من إسناد أحمد في رواية، فصارت ظاهرة الصحة ولكنها شاذة لمخالفتها الطرق المشار إليها، ولرواية أحمد الأخرى. انظر تفصيله في "الإرواء" (٣/ ٩ - ١٣). (٢) هما المطي، الواحدة: (راحلة) من غير لفظها. (٣) وكذا البخاري والنسائي وغيرهما بنحوه. كذا في "العجالة" (١٢٦/ ٢). وهو في "السنن الكبرى" للنسائي، كما في "الضعيفة" تحت الحديث (٨٤). وهو في كتابي "مختصر البخاري" (٥٦ - الجهاد/ ٨١ - باب)
(١) وزان (رسول): الريح الحارة، قال الفراء: تكون ليلاً ونهاراً. "المصباح". (٢) قلت: وتبعه الهيثمي (٣/ ١٦١)، وهو من أوهامهما، فإنَّه في "الكبير" (١٣/ ٤٥/ ١٠٩) من طريق حيي عن أبي عبد الرحمن عنه، حيي -هو ابن عبد الله المعافري- ليس من رجال "الصحيح"، وهو صدوق يهم. فهو حسن.