الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغز، ولم ينو الغزو، وذكر أنواع من الموت تلحق أربابها بالشهداء، والترهيب من الفرار من الطاعون)

الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغز، ولم ينو الغزو، وذكر أنواع من الموت تلحق أربابها بالشهداء، والترهيب من الفرار من الطاعون)

اللفظ / العبارة' الترهيب من أن يموت الإنسان ولم يغز، ولم ينو الغزو، وذكر أنواع من الموت تلحق أربابها بالشهداء، والترهيب من الفرار من الطاعون)
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

صحيح] عن أبي عمران قال:

كنا بمدينة الروم فأَخرجوا إلينا صفاً عظيماً من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلُهم وأكثر، وعلى أهلِ مصرَ عقبةُ بنُ عامرٍ، وعلى الجماعة فضالةُ ابن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل بينهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله! يُلقي بيديه (١) إلى التهلكة. فقام أبو أيوب فقال: أيها الناس! إنكم لَتَأَوَّلُون هذه الآية هذا التأوبل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعضٍ سراً دون رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله تعالى قد أعز الإسلام، وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا، وأصلحنا ما ضاع منها. فأنزل الله تعالى على نبيه ما يرد علينا ما قلناه: {وَأَنْفِقُوا (٢) فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وكانت التهلكةُ: الإقامةَ على الأموالِ وإصلاحَها، وتَرْكَنا الغزوَ. فما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم.

رواه الترمذي وقال: "حديث غريب صحيح".

١٣٨٩ - (٢) [صحيح لغيره] وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"إذا تبايعتم بالعِيْنة، (٣) وأَخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم


(١) الأصل: "بيده" على الإفراد، والتصويب من الترمذي وغيره. انظر "الأحاديث الصحيحة" (رقم ١٣). وهو مما غفل عنه المعلقون الثلاثة! فما أكثر غفلاتهم!
(٢) الأصل: "وللفقراء"، وهو خطأ فاحش. وكذلك وقع في طبعة عمارة!
(٣) هي أن يبيع رجلاً سلعة بثمن إلى أجل، ثم يشتريها منه بأقل من ذلك الثمن نقداً، وهو محرم لما فيه من الاحتيال على الربا. ومن جهل المعلقين بالعلم والفقه قولهم في تفسيرها: " (بالعينة) " بالمال الحاضر من النقد، والمراد والانشغال بالبيع والشراء"!! فافهم عليهم إن كنت تفهم!! ومن تمام جهلهم أنهم ضعفوا الحديث، ولم يعبؤوا بطرقه المقوية له.

الجهاد؛ سَلَّط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".

رواه أبو داود وغيره من طريق إسحاق بن أَسيِد نزيل مصر (١).

١٣٩٠ - (٣) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدِّث به نفسه؛ مات على شعبةٍ من النفاقِ".

رواه مسلم وأبو داود والنسائي.

١٣٩١ - (٤) [حسن] وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"من لم يَغْزُ، أو يجهّزْ غازياً، أو يخلِفْ غازِياً في أهله بخير؛ أصابَهُ الله تعالى بقارعةٍ قبلَ يومِ القيامةِ".

رواه أبو داود وابن ماجه عن القاسم عن أبي أمامة.

١٣٩٢ - (٥) [حسن] وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"ما تركَ قومٌ الجهادَ؛ إلا عمَّهم اللهُ بالعذابِ".

رواه الطبراني (٢) بإسناد حسن.

[فصل]

١٣٩٣ - (٦) [صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"ما تعدون الشهداء فيكم؟ ".

قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد. قال:

"إن شهداء أمتي إذاً لقليل".فأَرَمَّ القومُ، وتحرك عبد الله فقال: أَلا تجيبون رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ ثم أجابه هو فقال: نَعُدُّ الشهادة في القتل. فقال:

"إن شهداءَ أمتي إذاً لقليل، إن في القتلِ شهادةً، وفي الطاعون شهادةً، وفي البطنِ شهادةً، وفي الغرقِ شهادةً، وفي النفساءِ يقتُلُها ولدها جُمْعاً (٢) شهادة".

رواه أحمد والطبراني -واللفظ له-، ورواتهما ثقات (أرَمَّ القوم) بفتح الراء وتشديد الميم: سكتوا، وقيل: سكتوا من خوف ونحوه.

وقوله: "يقتلها ولدها جمعاً" مثلثة الجيم ساكنة الميم. أي ماتت وولدها في بطنها، يقال: ماتت المرأة بجمع، مثلثة الجيم إذا ماتت وولدها في بطنها. وقيل: إذا ماتت عذراء أيضاً.

١٣٩٥ - (٨) [صحيح لغيره] وعن ربيع الأنصاري رضي الله عنه:

أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاد ابن أخي جابر الأنصاري، فجعل أهله يبكون عليه، فقال لهم جابر: لا تؤذوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأصواتكم. فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"دعهن يبكين ما دام حياً، فإذا وجب فَلْيَسْكُتْنَ".

فقال بعضهم: ما كنا نرى أن يكون موتك على فراشك حتى تقتل في سبيل الله مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"أو ما القتل إلا في سبيل الله؟! إن شهداء أمتي إذاً لقليل! إن الطعنَ لشهادةٌ، والبطنَ شهادةٌ، والطاعونَ شهادةٌ، والنفساءَ بجمع شهادةٌ، والحَرَقَ شهادةٌ، والغَرَقَ شهادةٌ، وذاتَ الجنْبِ (١) شهادةٌ".

رواه الطبراني، ورواته محتج بهم في "الصحيح".

قوله: (بجمع) تقدم قبله.

(فإذا وجب) أي: إذا مات.

١٣٩٦ - (٩) [حسن صحيح] وعن راشد بن حبيش رضي الله عنه:

أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دخل على عبادة بن الصامت يعوده في مرضه، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

(١) قال في "النهاية": "وهي الدبيلة، والدملة الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل، وقلما يسلم صاحبها"

(١) قلت: لكن جاء من طرق أخرى يتقوى بها كما أشار إلى ذلك البيهقي، ولذلك خرجتها في "الصحيحة" (برقم ١١).
(٢) قلت: أطلق العزو إليه، وذلك يعني أنه في "المعجم الكبير"، وإنما هو في "الأوسط" (٣٨٥١).

صحيح الترغيب والترهيب،ج:2،ص:148إلى 151.



Loading...