الترهيب من قتل الإنسان نفسه

الترهيب من قتل الإنسان نفسه

اللفظ / العبارة' الترهيب من قتل الإنسان نفسه
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

الترهيب من قتل الإنسان نفسه).

٢٤٥٤ - (١) [صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"مَنْ تَردَّى مِنْ جَبلٍ، فقتلَ نفسَه؛ فهو في نارِ جهنَّمَ، يتردَّى فيها خالداً مُخَلَّداً فيها أبَداً، ومَنْ تَحسَّى سُمّاً، فقتَل نفْسَه؛ فسُمُّه في يدِه يتَحسَّاهُ في نارِ جَهنَّمَ خالِداً مُخلَّداً فيها أَبَداً، ومَنْ قتلَ نفسه بحديدةٍ؛ فحَديدتُه في يدهِ يتَوجَّأ بِها في نارِ جَهنَّم خالدِاً مخلداً فيها أبَداً".

رواه البخاري ومسلم، والترمذي بتقديم وتأخير، والنسائي.

[صحيح لغيره] ولأبي داود:

"ومَنْ حَسا سُمَّاً؛ فسُمُّه في يدهِ يتَحسَّاه في نارِ جَهنَّمَ".

(تَردَّى) أي: رمى بنفسه من الجبل أو غيره فهلك.

(يتَوَجَّأُ بها) مهموزاً؛ أي: يضرب بها نفسه.

٢٤٥٥ - (٢) [صحيح] وعنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"الذي يَخنُقُ (١) نفْسَهُ؛ يخْنُقها في النارِ، والذي يطعَنُ نفْسَه؛ يطعَنُ نفْسَهُ في النارِ، والذي يَقْتَحِمُ؛ يَقْتَحِمُ في النارِ".

رواه البخاري. (٢)


(١) بضم النون. و (يطعن) بفتح العين وضمها. وإنما كان الخنق والطعن في النار لأن الجزاء من جنس العمل. والله أعلم.
(٢) قلت: جملة التقحم ليست عند البخاري، وقد نبه على ذلك الحافظ الناجي، ومع ذلك لم يتنبه لها المعلقون الثلاثة، ولا غرابة، فهي شنشِنة. . ولكن الغرابة أن الحافظ مر عليها، ولم يعزها لأحد، وقد رواها أحمد وغيره بهذا التمام بسند صحيح، كما بينته في "الصحيحة" (٣٤٢١)، ويشهد لها عموم قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ومن قتل نفسه بشيء عُذب به يوم القيامة"، ويأتي في حديث ثابت بن الضحاك الآتي بعد حديثين.[صحيح] وعن الحسن البصري قال: حدثنا جندب بن عبد الله في هذا المسجد، فما نسينا منه حديثاً، وما نخاف أنْ يكون جندب كذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"كان برجلٍ جراحٌ (١) فقتلَ نفسَهُ، فقالَ اللهُ: بَدَرَني عبدي بنفسه، فَحَرَّمْتُ عليه الجنةَ".

[صحيح] وفي رواية: قال:

"كان فيمن كانَ قبلَكم رجلٌ به جرحٌ، فجزعَ، فأخذ سكيناً فحزَّ بها يده فما رقأَ الدم حتى مات، فقال الله: بادرني عبدي (٢) بنفسه" الحديث.

[صحيح] رواه البخاري، ومسلم ولفظه: قال:

"إنَّ رجلاً كانَ مِمَّنْ كان قبْلَكم خرَجَتْ بوجْهِهِ قُرْحَةٌ، فلمَّا آذتْهُ انْتزَع سَهْماً مِنْ كنانَتِه فَنَكَأَها، فَلَمْ يَرْقَأِ الدمُ حتّى ماتَ، قال ربُّكُمْ: قد حرَّمْتُ عليه الجنَّةَ".

(رقَأَ) مهموزاً أي: جف وسكن جريانه.

(الكِنَانَة) بكسر الكاف: جعبة النشاب.

(نكَأَها) بالهمز أي: نخسها وفجرها.

٢٤٥٧ - (٤) [صحيح لغيره] وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه:

أنَّ رجلاً كانتْ بِه جَراحَةٌ، فأتى قَرَناً له، فأَخذ مشْقصاً فذَبَح به نفْسَه، فلَمْ يُصِلِّ عليه النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

رواه ابن حبان في "صحيحه".

(القَرَن) بفتح القاف والراء: جعبة النشاب.

و (المِشْقَص) بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وفتح القاف: سهم فيه نصل عريض. وقيل: هو النصل وحده. وقيل: سهم فيه نصل طويل. وقيل: النصل وحده.

وقيل: هو ما طال وعرض من النصال.

٢٤٥٨ - (٥) [صحيح] وعن أبي قلابة؛ أنَّ ثابتَ بْنَ الضحَّاكِ أخبره:

أنه بايَعَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تحتَ الشَّجرة، وأنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"مَنْ حلفَ على يمينٍ بِمِلَّةٍ غيرِ الإسْلامِ كاذِباً مُتَعمِّداً؛ فهوَ كما قالَ.

ومَنْ قَتَل نفْسَه بشيْءٍ عُذِّبَ به يومَ القِيامَةِ، وليسَ على رجلٍ نَذْرٌ فيما لا يَمْلكُ، ولَعْنُ المؤمِنِ كَقَتْلِهِ، ومَنْ رَمى مؤمِناً بكُفْرٍ فهو كَقَتْلِهِ، ومَنْ ذَبَح نَفْسَهُ بشيءٍ؛ عُذِّبَ به يومَ القيامةِ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي باختصار، والترمذي وصححه، ولفظه:

أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"ليسَ على المرْءِ نذرٌ فيما لا يملِكُ، ولاعِنُ المؤْمِنِ كقاتِلِه، ومَنْ قذفَ مؤْمِناً بكفْرٍ فهو كقاتِلِه، ومَنْ قتلَ نفْسَهُ بشيْء؛ عذَّبَهُ الله بما قتَلَ به نَفْسَه يومَ القِيامَةِ".

٢٤٥٩ - (٦) [صحيح] وعن سهل بن سعدٍ رضي الله عنه:

أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْتَقى هو والمشْرِكونَ فاقْتَتَلوا، فلمَّا مالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عَسْكَرِه، ومال الآخرون إلى عَسْكَرِهِمْ، وفي أصْحابِ رسولِ الله  صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلٌ لا يَدعُ لهم شاذَّةً ولا فاذَّةً إلا أتْبَعها يضْرِبُها بسيْفِهِ. فقالوا: ما أجْزَأَ مِنَّا اليومَ أحدٌ كما أجْزَأَ فلانٌ! فقالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أمَا إنَّهُ مِنْ أهْلِ النارِ".

وفي رواية:

"فقالوا: أيُّنا مِنْ أهْلِ الجنَّةِ إنْ كان هَذا مِنْ أهلِ النارِ؟ فقال رجلٌ مِنَ القومِ: أنا أُصاحِبُه أبَداً. قال: فَخرجَ معه، كلَّما وقَف وقَفَ معَهُ، وإذا أسْرَعِ أسْرعَ مَعهُ، قال: فجُرِحَ الرجلُ جُرْحاً شَديداً فاسْتَعْجلَ الموْتَ، فوضَعَ سَيْفه بالأرْضِ وذُبَابَهُ بينَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ على سَيْفِه فَقتَل نَفْسَهُ! فَخرَج الرجُلُ إلى رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رسولُ الله. قال:

"وما ذاك؟ ".

قال: الرجلُ الذي ذكَرْتَ آنِفاً أنَّه مِنْ أهْلِ النارِ، فأعْظَمَ الناسُ ذلك، فقلتُ: أنا لَكُمْ بِه. فخرجْتُ في طَلَبِهِ حتى جُرِحَ جُرْحاً شديداً، فاسْتَعْجَل الموْتَ، فوضَع نَصْلَ سيْفِه بالأرضِ، وذُبَابَة بين ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تحامَل عليه فقَتَل نفْسَهُ. فقال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"إنَّ الرجلَ لَيعملُ عملَ أهلِ الجنَّةِ فيما يَبْدو للِنَّاسِ، وهو مِنْ أهل النارِ، وإنَّ الرجُلَ ليَعملُ عملَ أهلِ النار فيما يَبْدو للِنَّاسِ، وهو مِنْ أهْلِ الجنَّةِ".

رواه البخاري ومسلم.


(١) الجراح بكسر الجيم. ويروى (خراج) بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء؛ وهو في اصطلاح الأطباء الورم إذا اجتمع مادته المتفرقة في ليف العضو الورم إلى تجويف واحد وقبل ذلك يسمى ورماً.
(٢) معنى (المبادرة) عدم صبره حتى يقبض الله روحه حتف أنفه. يقال: بدرني: أي سبقني، من بدرت الشيء أبدر بدوراً، إذا أسرعت، وكذلك بادرت إليه.

صحيح الترغيب والترهيب،ج:2،ص:636إلى639.


Loading...