و (غَمْطُ الناسِ) بفتح الغين المعجمة وسكون الميم وبالطاء المهملة: هو احتقارهم وازدراؤهم؛ كما جاء مفسراً عند الحاكم. [مضى هنا/ ٢٢]. (٣)[صحيح]وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"إذا سمعتَ الرجلَ يقول: (هَلَك الناسُ)، فهو أَهْلَكُهم".
رواه مالك ومسلم (١)، وأبو داود وقال (٢):
"قال أبو إسحاق: سمعته بالنصب والرفع، ولا أدري أيهما قال. يعني بنصب الكاف من (أهلكهم) أو رفعها".
وفسره مالك:"إذا قال ذلك معجباً بنفسه مزدرياً بغيره فهو أشد هلاكاً منهم، لأنه لا يدري سرائر الله في خلقه" انتهى.
٢٩٦١ - (٤)[صحيح] وعن جُنْدُبِ بْنِ عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
"قال رجلٌ: والله لا يَغْفِرُ الله لِفُلانٍ، فقالَ الله عزَّ وجلَّ: مَنْ ذا الَّذي يَتأَلَى عَليَّ أنْ لا أغْفِرَ له؟ إنِّي قد غَفَرْتُ له، وأحْبَطْتُ عَملكَ".
رواه مسلم.
٢٩٦٢ - (٥)[صحيح لغيره] وعن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:
"إنَّ أنْسابَكُم هذه ليسَتْ بِسِبابٍ على أحَدٍ، وإنَّما أنْتُم وَلدُ آدَم، طَفُّ الصَّاعِ (٣) لَمْ تَمْلؤُوه، ليسَ لأَحدٍ فَضْلٌ عَلى أحَدٍ إلا بالدِّينِ، أو عَملٍ صَالِحٍ،
(١) قلت: وكذا البخاري في "الأدب المفرد" (٧٥٩) من طريق مالك، وهو في "الموطأ" (٣/ ٢٥١) وعنه الآخرون، لكن له عند مسلم (٢٦٢٣) متابع. (٢) قلت: يعني أبا داود كما هو ظاهر، وهو خطأ، فإن قول أبي إسحاق المذكور لم يرد في "سنن أبي داود"، وإنما في "صحيح مسلم" عقب الحديث، ولفظه: "قال أبو إسحاق: لا أدري (أهلكَهم) بالنصب أو (أهلكُهم) بالرفع". وأبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه الزاهد راوي "صحيح مسلم". أفاده الناجي. (٣) بفتح الطاء المهملة وتشديد الفاء: هو أن يقرب أن يمتلئ فلا يفعل، قاله الناجي. وفي "النهاية": "والمعنى: كلكم في الانتساب إلى أب واحد بمنزلة واحدة في النقص والتقاصر عن غاية التمام، وشبههم بالكيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال".
حسْبُ الرجل أنْ يكون فاحشاً بذيّاً، بخيلاً، جباناً](١)".
رواه أحمد والبيهقي؛ كلاهما من رواية ابن لهيعة (٢). ولفظ البيهقي قال:
"ليسَ لأَحَدٍ على أَحَدٍ فَضْلٌ إلا بِالدِّينِ أو عَملٍ صَالحٍ. حَسْبُ الرجلِ أنْ يكونَ فاحِشاً بذيّاً بَخِيلاً".
وفي رواية له:
"ليسَ لأَحَدٍ على أحَدٍ فضْلٌ إلا بِدِينٍ أوْ تَقْوىً، وكَفى بالرجلِ أنْ يكونَ بَذيّاً فاحِشاً بَخيلاً".
قوله:(طفُّ الصَّاعِ) بالإضافة، أي: قريب بعضكم من بعض.
٢٩٦٣ - (٦)[حسن لغيره] وعن أبي ذرّ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال له:
"انظر! فإنَّك لسْتَ بِخَيْرٍ مِنْ أحْمَر ولا أسْودَ، إلا أن تَفْضُلَهُ بِتَقْوى".
رواه أحمد، ورواته ثقات مشهورون، إلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر.
٢٩٦٤ - (٧)[صحيح لغيره] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
خطَبنا رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أوْسَطِ أيَّامِ التشْرِيقِ خُطْبَةَ الوَداعِ فقال:
"يا أيُّها النَّاسُ! إنَّ ربَّكُمْ واحِدٌ، وإنَّ أباكُمْ واحِدٌ، ألا لا فَضْلَ لِعَربيٍّ على عجميٍّ، ولا لِعَجَمِيٍّ على عَربيٍّ، ولا لأَحْمرَ على أسْوَدَ، ولا لأَسْودَ على أحْمرَ؛ إلا بِالتقْوى، {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، ألا هَلْ بلَّغْت؟ ".
قالوا: بَلى يا رسولَ الله. قال:"فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ"، ثم ذكرَ الحديثَ في تحريمِ الدماءِ والأمْوالِ والأعْراضِ.
رواه البيهقي وقال:
"في إسناده بعض من يجهل"(١).
(١) زيادة من "المسند" (٤/ ١٤٥)، وكذا الطبراني (١٧/ ٢٩٥/ ٨١٤).
(٢) قلت: لكن رواه عنه ابن وهب في "الجامع"، وهو صحيح الحديث عنه كما ذكر غير ما واحد من الحفاظ، وقد خرجته في "الصحيحة" (١٠٣٨)، وعزاه في "منهاج السنة" (٤/ ٢٠١) لأبي داود، وما أظنه إلا وهماً.