باب ذكر الرياء والسمعة وقول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}
١٠ - عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من سمَّع سمَّع الله به ومن يرائي يرائي الله به» أخرجاه.
(قيل معنى من سمع سمع الله به أي فضحه يوم القيامة، ومعنى من
ــ
(١٠) رواه البخاري الرقائق ١١ / ٣٣٥ رقم ٦٤٩٩ والأحكام ١٣ / ١٢٨ رقم ٧١٥٢ ومسلم الزهد ٤ / ٢٢٨٩ رقم ٢٩٨٧.
الرياء مشتق من الرؤية، والرياء أصله طلب المنزلة في قلوب الناس بإيرائه خصال الخير.
والسمعة مشتقة من السماع، والمراد بها نحو ما في الرياء لكنها تتعلق بحاسة السمع والرياء بحاسة البصر.
ومعناه أن من عمل عملا على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه، جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه، وقيل من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس، ولم يرد به وجه الله فإن الله يجعله حديثا عند الناس، الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة. قال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ - أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} .
يرائي: أي من أظهر العمل الصالح للناس ليعظم عندهم «يرائي به الله» قيل معناه إظهار سريرته للناس.
١١ - ولهما عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» .
١٢ - ولمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا «إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة ثلاثة - رجل استشهد في سبيل الله فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال قاتلت في سبيلك حتى قتلت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت ليقال هو جريء فقيد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه فأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أنه ينفق فيه إلا أنفقت فيه لك قال الله كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار - وللترمذي(١)فيه أن معاوية - رضي الله عنه - لما سمعه بكى وتلا قوله{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}الآية[هود: ١٥].
(١) رواه الترمذي الزهد ٤ / ٥١٠ رقم ٢٣٨٢ وابن حبان في صحيحه ٢ / ١٣٥ رقم ٤٠٨ وقال الترمذي حسن غريب
ــ(١١) رواه البخاري بدء الوحي ١ / ٩ رقم ١ ورقم ٥٤، ٢٥٢٩، ٣٨٩٨، ٥٠٧٠، ٦٦٨٩، ٦٩٥٣ ومسلم الإمارة ٣ / ١٥١٥ رقم ١٩٠٧.