٦٧ - في الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال: - «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " قالوا يا رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: " إنه كان حريصا على قتل صاحبه» .
ــ
(٦٧) رواه البخاري الإيمان ١ / ٨٤ رقم ٣١ والديات رقم ٦٨٧٥ والفتن ٧٠٨٣ ومسلم الفتن ٤ / ٢٢١٣ رقم ٢٨٨٨.
قال الحافظ ابن حجر: قال العلماء معنى كونهما في النار لأنهما يستحقان ذلك ولكن أمرهما إلى الله تعالى إن شاء عاقبهما ثم أخرجهما من النار كسائر الموحدين وإن شاء عفا عنهما أصلا.
وقال أخرج البزار زيادة تبين المراد وهي «إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار» ، ويؤيده ما أخرجه مسلم بلفظ «لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان لا يدرى القاتل ولا المقتول فيم قتل فقيل كيف يكون ذلك؟ قال الهرج القاتل والمقتول في النار» .
قال القرطبي: فبين هذا الحديث أن القاتل إذا كان على جهل من طلب الدنيا أو اتباع هوى فهو الذي أريد بقوله القاتل والمقتول في النار ولا يلزم من كون القاتل والمقتول في النار أن يكون في مرتبة واحدة، فالقاتل يعذب على القاتل والقتل، والمقتول يعذب على القتال فقط فلم يقع التعذيب على العزم المجرد فقط.
وعن أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه - مرفوعا «مثل هذه الأمة كمثل أربعة رجال: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل في ماله بعلمه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا. فقال لو كان لي مال مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمله، فهما في الأجر سواء - ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يتخبط في ماله لا يدرى ما له مما عليه - ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فقال لو كان لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل ما عمل فلان فهما في الوزر سواء» صححه الترمذي.
ــ
(٦٨) رواه ابن ماجه الزهد ٢ / ١٤١٣ رقم ٤٢٢٨ وأحمد ٤ / ٢٣٠ ورواه الترمذي الزهد ٤ / ٤٨٧ رقم ٢٣٢٥ وفيه زيادة في أوله وقال الترمذي حسن صحيح.
فإن قال قائل هذا مخالف لحديث الصحيحين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال. . «فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له. . ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة. .» الحديث. يحمل الحديث المتفق عليه على من هم بالمعصية هما مجردا من غير تصميم وحديث أبي كبشة على من صمم على ذلك وأصر عليه، وقال إن العزم على السيئة تكتب سيئة مجردة لا السيئة التي هم أن يعملها.
فمن عزم على المعصية وصمم عليها كتبت عليه سيئة، فإذا عملها كتبت عليه معصية ثانية. قال النووي: وهذا ظاهر حسن لا مزيد عليه قد تظاهرت نصوص الشريعة بالمؤاخذة على عزم القلب المستقر كقولة تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} الآية قال ابن الجوزي: إذا حدث نفسه بالمعصية لم يؤاخذ فإن عزم وصمم زاد على حديث النفس وهو من عمل القلب، والدليل على التفريق بين الهم والعزم أن من كان في الصلاة فوقع في خاطره أن يقطعها لم تنقطع فإن صمم على قطعها بطلت.