قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين لَا يشْهدُونَ الزُّور} الْآيَة وَفِي الْأَثر عدلت شَهَادَة الزُّور الشرك بِاللَّه تَعَالَى مرَّتَيْنِ وَقَالَ الله تَعَالَى {وَاجْتَنبُوا قَول الزُّور} وَفِي الحَدِيث لَا تَزُول قدما شَاهد الزُّور يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تجب لَهُ النَّار قَالَ المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى شَاهد الزُّور قد ارْتكب عظائم (أَحدهَا) الْكَذِب والافتراء قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله لَا يهدي من هُوَ مُسْرِف كَذَّاب} وَفِي الحَدِيث يطبع الْمُؤمن على كل شَيْء لَيْسَ الْخِيَانَة وَالْكذب (وَثَانِيها) إِنَّه ظلم الَّذِي شهد عَلَيْهِ حَتَّى أَخذ بِشَهَادَتِهِ مَاله وَعرضه وروحه (وَثَالِثهَا) إِنَّه ظلم الَّذِي شهد لَهُ بِأَن سَاق إِلَيْهِ المَال الْحَرَام فَأَخذه بِشَهَادَتِهِ فَوَجَبت لَهُ النَّار وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قضيت لَهُ من مَال أَخِيه بِغَيْر حق فَلَا يَأْخُذهُ فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من نَار (وَرَابِعهَا) أَنه أَبَاحَ مَا حرم الله تَعَالَى وَعَصَمَهُ من المَال وَالدَّم وَالْعرض قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَلا أنبئكم بأكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين أَلا وَقَول الزُّور أَلا وَشَهَادَة الزُّور فَمَا زَالَ يكررها حَتَّى قُلْنَا ليته سكت رَوَاهُ البُخَارِيّ فنسأل الله تَعَالَى السَّلامَة والعافية من كل بلَاء .
كتاب الكبائر، ص:79 / 80 .
باب ما جاء في شهادة الزور وقول الله تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} الآية. [الحج: ٣٠] .
٩٣ - عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا:«إن الطير لتخفق بأجنحتها، وترمي ما في حواصلها من هول يوم القيامة وإن شاهد الزور لا تزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار» .
ــ
(٩٣) رواه ابن ماجه مختصرا الأحكام ٢ / ٧٩٤ رقم ٢٣٧٣ والحاكم في المستدرك ٤ / ٩٨ بلفظ: «لا تزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتى تجب له النار» وقال الحاكم صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. قلت في إسناده محمد بن الفرات وهو كذاب.
ورواه أبو نعيم في الحلية ٧ / ٢٦٤ من طريق محمد بن خليد عن خلف بن خليفة عن مسعر عن محارب عن ابن عمر. ومحمد بن خليد ضعيف.
ولهما من حديث أبي بكر - رضي الله عنه - «ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا، ليته سكت» .
ــ
(٩٤) رواه البخاري في الشهادات ٥ / ٢٦١ رقم ٢٦٥٤ ومسلم الإيمان ١ / ٩١ رقم ٨٧ من حديث طويل فيه «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر» . . . الحديث.
أصل الزور: تحسين الشيء ووصفه بخلاف الحقيقة حتى يخيل لمن سمعه أنه خلاف ما هو به.
وفي الاصطلاح مدح من لا يشهد شيئا من الباطل.
ويشعر التكرير تأكيد تحريمه وعظم قبحه وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعا على الناس والتهاون بها أكثر فإن الإشراك ينبوعه قلب المسلم، والعقوق يصرف عنه الطبع وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة والحسد وغيرهما فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك قطعا بل لكون مفسدة الزور متعدية إلى غير الشاهد بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالبا.