" ٩٢ "باب تكثير السواد في الفتن ١٨٨ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " «من حمل علينا السلام فليس منا، ومن غشنا فليس منا» رواه مسلم.
١٨٩ - وفي البخاري عن محمد بن عبد الرحمن أبي الأسود قال: قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه. فلقيت عكرمة فأخبرته فنهاني أشد النهي وقال:«أخبرني عبد الله بن عباس أن أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتي السهم»
ــ
(١٨٨) رواه مسلم إيمان ١ / ٩٩ رقم ١٠١.
ليس منا: قال النووي ١ / ١٠٩ معناه عند أهل العلم أنه ليس ممن اهتدى بهدينا واقتدى بعلمنا وعملنا وحسن طريقتنا كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست مني وهكذا القول في كل الأحاديث الواردة بنحوه.
وقال ٢ / ١٠٨ وعليه قاعدة مذهب أهل السنة والفقهاء وهي أن من حمل السلاح على المسلمين بغير حق ولا تأويل ولم يستحله فهو عاص ولا يكفر بذلك فإن استحله كفر.
فأما تأويل الحديث فقيل محمول على المستحل بغير تأويل فيكفر ويخرج من الملة وقيل معناه ليس على سيرتنا الكاملة وهدينا.
وكان سفيان بن عيينة رحمه الله يكره قول من يفسره بليس على هدينا ويقول بئس هذا القول يعنى بل يمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر والله أعلم.
(١٨٩) رواه البخاري التفسير ٨ / ٢٦٢ رقم ٤٥٩٦ والفتن ١٣ / ٣٧ رقم ٧٠٨٥.
البعث: الجيش والمعنى أنهم ألزموا أهل المدينة بإخراج جيش لقتال أهل الشام وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة.
فيأتي السهم فيرمي به. قال الحافظ ١٣ / ٣٨ قيل هو من القلب والتقدير فيرمي بالسهم.
أو يضرب: معطوف على فيأتي لا على فيصيب أي يقتل إما بالسهم وإما بالسيف.
وفي الحديث تخطئة من يقيم بين أهل المعصية باختياره، لا لقصد صحيح من إنكار عليهم مثلا، أو رجاء إنقاذ مسلم من هلكة، وأن القادر على التحول عنهم لا يعذر، كما وقع للذين كانوا أسلموا ومنعهم المشركون من أهلهم من الهجرة ثم كانوا يخرجون مع المشركين، لا لقصد قتال المسلمين بل لإيهام كثرتهم في عيون المسلمين، فحصلت لهم المؤاخذة بذلك، فمن خرج في جيش يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك أ. هـ الفتح. قال الحافظ ٨ / ٢٦٣ وفي هذه القصة دلالة على براءة عكرمة مما نسب إليه من رأي الخوارج لأنه بالغ في النهي عن قتال المسلمين وتكثير سواد من يقاتلهم. وعرض عكرمة أن الله ذم من كثر سواد المشركين مع أنهم كانوا لا يريدون بقلوبهم موافقتهم، واستنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يعمل فيها بالمعصية.
«يرمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل الله {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآية»[النساء: ٩٧] .
١٩٠ - وقوله: صلى الله عليه وسلم: «وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ» .
ــ(١٩٠) رواه مسلم الإمارة ٣ / ١٤٨١ رقم ١٨٥٤ عن أم سلمة مرفوعا: «ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا»