من عجائب آيات الله سبحانه وتعالى: أنهم لما تركوا الاجتماع على كتاب الله عز وجل، وشرعه المنزل على الرسل، والاعتصام به، ابتلاهم الله بالتفرق والتشتت والتناحر، والفرح بما هم عليه من الباطل. وهذه عقوبة لهم؛ لأن الإنسان إذا فرح بالباطل فإنه لا يتركه، أما إذا لم يفرح به وكان عنده تشكك منه، فهذا حريٌّ أنه يتوب ويرجع عنه، لكن إذا اطمأن إليه وفرح به، فإنه لا يتحول عنه، وهذه عقوبة من الله اطمأن إليه وفرح به، فإنه لا يتحول عنه، وهذه عقوبة من الله جل وعلا؛ لأن من ترك الحق يبتلى بالباطل، ومن ترك الاجتماع فإنه يبتلى بالتفرق والتشتت، والتناحر والتطاحن، فما تجد أناساً مختلفين فيما بينهم من أمور الدين والدنيا إلا وتجد بينهم العداوات والحزازات والبغضاء، بل ربما الاقتتال فيما بينهم، ولا تجد من يتمسك بالاجتماع على الكتاب والسنة
إلا وتجد بينهم الألفة والمحبة والتناصر والتعاون، كأنهم جسدٌ واحد، فلا عصمة إلا بالاجتماع على الكتاب والسنة، ولا وحدة إلا باتباع الكتاب والسنة، وما عدا ذلك فإنه فرقة وعذاب.
فهؤلاء الذين يريدون توحيد المسلمين كما يقولون، يقال لهم: إذا كنتم تريدون توحيد المسلمين، وَحِّدوا العقيدة؛ بأن تكونوا جميعاً على عقيدة التوحيد التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تتركوا الناس، هذا قبوري، وهذا صوفي، وهذا شيعي، وحدوا العقيدة أولاً، واعتصموا بلا إله إلا الله، ثم وحدوا الحكم بما أنزل الله، فارجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله، وانبذوا القوانين والأنظمة والعادات القبلية وغير ذلك، ارجعوا إلى الكتاب والسنة، إذا كنتم تريدون الاجتماع ووحدة المسلمين، فلن يتحد المسلمون إلا على هذا، إلا على وحدة العقيدة ووحدة المرجع؛ وهو الحكم بما أنزل الله، ووحدة القيادة؛ وذلك بالسمع والطاعة لولي أمر المسلمين، هذا الذي يوحد أمر المسلمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاّه الله أمركم" ١.