من مسائل أهل الجاهلية: أنهم يقولون: إن القرآن قول البشر، كما قاله الوليد بن المغيرة.
والقرآن كلام الله سبحانه وتعالى، تكلم الله به حقيقة وأوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل، فهو كلامه حقيقة، وسماه كلامه في آيات كثيرة. مثل قوله:{حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّه}[التوبة: ٦] ، {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ ... }[الفتح: ١٥] .
وهذا هو اعتقاد أهل السنة والجماعة وأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
والمشركون يعرفون أنه كلام الله، وأنه ليس من كلام محمد؛ لأنه لو كان من كلام محمد لكان باستطاعتهم أن يقولوا مثله؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم مثلهم، فلو كان من كلامه
كان باستطاعتهم أن يحاكوه، والله جل وعلا تحدّاهم، أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور من مثله، أو بسورة واحدة مثله، فلم يأتوا بشيء من ذلك، مع كفرهم وعنادهم وحرصهم على مشاقة الله ورسوله، فلو كان باستطاعتهم أن يأتوا بسورة من مثله لما تأخروا، ولكن عجزوا عن ذلك، فدل ذلك على أنه كلام الله جل وعلا، لا كلام غيره، لا كلام جبريل ولا كلام محمد –عليهما الصلاة والسلام- مبلغان عن الله جل وعلا كلامه بأمانة والكلام يضاف إلى من قاله مبتدأ لا إلى من قاله مبلغاً مؤدياً.
والكفار يكابرون، تارة يقولون: القرآن سحر، وتارة يقولون: إنه تعلمه محمد صلى الله عليه وسلم من علماء أهل الكتاب، وينوّعون الأقوال؛ مما يدل على كذبهم في هذا وتخرصاتهم.
فالذي يعتقد أن القرآن كلام محمد، وأنه قول البشر، فقوله هذا هو قول أهل الجاهلية، كما عليه الجهمية والمعتزلة ومن شابههم، ممن يقولون: إن القرآن ليس كلام الله، وإنما خلقه الله جل وعلا في جبريل، أو في اللوح المحفوظ. أو غير ذلك من الأقوال الباطلة التي هي من جنس قول الجاهلية.