المكر: إيصال المكروه بطريقة خفية وهو نوعان: مكر حسن ومكر سيئ.
والمكر السيئ هو: الحيل الخفية لإيصال الشر لمن لا يستحقه، قال تعالى في قوم نوح:{وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً}[نوح: ٢٢-٢٤] والكبّار هو: العظيم، فهم يمكرون بالناس مكراً عظيماً بهذه الحيل، وهذه الطرق الخبيثة التي يدعونهم بها إلى الشرك، وإذا جاءتهم دعوة التوحيد حذّروهم منها، وقالوا: هؤلاء يريدون أن يترأسوا عليكم، ويريدون أن يتفضلوا عليكم.
فتحسين القبيح للناس، وتقبيح الحسن، هو المكر الكُبّار الذي لا يزال يزاوله دعاة الضلال قديماً وحديثاً؛ لصرف الناس عن الحق إلى الباطل، وإخراجهم من النور إلى الظلمات، كما قال تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة: ٢٥٧] وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}[الأنعام: ١١٢] أي: اتركهم وكذبهم، ولا تلتفت إليهم. فهذا فيه: النهي عن الإصغاء لدعاة الضلال، إلا على سبيل معرفة باطلهم لرده.