قتداؤهم بمن لا يصلح للقدوة

قتداؤهم بمن لا يصلح للقدوة

اللفظ / العبارة' قتداؤهم بمن لا يصلح للقدوة
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

قتداؤهم بمن لا يصلح للقدوة

[إِنَّ أَئِمَّتَهُم: إِمّا عالِمٌ فاجرٌ، وإمَّا عابدٌ جاهلٌ، كمَا في قوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة: ٧٥-٧٨] .

الشرح

قدوة أهل الجاهلية من اليهود والنصارى وغيرهم: إما عالم فاجر، وهو الذي لا يعمل بعلمه، مثل أحبار اليهود. وإما عابد جاهل، وهو العامل بغير علم، مثل رهبان النصارى، كما قال الله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١] يحلِّلون لهم الحرام، ويحرِّمون عليهم الحلال، ويطيعونهم في ذلك، وفي سورة البقرة يقول تعالى:

{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: ٧٥] فقوله: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} أي: من بعد ما عرفوا لفظه ومعناه الصحيح، من أجل أهوائهم وأغراضهم وشهواتهم، كما حصل منهم في قصة الزاني في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، حينما زنا رجل من اليهود بامرأة من اليهود، فقالوا: اذهبوا إلى هذا الرجل – يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم -؛ لأنهم يعلمون أن التوراة فيها الرجم، وهم لا يريدون الرجم، لعله يحكم فيهما بحكم أسهل من الرجم، فجاءوا إليه يطلبون منه الحكم على هذا الزاني وهذه الزانية، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: "ما تجدون في التوراة على من زنى؟ " وفي رواية: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم" قالوا: فيها أننا نُسَوِّدُ وجوههم، ونُركبهم على حمير، ونطوف بهم في الأسواق. فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلام (لأنه من أحبارهم، وقد أسلم) قال: كذبوا يا رسول الله، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم منهم التوراة، فلما أحضروها وضع ابن صوريا أصبعه على آية الرجم، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع أصبعك، فلما رفعه إذا آية الرجم تلوح في التوراة، فأمر بهما النبي صلى الله عليه وسلم فرجما بالحجارة حتى ماتا ١.

فهذا من تحريف علمائهم لكلام الله، وقد كذبوا على الله سبحانه وتعالى وأخفوا حكمه.

ومن تحريفهم: ما ذكره الله أن الله أمرهم أن يدخلوا الباب سجداً، وأن يقولوا حطة، يعني: حط عنا خطايانا، فأبدلوا حطة بكلمة: حنطة، بالنون، فزادوا في كلام الله ما ليس منه.

والتحريف هو: الزيادة في كتاب الله، أو النقص من كتاب الله، أو تفسير كتاب الله بغير معناه، هذا هو التحريف؛ لأن التحريف إما أن يكون في اللفظ، وإما أن يكون في المعنى، وعلى هذا النمط كل من يحاول تفسير القرآن أو الأحاديث بغير معناهما الصحيح؛ من أجل نصرة مذهبه، أو اتباع شهوته، أو حصول مطعمه، وقال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا} [البقرة: ٧٦] الآية، وهذا هو النفاق، والنفاق وتحريف النصوص طريقة اليهود.

١ أخرجه البخاري رقم ٣٦٣٥، ٤٥٥٦، ٦٨١٩، ٧٥٤٣، ومسلم رقم ١٦٩٩، ١٧٠٠.

كتاب شرح مسائل الجاهلية،ص:218ـ219.

Loading...