اتخاذ السرج على القبور: أن يجعل فيها أنوار من المصابيح أو الفوانيس، أو الكهرباء، على شكل قناديل؛ لأجل الزيارة. ولا يجوز هذا؛ لأنه من أسباب الشرك، وإذا احتاج الناس إلى النور من أجل دفن الميت، فإنهم يأتون معه بسراج أو فانوس بقدر الحاجة، أما إنه يجعل في المقبرة أعمدة كهرباء وتنور، فهذا منهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم:"لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج" ١، والحديث في السنن، ولعن النبي صلى الله عليه وسلم زائرات القبور يدل على أن المرأة ممنوعة من زيارة المقابر، وإنما زيارة القبور خاصة بالرجال، واللعن يفيد أن زيارة المرأة للقبور كبيرة من كبائر الذنوب.
ولعن صلى الله عليه وسلم المتخذين عليها المساجد، أي: الذين يتحرون الصلاة عندها، أو يبنون عليها المساجد، وهذا أشد؛ أو الذين ينورونها لأن هذا وسيلة إلى الشرك، بأن تعبد هذه القبور وتدعى من دون الله عز وجل، فالقبور تترك كما كانت قبور الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لا تسرج ولا يبنى عليها أبنية، وإنما تترك كما هي على حالها، وترفع عن الأرض قدر شبر فقط، ويوضع عليها نصايب؛ لتعرف أنها قبور، ولا يزاد على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب:" لا تدع قبراً مشرفاً" يعني مرتفعاً: "إلا سويته" ١ يعني: أزلت ارتفاعه وسويته بالأرض؛ لأن إشرافه وارتفاعه يغري الجهال بقصده؛ لأن الشرك أسرع إلى قلوب الجهال من السيل إلى منحدره؛ لأن شياطين الإنس والجن يزينون للناس هذه الأمور ويفتنونهم بها، فإذا كان القبر ليس فيه ما يلفت النظر، ولا يعرف هل هو قبر نبي أو غيره، فهذا أبعد عن الفتنة، أمّا إذا قصد وعظم وجعل عليه بنية وزخارف، ووضع عليه أنوار، فهذا يصرف الأنظار إليه، ويقول الجهال: ما عمل فيه هذا الشيء إلا لأن له سراً، فيقصدونه بالعبادة.
١ أخرجه مسلم رقم ٩٦٩.
١ أخرجه أبو داود ٣/٣٦٢ رقم ٣٢٣٦، والترمذي ٢/١٣٦ رقم ٣٢٠، وقال أبو عيسى: حديث ابن عباس حديث حسن، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم ٥١٠٩.