الأعياد جمع عيد، وهو: ما يتكرر ويعود، وهو ينقسم إلى قسمين:
عيد زماني: كعيد رمضان، وعيد الأضحى.
القسم الثاني: عيد مكاني: وهو المكان الذي يجتمع فيه على مدار السنة، أو على مدار الأسبوع، أو على مدار الشهر، يجتمع فيه للعبادة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تجعلوا قبري عيداً" يعني: مكاناً للاجتماع حوله، والعكوف حوله، والتردد عليه، "وصلوا عليّ حيث كنتم، فإن صلاتكم تبلغني" ١ فليس للصلاة على الرسول عند قبره خاصية، بل صَلِّ عليه في أي مكان في المشرق أو في المغرب، في أي مكان صَلِّ على الرسول، ويبلغه ذلك.
وتكرار زيارته، والجلوس عنده، من اتخاذه عيداً، وهو يؤول إلى الشرك، فأهل الجاهلية يتخذون قبور الصالحين أعياداً، يجتمعون حولها ويعكفون عندها، كما هو الآن حاصل عند قبر البدوي وغيره، يأتيه الزوار من كل مكان، ويجلسون وينصبون الخيام، ويذبحون الذبائح ويقيمون الأيام، عند قبر البدوي أو غيره، وهذا من دين الجاهلية. وإذا كان قبر الرسول صلى الله عليه وسلم منهياً عن الاجتماع حوله والتردد عليه، فكيف بقبر غيره؟ لأن هذا وسيلة من وسائل الشرك.
ولما سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نذر أن ينحر إبلاً ببوانة – اسم موضع – فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد." قالوا: لا، قال:"هل كان فيها عيد من أعيادهم – أي اجتماع – يجتمعون فيه؟ " قالوا: لا، قال:"أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم" ١.
الشاهد: قوله: "هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " أي:عيد مكاني، فدل على أنه لا يجوز اتخاذ مكان مخصص للعبادة، إلا ما خصصه الله ورسوله، كالمساجد ومشاعر الحج والعمرة، وما عداها فالأرض كلها سواء، وكما قال صلى الله عليه وسلم:"جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"١
١ أخرجه البخاري رقم ٣٣٥، ٤٣٨ ومسلم رقم ٥٢١، ٥٢٢، ٥٢٣.
شرح مسائل الجاهلية،ص:234ـ235.
١ أخرجه أبو داود ٣/٣٩٤ رقم ٣٣١٣.
١ أخرجه أبو داود ٢/٣٦٦ رقم ٢٥٤٢ وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم ٧٢٢٦.