من عادة الكفار وأهل الجاهلية من اليهود والنصارى وغيرهم: لَبْسُ الحق بالباطل، واللَّبْسُ هو: الخلط، فهم يخلطون الحق بالباطل؛ من أجل أن يروج الباطل؛ لأنه لو كان الباطل وحده ما قبله أحد، لكن إذا لبس بالحق فإن الأغرار من المؤمنين وقاصري النظر يقبلونه، ويقولون: هذا فيه حق، فيقبلونه كله، أما لو أنهم قبلوا الحق منه فقط وردوا الباطل، كان حسناً، ولكن إذا قبلوه كله فهذا هو الخطأ، فالواجب على أهل النظر وأهل العقول السليمة أنهم لا يقبلون الأشياء على عواهنها، بل يُمَحِّصُونها ويختبرونها، فيقبلون ما كان فيها من حق، ويردون ما كان فيها من باطل.
فالكفار قد يذكرون الحق لا رغبة في الحق، ولا محبة له، وإنما يذكرونه من أجل ترويج الباطل به، والواجب التنبُّه لهذا الأمر، وهو تمييز الأشياء، وعدم التسرع في قبولها لما يظهر فيها من بريق الحق، حتى تُختبر وتُمحّص، ويُؤخذ ما فيها من حق، ويُردّ ما فيها من باطل، وهذا إنما يعلمه أهل العلم وأهل البصيرة، وأما العوام والجهال –وقاصرو النظر- فينخدعون في مثل هذه الأمور، وتنطلي عليهم، لكم الواجب عليهم أن يسألوا أهل العلم، ويستشيروا أهل النظر قبل قبولها؛ حتى يَسْلَمُوا من التمويه.