من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول ﷺ ولو عمل به؛ كفر.

من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول ﷺ ولو عمل به؛ كفر.

اللفظ / العبارة' من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول ﷺ ولو عمل به؛ كفر.
متعلق اللفظ مسائل عقدية.
الحكم الشرعي كفر أكبر
القسم المناهي العملية
Content

من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول  ولو عمل به؛ كفر.

وهذا في الحقيقة ضرب من النفاق، والبغض عمل قلبي، والمراد أنه يبغضه بغضًا دينيًا عقليًا، ويرى أنه شيء قبيح وبغيض، ويؤدِي بالضرورة إلى أن يبغض من يدعو إليه، ويمكن أن يُمثل لهذا بشخص يبغض الصلاة، فمن يبغضها لا يرى لها فضيلةً ولا نفعًا، ويرى أن هذه التصرفات من الوقوف والانحناء والركوع والسجود؛ أنها سفاهة وجهالة، فيبغضها، وبغضها يؤدي إلى بغض من يعملها.

أما من يؤمن بالله ورسوله، فإنه يؤمن بشريعة الصلاة، وأنها حق من عند الله، وأن في فعلها الأجر والثواب، ويحب أن يقيمها، ولكنه يجد مشقة في القيام للصلاة، فيكره القيام للصلاة الكراهة الطبيعية، لكنه لا يستجيب لهذه الكراهة، وإنما يعصي هواه، فهذا نوع آخر لا يدخل فيما نحن فيه؛ لأنَّ هذه كراهة طبيعية تضادَّها المحبة الإيمانية، فالجهاد كريه للنفوس؛ كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦] والإنسان يكره الموت بطبعه، ويكره الجهاد لما فيه من مشقة ومخاطرة بالنفس، ولكن إذا صح وقوي الإيمان بالله، والإيمان بفضل الجهاد والشهادة في سبيل الله صار المرُّ حلوًا؛ ولهذا الصادقون المجاهدون يخاطرون بأنفسهم؛ لأنهم باعوها لله: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم (١١١) [التوبة]، فهذا عقد المبايعة، والمشتري هو الله، وهو مالك النفوس، لكنه تعالى كرمًا منه جعل بذل المؤمنين لأنفسهم بطوعهم واختيارهم، وبذلهم لأموالهم بيعًا، وسمَّى قبوله شراءً، والثمن الجنة.

فالمؤمنون المجاهدون يكرهون الموت، لكن يحبون ما يحبه الله، فالجهاد يحبه الله، فهم يحبونه ويستعذبونه؛ لأن الله  يحبه، فتضمحل هذه الكراهة وتضعف حتى ما يحس الصادق بهذه الكراهة، وهذا يدل على قوة الإيمان وصدق الرغبة، وكذلك عند الصدقة والبذل لله، فكل أحد يكره إخراج الصدقة والمال، إلا إذا قوي إيمانه، فيصير في نفسه ارتياح يخرج به المال، وهو منشرح الصدر يتهلل، وهكذا سائر الأعمال الصالحة الشاقة مكروهة على النفوس بمقتضى الطبع، وهذه الكراهة هي المرادة في قوله : «حفت الجنة بالمكاره» (١).

أما البغض الذي هو كفر ونفاق، فهو الذي يرى أنه إن صلى فهو عابث، لكنه يصلي رياءً؛ لأنه بين المسلمين فيخشى إن لم يصلِ أن يُشنِّعوا عليه، كما كان بعض المنافقين في عهد الرسول  يصلون ويجاهدون حتى إن أمرهم قد يخفى على بعضهم، بل خفي أمر بعضهم على رسول الله ﷺ قال تعالى: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيم (١٠١) [التوبة]، فهذه فئة من المنافقين كانوا موغلين في التستر.

وهذا البغض المُخفى يسمَّى نفاقًا، لكن إذا أظهره وجهر به، وقال: أنا أبغض هذه الصلاة، انكشف الغطاء وباح بالنفاق، وصار مرتدًا؛ لأنه تكلم بالخبث والنفاق الذي في باطنه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُم (٢٨)﴾ [محمد].

كتاب شرح النواقض الإسلام،ص:28ـ29.



(١) رواه مسلم (٢٨٢٢) من حديث أنس بن مالك .




Loading...