من استهزأ بشيء من دين الرسول ﷺ، أو ثواب الله أو عقابه؛ كفر
اللفظ / العبارة'
من استهزأ بشيء من دين الرسول ﷺ، أو ثواب الله أو عقابه؛ كفر
متعلق اللفظ
مسائل عقدية.
الحكم الشرعي
كفر أكبر
القسم
المناهي العملية
Content
من استهزأ بشيء من دين الرسول ﷺ، أو ثواب الله أو عقابه؛ كفر، والدليل قوله تعالى: ﴿قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة].
والاستهزاء: السخرية (١). والاستهزاء والسخرية تنم وتدل على الاحتقار والكراهة، فالشيء المعظم محل للثناء والتبجيل والتعظيم والإشادة، والاستهزاء والسخرية إنما يكون بالشيء المهين عند الساخر، وهكذا كان أعداء الرسل يسخرون ويستهزؤن بأنبياء الله وبالمؤمنين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُون (٢٩)﴾ [المطففين]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِاءَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [الأنعام: ١٠].
واليوم الموقف يتكرر، فقد نضحت ألسُن المنافقين في الصحف والإذاعات بالاستهزاء البيِّن والخفي بدين الله ﴿﴿وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ [محمد: ٣٠]، فهذا ضرب من النفاق.
وقد تجد شخصًا مسلمًا في الظاهر يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويحج، لكن تأتي مواقف، تراه فيها يسخر ويستهزئ بالصلاة وفاعلها، فيقول: ما هذه الصلاة؟! الذي يصلي كأنه يلعب، فكلمة «يلعب» هذه لا تخرج من فم إنسان يؤمن بالله ورسوله.
أو يستهزئ بمناسك الحج، ويقول: ما فائدة هذا الدوران حول هذه البَنِيَّة، وما فائدة رمي هذا الحصى، هذا لعب! وهذا الكلام منه هو عين الكفر.
فالاستهزاء بالله أو برسوله أو بالقرآن أو بشيء مما جاء به الرسول ﷺ؛ يدل على التكذيب، وإن لم يصرح بالتكذيب.
والذي يخالط الناس أو يقرأ ما يكتبون يجد من هذا شواهد كثيرة، ووسائل الإعلام مسرح وميدان للحن المنافقين: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُون (١٤)﴾ [البقرة]، قولهم بين المؤمنين: نحن إخوانكم ونحن مؤمنون؛ هذا استهزاء بالمؤمنين ﴿اللّهُ يَسْتَهْزِاءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون (١٥)﴾ [البقرة]، فحذارِ حذارِ من كلمة يفوه بها الإنسان لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار (١)، ويكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه.
وتقدم أن جميع أسباب الردة ترجع إلى أنها تناقض الشهادتين، والشهادتان تقتضيان تعظيم الله ورسوله وما جاء به، والاستهزاء ضد ذلك، وذكر الشيخ الدليل على هذا الناقض قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُون (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَّعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِين (٦٦)﴾ [التوبة]، وهذه الآيات جاء في سبب نزولها؛ أن رجلًا قال في غزوة تبوك في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء؛ يعني:النبيﷺوالمؤمنين! فسبُّوا الرسولﷺ، وخيار أصحابه بالجبن والكذب والشَرَهِ في الأكل، فأخبر الله رسول اللهﷺبذلك، فجاء هذا القائل ليعتذر، فوجد القرآن قد سبقه، فقال:يا رسول الله! إنما كنا نخوض ونلعب، فقال له رسول الله ﷺ:«أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون»(١).
فهذا الرجل كان مؤمنًا، أو كان عنده أصل الإيمان وإيمانه ضعيف؛ فكفر، أو كان منافقًا مظهرًا للإيمان، ثم باح بالكفر.
فالخطر عظيم، ويجب على المسلم أن يحبس لسانه، ولا يمزح في أمر الدين، وفيما يتعلق بالله وأسمائه وصفاته، وفيما يتعلق بالقرآن وبالسنة، وهدي رسول الله ﷺ؛ لأن المزح معناه: الهزل ضد الجد، فالمزح والسخرية والضحك يكون فيما بين الناس في الأمور العادية. أما أن يتجاوز إلى الاستهزاء بالرب العظيم، أو برسوله الكريم، أو بدينه القويم؛ فهذا يخرج به الإنسان من الإسلام إلى الكفر.
(١) أخرج البخاري (٦٤٧٨) من حديث أبي هريرة ﵁؛ أن النبي ﷺ، قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم».