التعبير بالعمل الجنسي عن المباشرة

التعبير بالعمل الجنسي عن المباشرة

اللفظ / العبارة' التعبير بالعمل الجنسي عن المباشرة
متعلق اللفظ مسائل لغوية
الحكم الشرعي خطأ
القسم المناهي اللفظية
Content

التعبير بالعمل الجنسي عن المباشرة]

من العبارات الأجنبية التي تزري بمن يعبر بها، وتدل على أنه مزجى البضاعة في لغة الضاد، ترك عبارات القرآن، وهي أجمل وأبلغ، وأوجز لفظًا، وأوضح معنى، وأبعد عن التصريح بما لا يستحسن التصريح به، والتعبير بعبارة أجنبية ثقيلة مبهمة، طويلة اللفظ أعجمية، لا جرم أنه لا يعبر بها إلا من لا يعرف القرآن وبلاغته، وأسرار إعجازه، ومن لا يعرف القرآن لا يمكن أن يعرف اللغة العربية معرفة تمكنه من ناصيتها، سواء أكان مسلمًا أم غير مسلم، فإن الأدباء من نصارى العرب يحرصون كل الحرص على قراءة القرآن لا ليدينوا بالإسلام بل ليتمكنوا من الفصاحة إذا تكلموا أو كتبوا باللغة العربية، ومن الفهم الصحيح إذا قرأوا ما كتب بها، وبعضهم لم يكتف بقراءة القرآن، بل حفظه عن ظهر قلب، كالشيخ ناصيف اليازجي والشيخ إبراهيم اليازجي، فلذلك جاءت تآليفها في الأدب العربي لابسة حلة من البهاء والبلاغة تسحر الألباب، نظيفة من الدخيل والمولد، والتراكيب الأعجمية الثقيلة الباردة.

وقد كان الشيخ إبراهيم اليازجي حريصًا على التعبير بعبارة القرآن كل الحرص، ولما دعاه النصارى ليرشدهم في ترجمة الأناجيل كان يختار لهم العبارات البليغة فيرفضونها تعصبًا، زاعمين أنها تشبه عبارات القرآن. (انظر كتابه كشف المخبا في الرحلة إلى أوربا)، ومجلة الضياء ثمانية مجلدات، ومجلة البيان مجلد واحد، ولغة الجرائد جزء، والواسطة في أخبار

مالطة جزء.

وقد عبر القرآن عن هذا المعنى بعبارات من أبلغ الكنايات وأجملها، وأدلها على المعنى، ولم يصرح قط باللفظ المخصص لهذا الحدث. قال تعالى في سورة البقرة: (١٨٧){فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ، وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}.

وقال تعالى في سورة البقرة أيضًا: (٢٣٧) {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ، وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً، فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}.

وقال تعالى في سورة النساء: (٤٣) {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ، فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.

فهذه ثلاثة ألفاظ، المباشرة، والمسيس، والملامسة كلها كنايات. وفي اللغة العربية كنايات أخرى لأداء هذا المعنى لا تعد ولا تحصى، فما حاجتنا إلى جلب تلك العبارة الأجنبية الركيكة الغامضة التي تمسخ الإنشاء العربي، وتخدش وجهه، وتسجل العجز عن لغة الضاد، وتصمها بما هي منه براء؟

على أن لفظ الجماع الذي يعبر به الفقهاء في كتب الفقه وفي الوثائق هو أيضا كناية.

قال في القاموس: وجماع الشيء جمعه، يقال: جماع الخباء الأخبية، أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددًا. ثم قال: والمجامعة المباضعة، وجامعه على أمر كذا اجتمع معه. اهـ.

محرمة شرعًا، ولا ترى العرب أن تتأدب بأدب الكنيسة النصرانية وأتباعها الذين يقول لسان حالهم ومقالهم: افعل كل شيء، ولا تقل شيئا والعكس عند العرب هو الصواب.

فالحريري في مقاماته كان عفيف النفس، ولكنه لم يتحرج من التعبير عن المعاني والأشياء الواقعة التي لا ينفك الناس عنها. ومن يريد أن يقلد الكنيسة وأتباعها، ويستهجن مخالفتها يلزمه أن يحذف أربعة أخماس المقامات الحريرية، ويحذف قسمًا كبيرًا من الأدب العربي شعره ونثره، وذلك هو الخسران المبين.

وقد كان ابن عباس سائرًا محرمًا في طريقه إلى الحج، فأخذ ينشد بيتًا وهو:

وهن يهمسن بنا هميسا ... أن تصدق الطير ننك لميسًا

فقال له رجل: كيف تقول هذا، وأنت محرم بالحج، وقد قال الله تعالى: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} فقال له ابن عباس: إنما الرفث ما كان بحضرة النساء. أكتفي بهذا القدر .

تقويم اللسانين،ص:39ـ40.

Loading...