الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها
اللفظ / العبارة'
الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها
متعلق اللفظ
مسائل فقهية
الحكم الشرعي
لا يجوز
القسم
المناهي العملية
Content
أن لا يكون زينة في نفسه"
لقوله تعالى في الآية المتقدمة من سورة النور:
{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}[النور: ٣١] فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها، ويشهد لذلك قوله تعالى في [الأحزاب: ٣٣] : {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} .
وقوله -صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة لا تسأل عنهم ١: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيًا، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم" ٢.
و"التبرج: أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل"١.
والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة، فلا يعقل حينئذ أن يكون الجلباب نفسه زينة وهذا كما ترى بين لا يخفى ولذلك قال الإمام الذهبي في "كتاب الكبائر""ص ١٣١":
"ومن الأفعال التي تُلْعَن عليها المرأة إظهار الزينة، والذهب واللؤلؤ تحت النقاب وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت، ولبسها الصباغات والأزر الحريرية والأقبية القصار مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه، ويمقت فاعله في الدنيا والآخرة ولهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء قال عنهن النبي -صلى الله عليه وسلم: "اطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء".
قلت: وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عمران بن حصين وغيره وزاد أحمد وغيره من حديث ابن عمرو مرفوعًا:
"والأغنياء".
وهذه الزيادة منكرة كما حققته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة".برقم"٢٨٠٠"من المجلد السادس يسر الله طباعته.
قلت: ولقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج إلى درجة أنه قرنه بالشرك والزنى والسرقة وغيرها من المحرمات، وذلك حين بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء على أن لا يفعلن ذلك، فقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه:
"جاءت أميمة بنت رُقَيقة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تبايعه على الإسلام فقال: "أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئًا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى" ١.
واعلم أنه ليس من الزينة في شيء أن يكون ثوب المرأة الذي تلتحف
١ رواه أحمد "٢/ ١٩٦" بسند حسن، وقال الهيثمي في "المجمع" "٦/ ٣٧": "رواه الطبراني، ورجاله ثقات". قلت: فعزاه للطبراني دون أحمد، فلا أدري أهو وهم منه أم خطأ طبعي، وقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور" "٦/ ٢٠٩" لأحمد وابن مردويه فقط. وفي مبايعته -صلى الله عليه وسلم- النساء على أن لا يتبرجن حديث آخر؛ رواه الطبراني في "الكبير" من حديث ابن عباس. وقال الآلوسي في "روح المعاني" "٦/ ٥٦": "ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عنها إبداؤها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابها، ويستترن به إذا خرجن من بيوتهن، وهو غطاء منسوج من حرير ذي عدة ألوان، وفيه من النقوش الذهبية والفضية ما يبهر العيون، وأرى أن تمكين أزواجهن ونحوهم لهن من الخروج بذلك، ومشيهن به بين الأجانب؛ من قلة الغيرة،
به ملونًا بلون غير البياض أو السواد كما يتوهم بعض النساء الملتزمات وذلك لأمرين:
الأول: قوله -صلى الله عليه وسلم:
"طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه".
وهو مخرج في "مختصر الشمائل""١٨٨".
والآخر: جريان العمل من نساء الصحابة على ذلك، وأسوق هنا بعض الآثار الثابتة في ذلك مما رواه الحافظ ابن أبي شيبة في "المصنف""٨/ ٣٧١ - ٣٧٢":
١- عن إبراهيم -وهوالنخعي:
أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- فيراهن في اللحف الحمر.
٢- عن ابن أبي مليكة قال:
رأيت على أم سلمة درعًا وملحفة مصبغتين بالعصفر.
عن القاسم -وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق.
أن عائشة كانت تلبس الثياب المعصفرة وهي محرمة.
وفي رواية عن القاسم:
أن عائشة كانت تلبس الثياب الموردة بالعصفر وهي مُحْرِمَة.
٤- عن هشام عن فاطمة بنت المنذر.
أن أسماء كانت تلبس المعصفر وهي محرمة.
٥- عن سعيد بن جبير.
أنه رأى بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- تطوف بالبيت وعليها ثياب معصفرة.
= وقد عمت البلوى بذلك. ومثله ما عمت البلوى أيضًا من عدم احتجاب أكثر النساء من إخوان بعولتهن، وعدم مبالاة بعولتهن بذلك، وكثيرًا ما يأمرونهن به، وقد تحتجب المرأة منهم بعد الدخول أيامًا إلى أن يعطوها شيئًا من الحلي ونحوه، فتبدو لهم ولا تحتجب منهم بعد، وكل ذلك مما لم يأذن به الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم. وأمثال ذلك كثير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
١ كذا في "فتح البيان" "٧/ ٢٧٤"، ثم قال: "وقيل: هو الغنج والتبختر والتكسر في المشي. وهذا ضعيف جدًّا، والأول أولى".
١ يعني لأنهم من الهالكين. ٢ أخرجه الحاكم "١/ ١١٩"، وأحمد "٦/ ١٩"؛ من حديث فضالة بن عبيد، وسنده صحيح، وعزاه السيوطي في "الجامع" للبخاري في "الأدب المفرد"، وأبي يعلى، والطبراني في "الكبير"، والبيهقي في "الشعب"، قال الحاكم: "على شرطهما ولا أعرف له علة". وأقره الذهبي. وحسنه ابن عساكر في "مدح التواضع" "٥/ ٨٨/ ١".