ومن كيده الذى بلغ به من الجهال ما بلغ: الوسواس الذى كادهم به فى أمر الطهارة والصلاة عند النية، حتى ألقاهم فى الآصار والأغلال
اللفظ / العبارة'
ومن كيده الذى بلغ به من الجهال ما بلغ: الوسواس الذى كادهم به فى أمر الطهارة والصلاة عند النية، حتى ألقاهم فى الآصار والأغلال
متعلق اللفظ
مسائل فقهية
الحكم الشرعي
لا يجوز
القسم
المناهي العملية
Content
ومن كيده الذى بلغ به من الجهال ما بلغ: الوسواس الذى كادهم به فى أمر الطهارة والصلاة عند النية، حتى ألقاهم فى الآصار والأغلال، وأخرجهم عن اتباع سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وخيل إلى أحدهم أن ما جاءت به السنة لا يكفى حتى يضم إليه غيره، فجمع لهم بين هذا الظن الفاسد، والتعب الحاضر، وبطلان الأجر أو تنقيصه.
ولا ريب أن الشيطان هو الداعى إلى الوسواس: فأهله قد أطاعوا الشيطان، ولبوا دعوته، واتبعوا أمره ورغبوا عن اتباع سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وطريقته، حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، أو اغتسل كاغتساله، لم يطهر ولم يرتفع حدثه، ولولا العذر بالجهل لكان هذا مشاقة للرسول، فقد كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يتوضأ بالمد، وهو قريب من ثلث رطل بالدمشقى، ويغتسل بالصاع وهو نحو رطل وثلث، والموسوس يرى أن ذلك القدر لا يكفيه لغسل يديه، وصح عنه عليه السلام أنه توضأ مرة مرة، ولم يزد على ثلاث، بل أخبر أن:
فالموسوس مسىء متعد ظالم بشهادة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، فكيف يتقرب إلى الله بما هو مسىء به متعدّ فيه لحدوده؟،
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يغتسل هو وعائشة رضى الله عنها من قصعة بينهما فيها أثر العجين، ولو رأى الموسوس من يفعل هذا لأنكر عليه غاية الإنكار، وقال: ما يكفى هذا القدر لغسل اثنين؟ كيف والعجين يحلله الماء فيغيره؟ هذا والرشاش ينزل فى الماء فينجسه عند بعضهم، ويفسده عند آخرين، فلا تصح به الطهارة، وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يفعل ذلك مع غير عائشة، مثل ميمونة وأم سلمة، وهذا كله فى الصحيح.
وثبت أيضاً فى الصحيح عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال:"كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلمَ يَتَوَضَّئُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ".
والآنية التى كان رسول الله عليه السلام وأزواجه وأصحابه ونساؤهم يغتسلون منها لم تكن من كبار الآنية ولا كانت لها مادة تمدها؛ كأنبوب الحمام ونحوه، ولم يكونوا يراعون فيضانها حتى يجرى الماء من حافاتها، كما يراعيه جهال الناس ممن بلى بالوسواس فى جرن الحمام.
فهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى من رغب عنه فقد رغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، جواز الاغتسال من الحياض والآنية وإن كانت ناقصة غير فائضة، ومن انتظر الحوض حتى يفيض، ثم استعمله وحده ولم يمكن أحدا أن يشاركه فى استعماله فهو مبتدع مخالف للشريعة.
قال شيخنا:"ويستحق التعزير البليغ الذى يزجره وأمثاله عن أن يشرعوا فى الدين ما لم يأذن به الله، ويعبدوا الله بالبدع لا بالاتباع".
ودلت هذه السنن الصحيحة على أن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يكثرون صب الماء، ومضى على هذا التابعون لهم بإحسان.
قال سعيد بن المسيب:"إنى لأستنجى من كوز الحب وأتوضأ وأفضل منه لأهلى".
وقال الإمام أحمد:"من فقه الرجل قلة ولوعه بالماء".
وقال المروزى:"وضأت أبا عبد الله بالعسكر، فسترته من الناس، لئلا يقولوا إنه لا يحسن الوضوء لقلة صبه الماء".
وكان أحمد يتوضأ فلا يكاد يبل الثرى.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم فى الصحيح:"أَنَّهُ تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاُسْتَنْشَقَ".
وكذلك كان صلى الله عليه وسلم فى غسله يدخل يده فى الإناء، ويتناول الماء منه، والموسوس لا يجوز ذلك، ولعله أن يحكم بنجاسة الماء ويسلبه طهوريته بذلك.
وبالجملة فلا تطاوعه نفسه لاتباع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن يأتى بمثل ما أتى به أبداً، وكيف يطاوع الموسوس نفسه أن يغتسل هو وامرأته من إناء واحد قدر الفَرقَ قريباً من خمسة أرطال بالدمشقى، يغمسان أيديهما فيه، ويفرغان عليهما؟ فالمسوس يشمئز من ذلك كما يشمئز المشرك إذا ذكر الله وحده.
قال أصحاب الوسواس: إنما حملنا على ذلك الاحتياط لديننا، والعمل بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم:
"دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَالا يَرِيبُكَ" وقوله: "مَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهَ" وقوله: "الإثْمُ مَا حَاكَ فى الصَّدْرِ". وقال بعض السلف:"الإثم خَوارْ القلوب"، وقد وجد النبى صلى الله تعالى عليه وسلم تمرة فقال: