عن ابن عباس:"هذه أصنام كانت تعبد فى زمان نوح عليه السلام".
وقال البخارى: حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن ابن جريج قال: قال عطاء عن ابن عباس: "صارت الأوثان التى كانت فى قوم نوح فى العرب بعد. أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل. وأما سواع فكانت لهذيل. وأما يغوث فكانت لمراد، ثم لبنى غطيف بالجرف عند سبأ. وأما يعوق فكانت لهمدان. وأما نسر فكانت لحمير لآل ذى الكلاع،
أسماء رجال صالحين من قوم نوح. فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انْصُبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون أنصاباً، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك، ونسى العلم، عبدت".
وقال غير واحد من السلف: كان هؤلاء قوماً صالحين فى قوم نوح عليه السلام، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
فهؤلاء جمعوا بين الفتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل. وهما الفتنتان اللتان أشار إليهما رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى الحديث المتفق على صحته عن عائشة رضى الله عنها:
فجمع فى هذا الحديث بين التماثيل والقبور، وهذا كان سبب عبادة اللات.
فروى ابن جرير بإسناده عن سفيان عن منصور عن مجاهد:
{أفَرَأيْتُمُ الَّلاتَ وَالْعُزَّى}[النجم: ١٩] . قال: "كان يلت لهم السويق. فمات، فعكفوا على قبره". وكذلك قال أبو الجوزاء عن ابن عباس رضى الله عنهما: "كان يلت السويق للحاج".
فقد رأيت أن سبب عبادة وَدّ ويغوث ويعوق ونسراً واللات إنما كانت من تعظيم قبورهم ثم اتخذوا لها التماثيل وعبدوها كما أشار إليه النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم.
قال شيخنا: "وهذه العلة التى لأجلها نهى الشارع عن اتخاذ المساجد على القبور هى التى أوقعت كثيراً من الأمم إما فى الشرك الأكبر، أو فيما دونه من الشرك. فإن النفوس قد أشركت بتماثيل القوم الصالحين، وتماثيل يزعمون أنه طلاسم للكواكب ونحو ذلك. فإن الشرك بقبر الرجل الذى يعتقد صلاحه أقرب إلى النفوس من الشرك بخشبة أو حجر. ولهذا نجد أهل الشرك كثيراً يتضرعون عندها، ويخشعون ويخضعون، ويعبدونهم بقلوبهم عبادة.