أما تسميته بالصوت الأحمق، والصوت الفاجر

أما تسميته بالصوت الأحمق، والصوت الفاجر

اللفظ / العبارة' أما تسميته بالصوت الأحمق، والصوت الفاجر
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

فهى تسمية الصادق المصدوق، الذى لا ينطق عن الهوى.

فروى الترمذى من حديث ابن أبى ليلى عن عطاء عن جابر رضى الله عنه قال: "خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ تعَالى عليه وَآلهِ وسلمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عَوْفٍ إِلى النَّخْلِ، فإِذَا ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَوَضَعَهُ فى حِجْرِهِ، ففاضت عَيْنَاهُ، فقَالَ عبد الرحمن: أَتَبْكِى، وَأَنْتَ تَنْهَى النَّاسَ؟ قالَ: إِنِّى لَمْ أَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ، وَإنمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أحْمقَيْنِ فَاجِرَيْنِ: صَوْتٍ عِنْدَ نَغَمَةٍ: لْهَوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرَ شيْطَانٍ، وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ: خَمْشِ وُجُوهٍ، وَشَقَّ جُيُوبٍ، وَرَنّةٍ وَهذَا هُوَ رَحْمَةٌ، وَمَنْ لا يَرْحَمُ لا يرحم لَوْلا أَنّهُ أَمْرٌ حَق، وَوَعْدٌ صِدْقٌ، وَأنّ آخِرَناَ سَيَلْحَقُ أوَّلَنَا، لَحَزِنّا عَلَيْكَ حُزْناً هُوَ أَشَدُّ مِنْ هذَا، وَإِنّا بِكَ لمَحْزُونُونَ، تَبْكِى الْعَيْنُ وَيَحزَنُ الْقَلْبُ، وَلا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ". قال الترمذى: هذا حديث حسن.

فانظر إلى هذا النهى المؤكد، بتسميته صوت الغناء صوتا أحمق ولم يقتصر على ذلك، حتى وصفه بالفجور، ولم يقتصر على ذلك حتى سماه من مزامير الشيطان، وقد أقر النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أبا بكر الصديق على تسمية الغناء مزمور الشيطان فى الحديث الصحيح، كما سيأتى، فإن لم يستفد التحريم من هذا لم نستفده من نهى أبدا.

وقد اختلف فى قوله "لا تفعل" وقوله "نهيت عن كذا" أيهما أبلغ فى "التحريم"؟

والصواب بلا ريب: أن صيغة "نهيت" أبلغ فى التحريم، لأن "لا تفعل" يحتمل النهى وغيره، بخلاف الفعل لصريح.

فكيف يستجيز العارف إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وسماه صوتا أحمق فاجراً، ومزمور الشيطان، وجعله والنياحة التى لعن فاعلها أخوين؟ وأخرج النهى عنهما مخرجاً واحداً، ووصفهما بالحمق والفجور وصفا واحدا.

وقال الحسن: "صوتان ملعونان: مزمار عند نغمة، ورنة عند مصيبة".

وقال أبو بكر الهذلى: "قلت للحسن: أكان نساء المهاجرات يصنعن ما يصنع النساء اليوم؟ قال: لا، ولكن هاهنا خمش وجوه، وشق جيوب، ونتف أشعار، ولطم خدود، ومزامير شيطان، صوتان قبيحان فاحشان: عند نغمة إن حدثت، وعند مصيبة إن نزلت، ذكر الله المؤمنين فقال:

{وَالَّذِينَ فِى أَمْوَالهِمْ حَق مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٤-٢٥] .

وجعلتم أنتم فى أموالكم حقاً معلوماً للمغنية عند النغمة، والنائحة عند المصيبة.

كتاب إغاثة اللهفان ،ج1،ص:253إلى255.

Loading...