الغلو الشديد في الأخذ بظواهر النصوص.
الغلو الشديد في الأخذ بظواهر النصوص. |
|
---|---|
اللفظ / العبارة' | الغلو الشديد في الأخذ بظواهر النصوص. |
متعلق اللفظ | مسائل عقدية. |
الحكم الشرعي | بدعة |
القسم | المناهي العملية |
Content | وقد وقف أقوام مَعَ الظواهر فحملوها عَلَى مقتضى الحس فَقَالَ بعضهم إن اللَّه جسم تعالى اللَّه عَنْ ذلك وهذا مذهب هشام بْن الحكم وعلي بْن منصور ومحمد بْن الخليل ويونس بْن عَبْدِ الرَّحْمَن ثم اختلفوا فَقَالَ بعضهم جسم كالأجسام ومنهم من قَالَ لا كالأجسام ثم اختلفوا فمنهم من قَالَ هو نور ومنهم من قَالَ هو عَلَى هيئة السبيكة البيضاء هكذا كان يَقُول هشام بْن الحكم وكان يَقُول إن إله سبعة أشبار بشبر نفسه تعالى اللَّه عَنْ ذلك علوا كبيرا وأنه يرى مَا تحت الثرى بشعاع متصل مِنْهُ بالمرئي قلت مَا أعجب إلا من حدة سبعة أشبار حتى علمت أنه جعله كالأدميين والآدمي طوله سبعة أشبار بشبر نفسه وذكر أَبُو مُحَمَّد النوبختي عَن الجاحظ عَن النظام أن هشام بْن عَبْدِ الحكم قَالَ فِي التشبيه فِي سنة واحدة خمسة أقاويل قطع فِي آخرها أن معبودة أشبر نفسه سبعة أشبار فان قوما قالوا أنه عَلَى هيئة السبيكة وأن قوما قالوا هو عَلَى هيئة البلورة الصافية المستوية الاستدارة التي من حيث أتيتها رأيتها عَلَى هيئة واحدة وقال هشام هو متناهي الذات حتى قَالَ إن الجبل أكبر مِنْهُ قَالَ وله ماهية يعلمها هو قَالَ المصنف: وهذا يلزمه أن يكون لَهُ كيفية أيضا وذلك ينقض القول بالتوحيد وَقَد استقرأه الماهية لا تكون إلا لمن كان ذا جنس وله نظائر فيحتاج أن يفرد منها ويبان عنها والحق سبحانه ليس بذي جنس ولا مثل لَهُ ولا يجوز أن يوصف بأن ذاته أرادته ومتناهية لا عَلَى معنى أنه ذاهب فِي الجهات بلا نهاية إنما المراد أنه ليس بجسم ولا جوهر فتلزمه النهاية قَالَ النوبختي وَقَدْ حكى كثير من المتكلمين أن مقاتل بْن سُلَيْمَان ونعيم بْن حماد وداود الحواري يقولون إن لله صورة وأعضاء. قال المصنف: أترى هؤلاء كيف يثبتون لَهُ القدم دون الآدميين ولم لا يجوز عَلَيْهِ عندهم مَا يجوز عَلَى الآدميين من مرض أَوْ تلف ثم يقال لكل من ادعى التجسيم بأي دليل أثبت حدث الأجسام فيدلك بذلك عَلَى أن الاله هو الذي اعتقدته جسما محدثا غير قديم ومن قول المجسمة أن اللَّه عز وجل يجوز أن يمس ويلمس فيقال لَهُ فيجوز عَلَى قولكم أن يمس ويلمس ويعانق وقال بعضهم أنه جسم هو فضاء والأجسام كلها فيه وكان بيان بْن سمعان يزعم أن معبوده نور كله وأنه عَلَى صورة رجل وأنه يهلك جميع أعضائه إلا وجهه فقتله خالد بْن عَبْدِ اللَّهِ وكان المغيرة بْن سَعْد العجلي يزعم أن معبوده رجل من نور عَلَى رأسه تاج من نور وله أعضاء وقلب تنبع مِنْهُ الحكمة وأعضاؤه عَلَى صورة حروف الهجاء. وكان هَذَا يَقُول بإمامة مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْن الْحَسَن وكان زرارة ابْن أعين يَقُول لم يكن الباري قادرا حيا عالما فِي الأزل حتى خلق لنفسه هذه الصفات تعالى اللَّه عَنْ ذلك وقال داود الحوارى هو جسم لحم ودم وله جوارح وأعضاء وَهُوَ أجوف من فمه إِلَى صدره ومصمت مَا سوى ذلك ومن الواقفين مَعَ الحس أقوام قالوا هو عَلَى العرش بذاته عَلَى وجه المماسة فَإِذَا نزل انتقل وتحرك وجعلوا لذاته نهاية وهؤلاء قد أوجبوا عَلَيْهِ المساحة والمقدار واستدلوا عَلَى أنه عَلَى العرش بذاته بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ينزل اللَّه إِلَى سماء الدنيا" قالوا ولا ينزل إلا من هو فوق وهؤلاء حملوا نزوله عَلَى الأمر الحسي الذي يوصف به الأجسام وهؤلاء المشبهة الذين حملوا الصفات عَلَى مقتضى الحس وَقَدْ ذكرنا جمهور كلامهم فِي كتابنا المسمى بمنهاج الوصول إِلَى علم الأصول وربما تخيل بعض المشبهة فِي رؤية الحق يوم القيامة لما يراه فِي الأشخاص فيمثله شخصا يَزِيد حسنه عَلَى كل حسن فتراه يتنفس من الشقوق إليه ويمثل الزيادة فيزداد توقع ويتصور رفع الحجاب فيقلق ويتذكر الرؤية فيغشى عَلَيْهِ ويسمع فِي الحديث أنه يدني عبده المؤمن إليه فيخايل القرب الذاتي كَمَا يجالس الجنس وهذا كله جهل بالموصوف ومن الناس من يَقُول لله وجه هو صفة زائدة عَلَى صفة ذاته لقوله عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وله يد وله أصبع لقول رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يضع السموات عَلَى أصبع" وله قدم إِلَى غير ذلك مما تضمنته الأخبار وهذا كله إنما استخرجوه من مفهوم الحس وإنما الصواب قراءة الآيات والأحاديث من غير تفسير ولا كلام فيها وما يؤمن هؤلاء أن يكون المراد بالوجه الذات لا أنه صفة زائدة وعلى هَذَا فسر الآية المحققون فقالوا ويبقى ربك وقالوا فِي قوله يُرِيدُونَ وجهه يريدونه وما يؤمنهم أن يكون أراد بقوله قلوب العباد بين إصبعين أن الأصبع لما كانت هي المقبلة للشيء وأن مَا بين الإصبعين يتصرف فيه صاحبها كيف شاء ذكر ذلك لا أن ثم صفة زائدة. كتاب تلبيس إبليس،ص:78ـ79. |