يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره فِي جمعها وتصنيفها والأقراء بِهَا ويشغله ذلك عَنْ معرفة الفرائض والواجبات

يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره فِي جمعها وتصنيفها والأقراء بِهَا ويشغله ذلك عَنْ معرفة الفرائض والواجبات

اللفظ / العبارة' يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره فِي جمعها وتصنيفها والأقراء بِهَا ويشغله ذلك عَنْ معرفة الفرائض والواجبات
متعلق اللفظ مسائل فقهية
الحكم الشرعي حرام
القسم المناهي العملية
Content

ذكر تلبيسه عَلَى القراء

فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره فِي جمعها وتصنيفها والأقراء بِهَا ويشغله ذلك عَنْ معرفة الفرائض والواجبات فربما رأيت إمام مسجد يتصدى للأقراء ولا يعرف مَا يفسد الصلاة وربما حمله حب التصدر حتى لا يرى بعين الجهل عَلَى أن يجلس بين يدي العلماء ويأخذ عنهم العلم١ ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن وتقويم ألفاظه ثم فهمه ثم العمل به ثم الإقبال عَلَى مَا يصلح النفس ويطهر أخلاقها ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم قَالَ الْحَسَن البصري أنزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس تلاوته عملا يعني أنهم اقتصروا عَلَى التلاوة وتركوا العمل به ومن ذلك أن أحدهم يقرأ فِي محرابه بالشاذ ويترك المتواتر المشهور والصحيح عند العلماء أن الصلاة لا تصح بهذا الشاذ وإنما مقصود هَذَا إظهار الغريب لاستجلاب مدح الناس وإقبالهم عَلَيْهِ وعنده أنه متشاغل بالقرآن ومنهم من يجمع القراآت فيقول ملك مالك ملاك وهذا لا يجوز لأنه إخراج للقرآن عَنْ نظمه ومنهم من يجمع السجدات والتهليلات والتكبيرات وذلك مكروه وَقَدْ صاروا يوقدون النيران الكثيرة للختمة فيجمعون بين تضييع المال والتشبه بالمجوس والتسبب إِلَى اجتماع النساء والرجال بالليل للفساد ويريهم إبليس أن فِي هَذَا إعزازا للإسلام وهذا تلبيس عظيم لأن إعزاز الشرع باستعمال المشروع ومن ذلك أن منهم من يتسامح بادعاء القراءة عَلَى من لم يقرأ عَلَيْهِ وربما كانت لَهُ إجازة مِنْهُ فَقَالَ أَخْبَرَنَا تدليسا وَهُوَ يرى أن الأمر فِي ذلك قريب لكونه يروي القراآت ويراها فعل خير وينسى أن هَذَا كذب يلزمه إثم الكذابين ومن ذلك أن المقرىء المجيد يأخذ عَلَى اثنين وثلاثة ويتحدث مَعَ من يدخل عَلَيْهِ والقلب لا يطيق جمع هذه الأشياء ثم يكتب خطه بأنه قد قرأ عَلَى فلان بقراءة فلان وَقَدْ كان بعض المحققين يَقُول ينبغي أن يجتمع اثنان أَوْ ثَلاثَة ويأخذوا عَلَى واحد ومن ذلك أن أقواما من القراء يتبارون بكثرة القراءة وَقَدْ رأيت من مشايخهم من يجمع الناس ويقيم شخصا ويقرأ فِي النهار الطويل ثلاث ختمات فَإِن قصر عيب وإن أتم مدح وتجتمع العوام لذلك ويحسنونه كَمَا يفعلون فِي حق السعاة ويريهم إبليس أن فِي كثرة التلاوة ثوابا وهذا من تلبيسه لأن القراءة ينبغي أن تكون لله تعالى لا للتحسين بِهَا وينبغي أن تكون عَلَى تمهل وقال عز وجل: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} وقال عز وجل: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} ومن ذلك أن جماعة من القراء أحدثوا قراءة الألحان وَقَدْ كانت إِلَى حد قريب وعلى ذلك فقد كرهها أَحْمَد بْن حنبل وغيره ولم يكرهها الشافعي أنبأنا مُحَمَّد بْن ناصر نا أَبُو علي الْحُسَيْن بْن سَعْد الهمذاني نا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن لال ثنا الفضل بْن الفضل ثنا السياحي ثنا الربيع بْن سُلَيْمَان قَالَ قَالَ الشافعي أما استماع الحداء ونشيد الأعراب فلا بأس به ولا بأس بقراءة الألحان وتحسين الصوت.

قَالَ المصنف: وقلت إنما أشار الشافعي إِلَى مَا كان فِي زمانه وكانوا يلحنون بيسرا فأما الْيَوْم فقد صيروا ذلك عَلَى قانون الأغاني وكلما قرب ذلك من مشابهة الغناء زادت كراهته فان أخرج القرآن عَنْ حد وضعه حرم ذلك ومن ذلك أن قوما من القراء يتسامحون بشيء من الخطايا كالغيبة للنظراء وربما أتوا أكبر من ذلك الذنب واعتقدوا أن حفظ القرآن يرفع عنهم العذاب واحتجوا بقوله عَلَيْهِ الصلاة والسلام: "لو جعل القرآن فِي إهاب مَا احترق" وذلك من تلبيس إبليس عليهم لأن عذاب من يعلم أكثر من عذاب من لم يعلم إذ زيادة العلم تقوى الحجة وكون القارىء لم يحترم مَا يحفظ ذنب آخر قَالَ اللَّه عز وجل: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} وقال فِي أزواج رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} .

كتاب تلبيس إبليس،100ـ102.



Loading...