تلبيس إبليس عَلَى كثير من الصوفية فِي صحبة الأحداث.
اللفظ / العبارة'
تلبيس إبليس عَلَى كثير من الصوفية فِي صحبة الأحداث.
متعلق اللفظ
مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي
حرام
القسم
المناهي العملية
Content
ذكر تلبيس إبليس عَلَى كثير من الصوفية فِي صحبة الأحداث.
قال المصنف: اعلم أن أكثر الصوفية المتصوفة قد سدوا عَلَى أنفسهم باب النظر إِلَى النساء الأجانب لبعدهم عَنْ مصاحبتهن وامتناعهم عَنْ مخالطتهن واشتغلوا بالتعبد عَنِ النكاح واتفقت صحبة الأحداث لهم عَلَى وجه الإرادة وقصد الزهادة فأمالهم إبليس إليهم واعلم أن الصوفية فِي صحبة الأحداث عَلَى سبعة أقسام القسم الأَوَّل أخبث القوم وهم ناس تشبهوا بالصوفية ويقولون بالحلول أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ الباقي بْن أحمد بْن سُلَيْمَان نا أَبُو علي الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن الفضل الكرماني نا سَهْل بْن عَلِيٍّ الخشاب نا أَبُو نصر عَبْد اللَّهِ بْن عَلِيٍّ السراج قَالَ بلغني أن جماعة من الحلولية زعموا أن الحق تعالى اصطفى أجساما حل فيها بمعاني الربوبية ومنهم من قَالَ هو حال فِي المستحسنات وذكر أَبُو عَبْد اللَّهِ بْن حامد من أصحابنا أن طائفة من الصوفية قالوا أنهم يرون اللَّه عز وجل فِي الدنيا وأجازوا أن يكون فِي صفة الآدمي ولم يأبوا كونه حالا فِي الصورة الحسنة حتى استشهدوه فِي رؤيتهم الغلام الأسود القسم الثاني قوم يتشبهون بالصوفية فِي ملبسهم ويقصدون الفسق القسم الثالث قوم يستبيحون النظر إِلَى المستحسن وَقَدْ صنف أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي كتابا سماه سنن الصوفية فَقَالَ فِي أواخر الْكِتَاب باب فِي جوامع رخصهم فذكر فيه الرقص والغناء والنظر إِلَى الوجه الْحَسَن وذكر فيه مَا روى عَنِ النبي عَلَيْهِ السلام أنه قَالَ اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ وَأَنَّهُ قَالَ ثَلاثَةٌ تَجْلُو الْبَصَرَ النَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ وَالنَّظَرُ إِلَى الْمَاءِ وَالنَّظَرُ إِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ.
قال المصنف رحمه اللَّه: وهذان الحديثان لا أصل لهما عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أما الحديث الأَوَّل فأَخْبَرَنَا به عَبْد الأَوَّل بْن عِيسَى نا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد بْن المظفر نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حمويه نا إبراهيم بْن خزيم ثنا عَبْد بْن حميد ثنا يَزِيد بْن هرون ثنا مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن بْن المخير عَنْ نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اطْلُبُوا الْخَيْرَ عِنْدَ حِسَانِ الْوُجُوهِ" قَالَ يَحْيَى بْن معين مُحَمَّد بْن عَبْدِ الرَّحْمَن ليس بشيء قَالَ المصنف قلت وَقَدْ روى هَذَا الحديث من طرق قَالَ العقيلي لا يثبت عَنِ النبي عَلَيْهِ السلام فِي هَذَا شيء وأما الحديث الآخر فأنبأنا أَبُو منصور بْن خيرون نا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثابت بن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يعقوب نا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي نا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أحمد بْن هرون نا أحمد بْن عُمَر بْن عُبَيْد الريحاني قَالَ سَمِعْتُ أبا البختري وهب بْن وهب يَقُول كنت
أدخل عَلَى الرشيد وابنه القاسم بين يديه فكنت أدمن النظر إليه فَقَالَ أراك تدمن النظر إِلَى القاسم تريد أن تجعل انقطاعه إليك قلت أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن ترميني بما ليس فِي وأما إدمان النظر إليه فَإِن جعفرا الصادق ثنا عَنْ أبيه عَنْ جده عَلِيّ بْن الْحُسَيْن عَنْ أبيه عَنْ جده قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثٌ يَزِدْنَ فِي قُوَّةِ النَّظَرِ النَّظَرُ إِلَى الْخُضْرَةِ وَإِلَى الْمَاءِ الْجَارِي وَإِلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ.
قال المصنف رحمه اللَّه: هَذَا حَدِيثٌ موضوع ولا يختلف العلماء فِي أبي البختري أنه كذاب وضاع واحمد بْن عُمَر بْن عُبَيْد أحد المجهولين ثم قد كان ينبغي لأبي عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي إذ ذكر النظر إِلَى المستحسن أن يقيده بالنظر إِلَى وجه الزوجة أَوِ المملوكة فأما إطلاقه ففيه سوء ظن وقال شيخنا مُحَمَّد بْن ناصر الْحَافِظ كان ابْن طاهر المقدسي قد صنف كتابا فِي جواز النظر إِلَى المراد.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت: والفقهاء يقولون من ثارت شهوته عند النظر إِلَى الأمرد حرم عَلَيْهِ أن ينظر إليه ومتى ادعى الإنسان أنه لا تثور شهوته عند النظر إِلَى الأمرد المستحسن فهو كاذب وإنما أبيح على الأطرق لئلا يقع الحرج فِي كثرة المخالطة بالمنع فَإِذَا وقع الإلحاح فِي النظر دل عَلَى العمل بمقتضى ثوران الهوى قَالَ سَعِيد بْن المسيب إذا رأيتم الرَّجُل يلح النظر إِلَى غلام أمرد فاتهموه القسم الرابع قوم يقولون نحن لا ننظر نظر شهوة وإنما ننظر نظر اعتبار فلا يضرنا النظر وهذا محال منهم فَإِن الطباع تتساوى فمن ادعى تنزه نفسه عَنْ أبناء جنسه فِي الطبع ادعى المحال وَقَدْ كشفنا هَذَا فِي أول كلامنا فِي السماع أخبرتنا شهدة بْن أَحْمَدَ الأبري قالت بإسناد مرفوع إِلَى مُحَمَّد بْن جَعْفَر الصوفي قَالَ قَالَ أَبُو حمزة الصوفي حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْن الزبير الخفي قَالَ كنت جالسا مَعَ أبي النَّضْر الغنوي وكان من المبرزين العابدين فنظر إِلَى غلام جميل فلم تزل عيناه واقعتين عَلَيْهِ حتى دنا مِنْهُ فَقَالَ سألتك بالله السميع وعزة الرفيع وسلطانه المنيع ألا وقفت عَلَى أروي من النظر إليك فوقف قليلا ثم ذهب ليمضي فَقَالَ لَهُ سألتك بالحكيم المجيد الكريم المبدي المعيد ألا وقفت فوقف ساعة فأقبل يصعد النظر إليه ويصوبه ثم ذهب ليمضي فَقَالَ سألتك بالواحد الأحد الجبار الصَّمَد الذي لم يلد ولم يولد إلا وقفت فوقف ساعة فنظر إليه طويلا ثم ذهب ليمضي فَقَالَ سألتك باللطيف الخبير السميع البصير وبمن ليس لَهُ نظير إلا وقفت فوقف فأقبل ينظر إليه ثم أطرق رأسه إِلَى الأَرْض ومضى الغلام فرفع رأسه بعد طويل وَهُوَ يبكي فَقَالَ قد ذكرني هَذَا بنظري إليه وجها جل عَنِ التشبيه وتقدس عَنِ التمثيل وتعاظم عَنِ التحديد وَاللَّه لأجهدن نفسي فِي بلوغ رضاه بمجاهدتي أعدائه وموالاتي لأوليائه حتى أصير إِلَى مَا أردته من نظري إِلَى وجهه الكريم وبهائه العظيم ولوددت أنه قد أراني وجهه وحبسني فِي النار مَا دامت السموات والأرض ثم غشي عَلَيْهِ وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْدِ اللَّهِ الفزاري قَالَ سمعت خيرا النساج يَقُول كنت مَعَ محارب بْن حسان الصوفي فِي مسجد الخيف ونحن محرمون فجلس إلينا غلام جميل من أهل المغرب فرأيت محاربا ينظر إليه نظرا أنكرته فقلت لَهُ بعد أن قَامَ إنك محرم فِي شهر حرام فِي بلد حرام فِي مشعر حرام وَقَدْ رأيتك تنظر إِلَى هَذَا الغلام نظرا لا ينظره إلا المفتونون فَقَالَ لي تقول هَذَا يا شهواني القلب والطرف ألم تعلم أنه قد منعني من الوقوع فِي شرك إبليس ثلاث فقلت وما هي قَالَ سر الإيمان وعفة الإسلام وأعظمها الحياء من اللَّه تعالى أن يطلع علي وأنا جاثم عَلَى منكر نهاني عنه ثم صعق حتى اجتمع الناس علينا.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: قلت أنظروا إِلَى جهل الأحمق الأَوَّل ورمزه إِلَى التشبيه وإن تلفظ بالتنزيه وإلى حماقة هَذَا الثاني الذي ظن أن المعصية هي الفاحشة فقط وما علم أن نفس النظر بشهوة يحرم ومحا عَنْ نفسه أثر الطبع بدعواه التي تكذبها شهوة النظر وقد حَدَّثَنِي بعض العلماء أن صبيا أمرد حكى لَهُ قَالَ قَالَ لي فلان الصوفي وَهُوَ يحبني يا بني لله فيك إقبال والتفات حيث جعل حاجتي إليك وحكى أن جماعة من الصوفية دخلوا عَلَى أحمد الغزالي وعنده أمرد وَهُوَ خال به وبينهما ورد وَهُوَ ينظر إِلَى الورد تارة وإلى الأمرد تارة فلما جلسوا قَالَ بعضهم لعلنا كدرنا فَقَالَ أي وَاللَّه فتصايح الْجَمَاعَة عَلَى سبيل التواجد.