ذكر تلبيس إبليس عَلَى الصوفية فِي ترك طلب الأولاد.
أَخْبَرَنَا المحمدان ابْن ناصر وابن عَبْد الباقي قالا نا حمد بْن أَحْمَدَ نا أَبُو نعيم أَحْمَد بْن عَبْدِ اللَّهِ ثنا إِسْحَاق بْن أحمد ثنا إبراهيم بْن يوسف ثنا أحمد بْن أبي الحواري قَالَ سمعت أبا سُلَيْمَان الداراني يَقُول الذي يريد الولد أحمق لا للدنيا ولا للآخرة إن أراد أن يأكل أَوْ ينام أَوْ يجامع نغص عَلَيْهِ وإن أراد أن يتعبد شغله.
قَالَ المصنف رحمه اللَّه قلت: وهذا غلط عظيم وبيانه أنه لما كان مراد اللَّه تعالى من إيجاد الدنيا اتصال دوامها إِلَى أن ينقضي أجلها وكان الآدمي غير ممتد البقاء فيها إلا إِلَى أمد يسير أخلف اللَّه تعالى مِنْهُ مثله فحثه عَلَى سببه فِي ذلك تارة من حيث الطبع بإيقاد نار الشهوة وتارة من باب الشرع بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} وقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط" وقد طلب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الأولاد فَقَالَ تعالى حكاية عنهم: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} إِلَى غير ذلك من الآيات وتسبب الصالحون إِلَى وجودهم ورب جماع حدث مِنْهُ ولد مثل الشافعي واحمد بْن حنبل فكان خيرا من عبادة ألف سنة وَقَدْ جاءت الأخبار بإثابة المباضعة والإنفاق عَلَى الأولاد والعيال ومن يموت لَهُ ولد ومن يخلف ولدا بعده فمن أعرض عَنْ طلب الأولاد والتزوج فقد خالف المسنون والأفضل وحرم
أجرا جسيما ومن فعل ذلك فإنما يطلب الراحة أَخْبَرَنَا عُمَر بْن ظفر نا جَعْفَر بْن أحمد بْن السراج نا أَبُو القاسم الأزجي ثنا ابْنُ جهضم ثنا الخلدي قَالَ سمعت الجنيد يَقُول الأولاد عقوبة شهوة الحلال فما ظنكم بعقوبة شهوة الحرام؟ .
قَالَ المصنف رحمه اللَّه وهذا غلط فان تسمية المباح عقوبة لا يحسن لأنه لا يباح شيء ثم يكون مَا تجدد مِنْهُ عقوبة ولا يندب إِلَى شيء إلا وحاصله مثوبة.