قال المصنف رحمه اللَّه: من مذهب القوم أن المسافر إذا قدم فدخل الرباط وفيه جماعة لم يسلم عليهم حتى يدخل الميضة فَإِذَا توضأ جاء وصلى ركعتين ثم سلم عَلَى الشيخ ثم سلم عَلَى الْجَمَاعَة وهذا مَا أبتدعه متأخرهم عَلَى خلاف الشريعة لأن فقهاء الإسلام أجمعوا عَلَى أن من دخل عَلَى قوم سن لَهُ أن يسلم عليهم سواء كان عَلَى طهارة أَوْ لم يكن إلا أن يكونوا أخذوا هَذَا من مذهب الأطفال فإنه إذا قيل للطفل لم لا تسلم علينا قَالَ مَا غسلت وجهي بعد أَوْ لعل الأطفال علموه من هؤلاء المبتدعين أَخْبَرَنَا ابْن الحصين نا أَبُو عَلِيّ بْن الْمُذْهِبِ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ثنا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَدَ ثني أَبِي ثنا عَبْدُ الرزاق ثنا معمر عَنْ همام بْن منبه ثنا أَبُو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لِيُسَلِّمِ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ" أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَمِنْ مَذْهَبِ الْقَوْمِ تَغْمِيزُ الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ مَسَاءٍ أنبأنا أَبُو زرعة طاهر بْن مُحَمَّد عَنْ أبيه قَالَ باب السنة فِي تغميزهم القادم من السفر أول ليلة لتعبه واحتج بحديث عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنه دخلت عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغلام لَهُ حبشي يغمز ظهره فقلت مَا شأنك يا رَسُول اللَّهِ قَالَ: "إن الناقة قد اقتحمتني".
قَالَ المصنف رحمه اللَّه: أنظروا إخواني إِلَى فقه هَذَا المحتج فإنه كان ينبغي أن يَقُول باب السنة فِي تغميز من رمت به ناقته وتكون السنة تغميز الظهر لا القدم ومن أين لَهُ أنه كان فِي سفر وأنه غمز أول ليلة ثم يجعل تغميز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اتفق لأجل ألم ظهره سنة لقد كان ترك استخراج هَذَا الفقه الدقيق أحسن من ذكره ومن مذهبهم عمل دعوة للقادم قَالَ ابْن طاهر باب اتخاذهم العتيرة١ للقادم واحتج بحديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سافر سفرا فنذرت جارية من قريش إن اللَّه تعالى رده أن تضرب فِي بيت عائشة رضي اللَّه عنها بدف فلما رجع فَقَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن كنت نذرت فأضربي".
قَالَ المصنف رحمه اللَّه قد بينا أن الدف مباح ولما نذرت هذه المرأة مباحا أمرها أن تفي فكيف يحتج بهذا عَلَى الغناء والرقص عند قدوم المسافر.