قولهم يستهدف كذا أو يهدف إلى كذا

قولهم يستهدف كذا أو يهدف إلى كذا

اللفظ / العبارة' قولهم يستهدف كذا أو يهدف إلى كذا
متعلق اللفظ مسائل لغوية
الحكم الشرعي لا يصح
القسم المناهي اللفظية
Content

 من الأخطاء الشائعة في هذا الزمان قولهم يستهدف كذا أو يهدف إلى كذا يريدون أنه يقصده ويتخذه هدفًا ولم تستعمله العرب بهذا المعنى، قال صاحب اللسان: الأزهري روى شمر بإسناد له أن الزبير وعمرو بن العاص، اجتمعا في الحجر فقال الزبير: أما والله لقد كنت أهدفت لي يوم بدر، ولكني أستبقيتك لمثل هذا اليوم فقال عمرو: أنت والله لقد كنت أهدفت لي وما يسرني أن لي مثلك بضرتي منك، قال شمر: قوله أهدفت لي، الإهداف الدنو منك، والاستقبال لك والانتصاب يقال أهدف لي الشيء فهو مُهْدِف وأهدف لك السحاب والشيء إذا انتصب، ثم قال: وفي حديث أبي بكر قال له ابنه عبد الرحمن لقد أهدفت لي يوم بدر، فضفت عنك، فقال أبوبكر لكنك لو أهدفت لي لم أضف عنك، أي لو لجأت إلي، لم أعدل عنك، وكان عبد الرحمن وعمرو، يوم بدر، مع المشركين وضفت عنك أي عدلت انتهى.

ومن ذلك تعلم أن استعمال العرب للإهداف والاستهداف في واد واستعمال المعاصرين لهما في واد آخر، فالعرب تقول أهدف الشيء واستهدف بمعنى قرب وانتصب وصار أمامك كالهدف الذي تتمكن من رميه إذا كان قريبًا ومنتصبًا أمامك، أما استعمال المعاصرين فإنه يريدون به القصد إلى الشيء ومما يزيد ذلك وضوحا، قول العلماء من ألف فقد استهدف أي نصب نفسه هدفا للمنتقدين يَرْمُونه بسهام نقدهم، وكان قبل ذلك مستورًا، وقول أبي بكر رضي الله عنه لابنه عبد الرحمن: لكنك لو أهدفت لي لم أضف عنك أي لو تمكنت من قتلك ما أبقيت عليك، دليل على قوة إيمانه وتحقيقه لقوله تعالى في سورة التوبة الآية (٢٤) {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} فهذه المحبوبات الثمانية، إذا لم يكن معها حب الله ورسوله تلقي صاحبها في الهلكة وإذا كان معها حب الله ورسوله، وقع التنازع بين الحبين، الصديقون والصالحون لا يبالون بهذه المحبوبات وهي المذكورة في الآية وهي: الآباء والأبناء والإخوان والأزواج والعشيرة والأموال والتجارة والمساكن الطيبة، إذا تنافت مع حب الله ورسوله، فيقدمون حب الله ورسوله عليها، ولذلك قال الصديق لابنه عبدالرحمن (لكنك لو أهدفت لي لم أضف عنك) ولا شك أن الصديق كان يحب ابنه عبد الرحمن لأن حب الولد من طبيعة البشر وغير البشر، ولكن لما التقيا في الحرب: أبوبكر ينصر الله ورسوله، وابنه عبد الرحمن كان ينصر الشرك، ويوالي أعداء الله كان أبو بكر عازمًا أن يقتله، لو عرض له، وتمكن من قتله، ترجيحا لحب الله تعالى، على حب غيره، وهذه

المحبوبات الثمانية، هي عقبات في سبيل الإيمان الكامل الذي يفوز صاحبه برضوان الله تعالى، ويسعد السعادة الأبدية. وكم فتنت هذه المحبوبات من الناس إذا تغلب حبها عندهم على حب الله ورسوله، والجهاد في سبيله، فخسروا، وضلوا ضلالا بعيدا.

كتاب تقويم اللسانين،ص:91ـ92.


Loading...