ومن التراكيب الركيكة الفاسدة لفظا ومعنى، وهي استعمارية بلا ريب قولهم (منحتهم السماء كذا وكذا) فإسناد المنح إلى السماء فاسد عقلًا ونقلًا ولغةً،
اللفظ / العبارة'
ومن التراكيب الركيكة الفاسدة لفظا ومعنى، وهي استعمارية بلا ريب قولهم (منحتهم السماء كذا وكذا) فإسناد المنح إلى السماء فاسد عقلًا ونقلًا ولغةً،
متعلق اللفظ
مسألة عقدية / لغوية .
الحكم الشرعي
لا يصح
القسم
المناهي اللفظية
Content
ومن التراكيب الركيكة الفاسدة لفظا ومعنى، وهي استعمارية بلا ريب مأخوذة ترجمة حرفية من اللغات الأجنبية قولهم منحتهم السماء كذا وكذا فإسناد المنح إلى السماء فاسد عقلًا ونقلًا ولغةً، أما عقلًا فإن السماء لا تعطي ولا تمنع، وليست سببا في الإعطاء حتى يقال إن الإسناد إليها مجاز عقلي كما في قولهم أنبت الربيع البقل، وبنى الأمير المدينة، لأن السببية في هذين المثالين ظاهرة، أما قولهم منحتهم السماء فليس كذلك، والأوربيون ينسبون الأشياء إلى السماء في لغاتهم، ويدعونها ويستغيثون بها كما يفعلون مع الله تعالى، ومع المسيح وأمه، ومن العجائب التي تستنكرها عقول الموحدين وأذواقهم، أنهم إذا أصابهم فزع يهتفون قائلين: يا أم الله، ومقصودهم بذلك مريم الصديقة. فإذا قلنا لهم: إن الله لا أم له ولا أب، يشمئزون ويغضبون ولا يصلح أن يكون قولهم منحتهم مجازا عقليًا بالنسبة إلى المسلم لأن المسلم يعتقد أن السماء لا تمنح شيئًا وليست سببًا للمنح كما في ومن التراكيب الركيكة الفاسدة لفظا ومعنى، وهي استعمارية بلا ريب مأخوذة ترجمة حرفية من اللغات الأجنبية قولهم منحتهم السماء كذا وكذا فإسناد المنح إلى السماء فاسد عقلًا ونقلًا ولغةً، أما عقلًا فإن السماء لا تعطي ولا تمنع، وليست سببا في الإعطاء حتى يقال إن الإسناد إليها مجاز عقلي كما في قولهم أنبت الربيع البقل، وبنى الأمير المدينة، لأن السببية في هذين المثالين ظاهرة، أما قولهم منحتهم السماء فليس كذلك، والأوربيون ينسبون الأشياء إلى السماء في لغاتهم، ويدعونها ويستغيثون بها كما يفعلون مع الله تعالى، ومع المسيح وأمه، ومن العجائب التي تستنكرها عقول الموحدين وأذواقهم، أنهم إذا أصابهم فزع يهتفون قائلين: يا أم الله، ومقصودهم بذلك مريم الصديقة. فإذا قلنا لهم: إن الله لا أم له ولا أب، يشمئزون ويغضبون ولا يصلح أن يكون قولهم منحتهم مجازا عقليًا بالنسبة إلى المسلم لأن المسلم يعتقد أن السماء لا تمنح شيئًا وليست سببًا للمنح كما في بنى الأمير المدينة فإن السبب في بنائها هو الأمير لأنه أمر العملة ببنائها. والحقيقة العقلية هي إسناد الفعل أو ما في معناه إلى ما هو له في اعتقاد المتكلم كقول المؤمن:أنبت الله البقل، وأنزل الله المطر. وكقول الكافر:أنبت الربيع البقل، وأنزلت السماء المطر. فقول النصارى في عيسى وأمه، إنهما يعطيان ويمنعان! كقول الكافر:شفى الطبيب المريض! ، فهو إسناد حقيقي، لأن الكافر يعتقد أن الطبيب هو الفاعل الحقيقي، والنصارى يعتقدون عيسى وأمه إلهين. والمجاز العقلي كقول المؤمن أنبت الربيع البقل، وشفى الدواء المريض لأنه يعتقد أن الله هو الذي أنبت البقل، والربيع سبب، وأن الله هو الذي شفى المريض، والدواء سبب، ومن المجاز العقلي قول الشاعر - وهو أبو النجم:
قد أصبحت أم الخيار تدعى ... من أن رأت رأسي كرأس الأصلع
على ذنبا كله لم أصنع ... ميز عنه قنزعا عن قنزع
جذب الليالي أبطيء أو أسرعي ...
والدليل على أنه مجاز قوله بعد ذلك:
أفناه قيل الله للشمس اطلعي ... حتى إذا واراك أفق فارجعي
هذا الشعر من مشطور الرجز وهو لأبي النجم العجلى وأم الخيار زوجته، وكانت تعيب عليه صلع رأسه لكبر سنه وكانت ابنة عمه بدليل قوله في موضع آخر من القصيدة:
يا ابنة عما لا تلومي واهجعي ... يمشي كمشي الأهدأ المكتع
لا تسمعيني منك ما لم أسمع ... ألم يكن يبيض لو لم يصلع
فهي تعيب عليه شيخوخته وما يلازمها من الإحناء والإكباب فإن الأهدا هو الذي يمشي منحنيا مكبا كأنه راكع، والمكتع المتقبض: يقول يا ابنة عمي لا تلوميني على كبر سني وضعفي
وصلع رأسي فإنه لو لم يصلع وبقى فيه شعره لصار أبيض بالشيب، وأنت تكرهين رؤية الشيب، كما تكرهين الصلع. فالشاهد في قوله ميز عنه قنزعا عن قنزع، جذب الليالي أي فرق شعر الرأس حتى صار قنازع مجموعة شعيرات هنا، أخرى هناك، جذب الليالي: اختلافها ذهابا ومجيئا، يعني أن سبب الصلع كثرة الليالي التي مرت عليه، حتى طعن في السن فإسناد ميز إلى جذب الليالي من المجاز العقلي، لأن الشاعر لا يعتقد أن شيخوخته هي التي جعلته أصلع وإنما هي سبب الصلع، والفاعل الحقيقي هو الله سبحانه بدليل قوله فيما بعد: - أفناه قيل الله للشمس اطلعي يعني أفني شعر رأسه قول الله للشمس اطلعي كل يوم - وقوله حتى إذا واراك أفق فارجعي، دليل قطعي على أن العرب من قديم الزمان وإن لم يشتهروا بتعاطي العلوم بل كانوا أمة أمية أكثرهم لا يكتبون ولا يقرؤون، كانوا يعرفون أن الأرض كرة وأن الشمس حين تغيب عن قوم تكون مشرقة عند قوم آخرين لأنها لم تنعدم، وإنما سترها أفق، أي جانب من الأرض، وأن الله هو الذي أمرها بذلك، كما كانوا يعلمون أن المطر ينشأ سحابا من البحر حتى إذا علا السحاب في الجو وبرد، ساقته الرياح إلى الأرض التي يريد الله أن ينزل فيها المطر فينزل المطر، بقدرة الله يدلك على ذلك قول شاعرهم:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متن لجج خضر لهن نئيج
قال الخضري في حاشيته على شرح الألفية لابن عقيل ما نصه: قوله شرب الخ ... ضمنه معنى روين فعداه بالباء أو هي بمعنى مِن التبعيضية، واللجج من لجة بالضم، وهي معظم الماء، ونئيج: بنون فهمزة فياء فجيم، كصهيل أي صوت عال، وجملة لهن نئيج: حال من نون شربن العائد للسحاب، لزعم العرب والحكماء أنها تدنو من البحر الملح في أماكن مخصوصة منها خراطيم عظيمة كخراطيم الإبل، فتشرب من مائه بصوت مزعج ثم تصعد في الجو فيلطف ذلك الماء ويعذب بإذن الله تعالى في زمن صعودها في الهواء ثم تمطره حيث شاء الله تعالى اهـ.
حكاية الخراطيم التي ذكر للسحاب وأنها تدنو من البحر في أماكن مخصوصة فتشرب بصوت عال تدل على أن الخضري لم يفهم قول الحكماء، والذي قاله الحكماء: هو أن ماء البحار يتبخر بحرارة الشمس فيصعد في الجو بخارا فإذا بلغ أعالي الجو برد ثم نزل مطرا كما تقدم، وقول الخضري يلطف ويعذب يريد أنه يصفى من الأملاح، فيصير ماء عذبا صالحًا للشرب ولسقي الأشجار والنباتات، وقد أخبرني بعض الإخوان في الكويت أن الماء الذي يصفى في معامل التصفية، يصير عذبا كماء المطر ولكنه لا يصلح لسقي الزرع والأشجار إلا إذا مزج بماء الآبار وهذا، إن صح، يدلنا على أن السر الكامن في تصفية الله تعالى والفرق بينها وبين تصفية الإنسان بالآلة والصنعة أما العذوبة أما العذوبة فهي كماء المطر ولا فرق وقد شربت الماء المصفى بالآلات في مطار الظهران بالمملكة العربية السعودية فوجدته كما ذكرت، ولله في خلقه شؤون.