قولهم ساعدته الظروف أو لم تساعده الظروف أو حالت الظروف بينه وبين ما يريد .
اللفظ / العبارة'
قولهم ساعدته الظروف أو لم تساعده الظروف أو حالت الظروف بينه وبين ما يريد .
متعلق اللفظ
مسألة عقدية / لغوية .
الحكم الشرعي
لا يجوز
القسم
المناهي اللفظية
Content
ومن التعابير التي شاعت في هذا الزمان قولهم ساعدته الظروف أو لم تساعده الظروف أو حالت الظروف بينه وبين ما يريد وهو كثير في كلام الخاصة والعامة وهو استعمال غير عربي، ولنبدأ بمعرفة معنى الظرف والظروف لننظر هل يصح إسناد الفعل إليها على سبيل المجاز العقلي كما يسند إلى الزمن والدهر والليل والنهار أو لا يصح؟ - أما إسناد الفعل إلى الدهر على سبيل المجاز العقلي شائع في كلام العرب فمن ذلك قول وزير عزله ملكه من الصباح إلى الزوال ثم رضي عنه ورده إلى مكانته من مخلع البسيط.
عاداني الدهر نصف يوم ... فانكشف الناس لي وبانوا
يا أيها المعرضون عني ... عودوا فقد عاد لي الزمان
وذلك أنه حين عزل تنكر الناس له وتغيروا فقال لهم ارجعوا إلى ما كنتم عليه من التملق والتعظيم فإن الزمان الذي عاداني وأعرض عني فاقتديتم به قد عاد إلي وأقبل علي فعودوا أنتم أيضا فأسند العداوة إلى الدهر والعَوْدُ إلى الزمان على سبيل المجاز، والزمن لم يعاده في الحقيقة ولم يُقْبِل عليه:
ومثل ذلك قول آخر:
رأيت الدهر في خفض الأعالي ... وفي رفع الأسافلة اللئام
فقيها صح في فتواه قول ... بتفضيل السجود على القيام
والدهر لم يرفع أحدا ولم يخفضه بل الخافض الرافع هو الله تعالى وإنما ذلك مجاز أسند الفعل فيه إلى ملابسه، وهو زمانه الذي وقع فيه، فقوله عاداني الدهر أي عاداني الناس والسلطان في الدهر، وعاداني الزمان أي عاداني الحظ في الزمان، ومثل ذلك إسناد الفعل إلى الدنيا والعرب تفعل ذلك كثيرا قال ابن الوردي في لاميته:
اترك الدنيا فمن عادتها ... تخفض العالي وتعلي ومن سفل
وقال غيره: سألت عن الدنيا الدنية قيل لي ... هي الدار فيها الدائرات تدور
إذا أقبلت ولت وإن أحسنت أمس ... ت وإن عدلت يوما فسوف تجور
وإسناد الفعل إلى الدنيا كإسناده إلى الزمان لأن الدنيا في الأصل صفة الحياة، وبذلك جاء القرآن في غير موضع، والمراد بالدنيا: القربى فُعْلى: من الدنو وتقابلها الحياة الأخرى وإسناد الأفعال إلى الظروف يقصد به ما قصد بإسنادها إلى الزمان والدهر فالظاهر أنهم أخذوا ذلك من تعبير النحاة بظرف الزمان، فإن قيل فهمنا من كلامك أنك لا تنكر إسناد الفعل إلى الزمان على سبيل المجاز، وقد اعترفت بأن مراد المعبرين بالظروف الأزمنة والأوقات فلماذا حملت عليهم هذه الحملة الشديدة؟ فالجواب أن هناك فرقا كبيرا بين إسناد الفعل إلى الزمان وإسناده إلى الظرف مفردا أو مجموعا لأن تعبير النحاة اصطلاح وليس بحقيقة لغوية فإن العرب لم تسم الزمان ظرفا ولا الأوقات ظروفا قال صاحب اللسان: وظرف الشيء وعاؤه، ومنه ظروف الأزمنة والأمكنة الليث، الظرف وعاء كل شيء، حتى إن الإبريق ظرف لما فيه والصفات في الكلام التي تكون مواضع لغيرها تسمى ظروفا من نحو أمام وقدام وأشبه ذلك. تقول خلفك زيد إنما انتصب، لأنه ظرف لما فيه وهو موضع لغيره، وقال غيره: الخليل يسميها ظروفا، والكسائي يسميها الحال، والفراء يسميها الصفات والمعنى واحد، اهـ. فالظرف كما قلنا اصطلاح لبعض النحاة يشمل الزمان والمكان ولا يجوز أن يعبر في اللغة عن الزمان بالظرف فلا يقال أقمت في المدينة الفلانية ظرفا طويلا أو قصيرًا وإنما يقال أقمت زمانا، أما قول الشاعر:
رأيت الدهر في خفض الأعالي
فإنه يشير إلى خلاف جار بين الفقهاء فيما هو أفضل أطول القيام في صلاة النوافل، أم كثرة السجود؟ أي السجدات، فقال قوم: كثرة السجود أفضل، واحتجوا بما رواه مسلم عن ربيعة ابن مالك الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة فقال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعني على نفسك بكثرة السجود) وقال آخرون طول القيام أفضل من كثرة السجود، واستدلوا بحديث ورد في ذلك.