فالذهب أغلى شيء في الدنيا. والجبابرة الفراعنة إنما قصدت من الدنيا لاستعمال أغلى شيء منها.. ألا ترى إلى قول فرعون:) فَلَولاَ أُلقِىَ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَب) ، يعرف قدر موسى من طريق الذهب؛ فحلية الذهب هو زى الجبابرة.
قال: وروى في الخبر: أن الله تعالى قال: قل لبني إسرائيل: لا تلبسوا لباس أعدائي، ولا تركبوا مراكب أعدائي؛ فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي.
فهؤلاء الجبابرة عمدوا إلى أعالي النعم، وغلى أعزه عند الخلق؛ فتناولوه من الدنيا، يريدون بذلك الخيلاء والفخر على عباد الله تكبرا وتعظما وتيها،
وهو الذهب والحرير وركوب النمور؛ لأن النمر عزيز أخذه لا يكاد يتمكن منه.
فأما الذهب والحرير، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ورقى المنبر، فقال:(هذان محرمان على ذكور أمتي، حل لإناثهم) . فسبب ذلك التحريم وعلته أن الذهب والحرير للرجال خيلاء وتجبر وتعظم؛ فحرم ذلك عليهم من أجل هذا الضرر العظيم، وأحل للإناث لأنها زينة لهن وعون على العفة للأزواج. فهن إن افتخرن وتعظمن واختلن، فهن إناث ليس منهن فراعنة ولا جبابرة.