أحداثها، أي أحداث الأيام، أو أحداث الحرب، وهذا استعمال غير صحيح لأن الأحداث ليست ظرف مكان ولا زمان حتى تنصب بتقدير (في) يقال عاش مائة سنة، فمائة منصوب على أنه ظرف زمان قال الحريري في ملحة الإعراب:
الظرف منصوب على إضمار في ... تقول صام خالد أياما
فاعتبر الظرف بذاك واكتف ... وغاب ظهرا وأقام عاما
فهذه ظروف زمان منصوبة بتقدير في، وتقول في ظرف مكان جلست أمام زيد أو خلفه وجلست تحت الشجرة وفوق السطح فهذه ظروف مكان بتقدير (في) أما الأحداث فليست ظرف زمان ولا مكان، فلا يصح أن تكون منصوبة بإضمار حرف الجر ولا يصح أن تكون مفعولا به لعاش لأنه فعل لازم، لا يقال إذا كانت الأحداث مضافة إلى الأيام يجوز أن تقوم مقامها فتكسب الظرفية بإضافتها إليها كما وقع في مائة سنة وألف سنة كما قال تعالى في {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}[العنكبوت: ١٤] وتقول أقمت في البلد سبعة أيام فأنت ترى أن العدد لما أضيف إلى الظرف اكتسب الظرفية منه، فلماذا لا تكسب الأحداث الظرفية إذا أضيفت إلى ظرف كقولهم عاش الأحداث تلك الأيام مغايرة للأيام بل هي مظروفة والأيام ظرفها فإن الأحداث واقعة في الأيام فلا يصح أن تقوم مقامها أما قولهم عاش أحداث تلك الحرب فهو أبعد من الظرفية، وإنما جاء هذا الاستعمال الفاسد من اقتباس المترجمين معاني الألفاظ الأعجمية واستعمالها في اللغة العربية ظنا منهم أن ما جاز في لغة، يجوز في لغة أخرى وهذا في غاية الفساد فإن المترجم لو ترجم كلاما عجميا بكلام عربي بدون مراعاة، لطبيعة كل من اللغتين وأسلوبهما وقواعدهما بل أبدل كل كلمة أعجمية بكلمة عربية لجاءت عبارته في غاية الركاكة ،
والقبح وبعضها لا يكاد يفهم، وقد أشرت إلى هذا المعنى فيما سلف فلا حاجة إلى إعادته، فإن قيل فما هو الصواب الذي يجب التعبير به بدلا من قولهم عاش أحداث الحرب وأحداث الأيام، فالجواب أنه ينبغي أن يقال شاهد أحداثها فهو شاهد عيان لها.