على ما أعتقد

على ما أعتقد

اللفظ / العبارة' على ما أعتقد
متعلق اللفظ مسألة عقدية / لغوية .
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي اللفظية
Content

(على ما أعتقد) هذه العبارة مأخوذة من اللغة الإنكليزية بترجمة فاسدة فإن لفظة Believe، تدل على الاعتقاد وتارة على الظن، والقرينة هي التي تميز بينهما فذكر هذه الكلمة إذا تجردت عن القرينة لا تدل إلا على الظن الغالب، أو المستوى الطرفين ولا تدل على اليقين، وقد أخذها عامة الكتاب فأساءوا استعمالها. فإن لفظة أعتقد في اللغة العربية، تدل على الجزم فتقول مثلا أنا أعتقد صحة هذا الخبر، وأعتقد أن الإسلام حق وأن الله واحد ومن ذلك سمي ما يؤمن به المرء مما يجب لله تعالى من صفات الكمال وما يجب للرسل عليهم الصلاة والسلام من الصدق والتبليغ والأمانة والتنزيه عن النقائص التي لا تليق بمقامهم العالي، سمي كل ذلك عقيدة وأظن أنها فعيلة بمعنى مفعولة كالذبيحة والنطيحة بمعنى المذبوحة والمنطوحة لأن القلب قد عقدها وأحكم توثيقها فإن قيل عهدناك في مثل هذه المعاني تفْزَع إلى لسان العرب، والقاموس، وتحتج بنصوصهما فما بالك عدلت عنهما في هذا الحرف؟ فالجواب أنني لم أجد فيهما نصا على ما أريده وهذا من العجب وسأسوق هنا نص اللسان، ثم أحاول ربطه بالمعنى المقصود والعقد نقيض الحل عقده يعقده عقدا وتعاقدا وعقدة ثم قال واعتقده كعقده ثم قال وعقدة النكاح والبيع وجوبهما.

قال الفارسي هو من الشد والربط، وانعقد النكاح بين الزوجين، والبيع بين المتبايعين، وعقدة كل شيء إبرامه ثم قال واعتقد الشيء صلب واشتد، وقال البيضاوي {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥]، ذكر العزم مبالغة في النهي عن العقد أي ولا تعزموا عقدة النكاح، وقيل معناه ولا تقطعوا عقدة النكاح فإن أصل العزم القطع وقال القاسمي في تفسيره، قال الرازي أصل العقد الشد وسميت العهود والأنكحة عقودا لأنها تعقد كما يعقد الحبل، وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: ٨٩]، بما وثقتم الأيمان عليه بالقصد والنية والمعنى ولكن يؤاخذكم بما عقدتم إذا حنثتم أو بنكث ما عقدتم فحذف للعلم به وقرأ حمزة والكسائي وابن عياش عن عاصم عقدتم بالتخفيف وابن عامر برواية ابن ذكوان عاقدتم وهو من فاعل بمعنى فعل، اهـ.

وقال أيضا في تفسير قوله وتعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤] ومن شر النفوس أو النساء السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها، والنفث النفخ من ريق.

[بيان وجه الاحتجاج بما تقدم]

حاصله أن العقد هو الشد والربط والإبرام والتوثيق وضده الحل والنكث والنقض. وعقد واعتقد معناهما واحد، ويكون في الحسيات كعقد الخيط والحبل، وفي المعنويات كعقد النكاح والبيع اليمين والعهد والاعتقاد الذي نحن بصدده من القسم الثاني وهو المعنوي فاعتقاد الإنسان أمرا من الأمور، جزمه به وتصديقه وإيمانه فكأنه عقد الأيمان والتصديق بذلك الأمر بقلبه حين جزم به فلو كفر به لكان كفره حلا لما عقد ونقضا له وذلك يتنافى مع الظن المرجوح والمستوى الطرفين والغالب لأنه متى داخله شك في أمر من الأمور لا يصح أن يقال إنه يعتقده إلا مع البيان كقوله اعتقادا غير جازم، فإن قيل فماذا ينبغي أن يقال بدل ذلك؟ فالصواب ينبغي أن يقال: أظن مما تقدم من قوله تعالى حكاية عن الكفار: {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: ٣٢] ولما جاء في الخبر الصحيح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث" وقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: ٣٦].

كتاب تقويم اللسانين،ص:137إلى139.

Loading...