الْحَسَدُ " فَإِنَّهُ دَاءٌ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ لعدم قبول الحق.

الْحَسَدُ " فَإِنَّهُ دَاءٌ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ لعدم قبول الحق.

اللفظ / العبارة' الْحَسَدُ " فَإِنَّهُ دَاءٌ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ لعدم قبول الحق.
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي لا يجوز
القسم المناهي العملية
Content

وَمِنْ أَعْظَمِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ: " الْحَسَدُ " فَإِنَّهُ دَاءٌ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ، وَيَرَى الْحَاسِدُ الْمَحْسُودَ قَدْ فُضِّلَ عَلَيْهِ، وَأُوتِيَ مَا لَمْ يُؤْتَ نَظِيرُهُ، فَلَا يَدَعُهُ الْحَسَدُ أَنْ يَنْقَادَ لَهُ وَيَكُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِ. وَهَلْ مَنَعَ إِبْلِيسَ مِنَ السُّجُودِ لِآدَمَ إِلَّا الْحَسَدُ؟! فَإِنَّهُ لَمَّا رَآهُ قَدْ فُضِّلَ عَلَيْهِ وَرُفِعَ فَوْقَهُ، غُصَّ بِرِيقِهِ وَاخْتَارَ الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ بَعْدَ أَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ.

وَهَذَا الدَّاءُ هُوَ الَّذِي مَنَعَ الْيَهُودَ مِنَ الْإِيمَانِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَقَدْ عَلِمُوا عِلْمًا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَ بِالْبَيِّنَاتِ، وَالْهُدَى فَحَمَلَهُمُ الْحَسَدُ عَلَى أَنِ اخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ، وَأَطْبَقُوا عَلَيْهِ، وَهُمْ أُمَّةٌ فِيهِمُ الْأَحْبَارُ وَالْعُلَمَاءُ وَالزُّهَّادُ وَالْقُضَاةُ وَالْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ.

هَذَا وَقَدْ جَاءَ الْمَسِيحُ بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ وَلَمْ يَأْتِ بِشَرِيعَةٍ تُخَالِفُهَا وَلَمْ يُقَاتِلْهُمْ، وَإِنَّمَا أَتَى بِتَحْلِيلِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ تَخْفِيفًا وَرَحْمَةً وَإِحْسَانًا، وَجَاءَ مُكَمِّلًا لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاةِ، وَمَعَ هَذَا فَاخْتَارُوا الْكُفْرَ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُمْ مَعَ نَبِيٍّ جَاءَ بِشَرِيعَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ نَاسِخَةٍ لِجَمِيعِ الشَّرَائِعِ، مُبَكِّتًا لَهُمْ بِقَبَائِحِهِمْ، وَمُنَادِيًا عَلَى فَضَائِحِهِمْ، وَمُخْرِجًا لَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ، وَقَدْ قَاتَلُوهُ وَحَارَبُوهُ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَنْصُرُ عَلَيْهِمْ، وَيَظْفَرُ بِهِمْ، وَيَعْلُو هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ مَعَهُ دَائِمًا فِي سَفَالٍ، فَكَيْفَ لَا يَمْلِكُ الْحَسَدُ وَالْبَغْيُ قُلُوبَهُمْ؟ وَأَيْنَ يَقَعُ حَالُهُمْ مَعَهُ مِنْ حَالِهِمْ مَعَ الْمَسِيحِ، وَقَدْ أَطْبَقُوا عَلَى الْكُفْرِ بِهِ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى؟ وَهَذَا السَّبَبُ وَحْدَهُ كَافٍ فِي رَدِّ الْحَقِّ، فَكَيْفَ إِذَا انْضَافَ إِلَيْهِ زَوَالُ الرِّئَاسَاتِ وَالْمَأْكَلِ كَمَا تَقَدَّمَ؟.

كتاب هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى،ج:1،ص:246.



Loading...