حكم المجادل بالباطل ليرد الحق الذي جاءت به الرسل.

حكم المجادل بالباطل ليرد الحق الذي جاءت به الرسل.

اللفظ / العبارة' حكم المجادل بالباطل ليرد الحق الذي جاءت به الرسل.
متعلق اللفظ مسألة فقهية / عقدية
الحكم الشرعي كفر أكبر
القسم المناهي العملية
Content

فَالدِّينُ الْحَقُّ كُلَّمَا نَظَرَ فِيهِ النَّاظِرُ، وَنَاظَرَ عَنْهُ الْمُنَاظِرُ، ظَهَرَتْ لَهُ الْبَرَاهِينُ، وَقَوِيَ بِهِ الْيَقِينُ، وَازْدَادَ بِهِ إِيْمَانُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْرَقَ نُورُهُ فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ.

وَالدِّينُ الْبَاطِلُ إِذَا جَادَلَ عَنْهُ الْمُجَادِلُ، وَرَامَ أَنْ يُقِيمَ عُودَهُ الْمَائِلَ، أَقَامَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنْ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ صَاحِبَهُ الْأَحْمَقَ كَاذِبٌ مَائِقٌ، وَظَهَرَ فِيهِ مِنَ الْقُبْحِ وَالْفَسَادِ، وَالْحُلُولِ، وَالِاتِّحَادِ، وَالتَّنَاقُضِ.

والْإِلْحَادِ، وَالْكُفْرِ، وَالضَّلَالِ، وَالْجَهْلِ وَالْمُحَالِ، مَا يَظْهَرُ بِهِ لِعُمُومِ الرِّجَالِ أَنَّ أَهْلَهُ مِنْ أَضَلِّ الضُّلَّالِ، حَتَّى يَظْهَرَ فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهُ أَكْثَرُ الْعِبَادِ، وَيَتَنَبَّهُ بِذَلِكَ مِنْ سِنَةِ الرُّقَادِ مَنْ كَانَ لَا يُمَيِّزُ الْغَيَّ مِنَ الرَّشَادِ، وَيَحْيَا بِالْعِلْمِ وَالْإِيْمَانِ مَنْ كَانَ مَيِّتَ الْقَلْبِ لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِيِنَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ، فَإِنَّ مَا ذَمَّ اللَّهُ بِهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي كِتَابِهِ مِثْلُ تَكْذِيبِ الْحَقِّ الْمُخَالِفِ لِلْهَوَى، وَالِاسْتِكْبَارِ عَنْ قَبُولِهِ، وَحَسَدِ أَهْلِهِ، وَالْبَغْيِ عَلَيْهِمْ، وَاتِّبَاعِ سَبِيلِ الْغَيِّ، وَالْبُخْلِ، وَالْجُبْنِ، وَقَسْوَةِ الْقُلُوبِ، وَوَصْفِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِمِثْلِ عُيُوبِ الْمَخْلُوقِينَ، وَنَقَائِصِهِمْ، وَجَحْدِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ الَّتِي لَا يُمَاثِلُهُ فِيهَا مَخْلُوقٌ، وَبِمِثْلِ الْغُلُوِّ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْإِشْرَاكِ فِي الْعِبَادَةِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْقَوْلِ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الَّذِي يَجْعَلُ الْعَبْدَ الْمَخْلُوقَ هُوَ رَبُّ الْعِبَادِ، وَالْخُرُوجِ فِي أَعْمَالِ الدِّينِ عَنْ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وَالْعَمَلِ بِمُجَرَّدِ هَوَى الْقَلْبِ وَذَوْقِهِ وَوَجْدِهِ فِي الدِّينِ مِنْ غَيْرِ اتِّبَاعِ الْعِلْمِ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ، وَاتِّخَاذِ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ، وَالْعُبَّادِ أَرْبَابًا يُتَّبَعُونَ فِيمَا يَبْتَدِعُونَهُ مِنَ الدِّينِ الْمُخَالِفِ لِلْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١] .

وَمُخَالَفَةِ صَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَصَحِيحِ الْمَنْقُولِ، بِمَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِنَ التَّنَزُلَّاتِ الْإِلَهِيَّةِ، وَالْفُتُوحَاتِ الْقُدْسِيَّةِ، مَعَ كَوْنِهِ مِنْ وَسَاوِسِ اللَّعِينِ، حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهَا مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِ: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: ١٠] .

وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: ١٧٩] .

كتاب الجواب الصحيح لابن تيمية،ج:1،ص:88إلى91.





Loading...