فَالْعَامُّ: كَالَّذِينِ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ حَالٌّ فِي كُلِّ مَكَانٍ، أَوْ إِنَّ وُجُودَهُ عَيْنُ وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَلَّ، أَوِ اتَّحَدَ بِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوِ الْقَرَابَةِ، أَوِ الْمَشَايِخِ، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَكْفَرُ مِنَ النَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا بِالِاتِّحَادِ وَالْحُلُولِ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ.
وَمَنْ قَالَ بِالْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ الْعَامِّ، فَضَلَالُهُ أَعَمُّ مِنْ ضَلَالِ النَّصَارَى، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ بِقِدَمِ أَرْوَاحِ بَنِي آدَمَ، أَوْ أَعْمَالِهِمْ، أَوْ كَلَامِهِمْ، أَوْ أَصْوَاتِهِمْ، أَوْ مِدَادِ مَصَاحِفِهِمْ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، فَفِي قَوْلِهِ شُعْبَةٌ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى.
فَبِمَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ دِينِ النَّصَارَى وَبُطْلَانِهِ يُعْرَفُ بِهِ بُطْلَانُ مَا يُشْبِهُ أَقْوَالَهُمْ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْإِلْحَادِ وَالْبِدَعِ.
فَإِذَا جَاءَ نُورُ الْإِيْمَانِ وَالْقُرْآنِ أَزْهَقَ اللَّهُ بِهِ مَا خَالَفَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١] .
وَأَبَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ فَضَائِلِ الْحَقِّ وَمَحَاسِنِهِ مَا كَانَ بِهِ مَحْقُوقًا.
كتاب الجواب الصحيح ،ج:1،ص:95 إلى98.